يعرض معرض الحج الذي تنظمه مكتبة الملك عبد العزيز العامة بالتعاون مع معهد العالم العربي في باريس لزواره بالعاصمة الفرنسية أكثر من 230 قطعة متحفية تروي تاريخ رحلة الحج على مر العصور وما يرتبط بهذه الرحلة الإيمانية من قيم إنسانية وإسلامية، تؤصل لأسمى معاني المساواة والتسامح والتعاون بين ملايين المسلمين في جميع بلدان العالم على اختلاف جنسياتهم وأعراقهم ولغاتهم وتنوع ثقافاتهم. وتزدان جوانب المعرض الذي تستمر فعالياته مدة 3 أشهر كاملة بباقة من الأعمال الفنية والصور الفوتوجرافية لفنانين من مختلف دول العالم، استلهمت مشهد الحج والمعاني المرتبطة به، فضلاً عن كتابات الأدباء والمستشرقين التي تناولت هذا التجمع الإيماني الذي يجمع ملايين المسلمين في جميع أرجاء المعمورة، فضلاً عن نمازج من المجسمات للمشاريع الكبرى التي أنجزتها حكومة المملكة العربية السعودية من أجل راحة وأمن وسلامة الحجيج، وتيسير أدائهم مناسك الحج، التي كان لها أطيب الأثر في تحول الحج إلى رحلة إيمانية ميسرة لا تقارن بما كان يتكبده الحجاج من عناء ومشقة في أداء الفريضة بالماضي. وتشارك المملكة العربية السعودية بأكثر من 53 قطعة متحفية في فعاليات المعرض من مقتنيات مكتبة الملك عبد العزيز العامة والمتحف الوطني ومتحف جامعة الملك سعود ومعرض عمارة الحرمين الشريفين بمكةالمكرمة ومصنع كسوة الكعبة المشرفة، إلى جانب ما يزيد عن177 قطعة متحفية أخرى يتم عرضها بالمعرض من مقتنيات المتحف البريطاني ومتحف اللوفر ومتحف كي برانلي في باريس والمكتبة الوطنية الفرنسية ومكتبة جامعة لايدن الهولندية والجمعية الملكية الجغرافية في لندن ومتحف فيكتوريا وألبرت في بريطانيا وعدد كبير من صالات العرض المتحفي والفني في عدد من الدول العربية والإسلامية والأوربية. وتتوزع القطع المتحفية والمعروضات في معرض الحج بباريس في ثلاثة مسارات أساسية، يهدف الأول منها إلى التعريف بالحج كركن من أركان الإسلام وما يرتبط به من تراث إنساني عالمي منذ عهد نبي الله إبراهيم عليه السلام وبناء الكعبة المشرفة، وكذلك التعريف بطرق الحج عبر التاريخ، في حين يركز المسار الثاني على الحج باعتباره تجربة إيمانية وإنسانية عميقة الجذور وشرح مفهوم الحج إلى مكةالمكرمة وشعائر ومناسك الحج وتباين أهميتها للمسلمين في حين يركز المسار الثالث في معرض الحج على مدينة مكةالمكرمة بوصفها مدينة عالمية ذات طابع حداثي إلى جانب أهميتها الدينية والتاريخية، مع التركيز على التطور الكبير الذي شهدته مكةالمكرمة خلال المائة عام الماضية من تطور كبير ونقلة هائلة من خلال كم هائل من المشاريع التي قامت المملكة العربية السعودية بتنفيذها لخدمة الحجيج والارتقاء بمستوى الخدمات التي يحتاجونها خلال أداء فريضة الحج كل عام. وتضم لائحة القطع المتحفية التي يتم عرضها بمعرض الحج ضمن المسارات الثلاثة جزءاً من كسوة الكعبة المشرفة مصنوعاً من خيوط الحرير الطبيعي المطرز بخيوط الذهب والفضة ولوحة فنية مرسومة تصور الكعبة المشرفة كمركز للعالم في كتاب تاريخ الهند الغربية، ويعود تاريخها إلى 1650 ميلادية، بالإضافة إلى مجموعة من الخرائط لطرق الحج القديمة التي كان يسلكها الحجاج في طريقهم إلى مكةالمكرمة، منها خارطة شبه الجزيرة العربية من كتاب المسالك والممالك لابن حوقل وتعود إلى القرن الخامس عشر الميلادي في إيران . ومن القطع المتحفية الفريدة مؤشر القبلة والمصنوع في القاهرة عام 1582 من العاج والنحاس والذهب وهو من مقتنيات المتحف البريطاني، بالإضافة إلى مجسم للكرة السماوية بالحفر المقعر يعود تاريخ صناعته في مكةالمكرمة إلى عام 1573م وهو من مقتنيات قسم الخرائط بالمكتبة الوطنية الفرنسية، بالإضافة إلى عدد كبير من الصور الفوتوجرافية التي يرجع تاريخ بعضها إلى بدايات التصوير الضوئي. ويتصدر مجسم مشروع توسعة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز للمسجد الحرام والجاري تنفيذها حالياً ركن المعروضات التي تبرز جهود القيادة السعودية في هذا العهد الزاهر لخدمة حجاج بيت الله الحرام وإتاحة الفرصة لأكبر عدد ممكن من المسلمين لأداء فريضة الحج، ومعلومات دقيقة وموثقة عن هذه التوسعة التي تعد أكبر توسعة للمسجد الحرام على مر التاريخ، وتزيد الطاقة الاستيعابية للمسجد الحرام إلى أكثر من مليوني حاج ومصل في آن واحد، حيث تصل مساحة التوسعة إلى ما يزيد عن مليون متر مربع. وقد حرصت مكتبة الملك عبد العزيز العامة على إصدار ألبوم صور لهذه المشاريع بغلاف فني بديع على شكل الكعبة المشرفة، لإهدائه لزوار معرض الحج في باريس.