في مقال خطير مليء بالمزاعم والرؤي المضلِّلة والمضلَّلة طالب رئيس وزراء إسبانيا السابق خوسيه ماريا إثنار، الدول الغربية بدعم إسرائيل لأنها أقرب حلفاء الغرب في منطقة الشرق الأوسط المضطربة، زاعما أنه "إذا إنهارت إسرائيل إنهار الغرب". وفي مقاله المؤيد لإسرائيل بصحيفة "التايمز" اللندنية، اليوم، الذي حمل عنوان: "ادعموا إسرائيل لأنها إذا إنهارت إنهار الغرب" يصف إثنار الأزمة الناجمة عن الحصار الإسرائيلي لقطاع غزة، بأنها ليست سوى ضجة تهدف إلى تحويل الأنظار، رغم إقرار إثنار أن الدفاع عن إسرائيل ليس بالمهمة السهلة، ولا تلقى قبولاً شعبياً. ويطالب السياسي الإسباني السابق، الغرب بالابتعاد عن مشاعر الغضب خلال تعامله مع الأزمة، وإتخاذ موقف عقلاني ومتوازن، والأخذ بعين الاعتبار عدد من الحقائق، ومن بينها أن دولة إسرائيل أقيمت بقرار من الأممالمتحدة، وبالتالي لا مجال للتشكيك بشرعيتها، حسب إثنار، وإسرائيل لديها مؤسسات ديمقراطية راسخة ومجتمعها حيوي ومنفتح ومتفوق في عدد من المجالات، مثل الثقافة والعلوم والتقنية. كما أن جذور وتاريخ وقيم إسرائيل غربية، حسب رأيه، بكل معنى الكلمة، لكن ما يميزها أنها تواجه أوضاعاً غير اعتيادية، فهي الدولة الغربية الوحيدة التي تثار أسئلة عن شرعية وجودها منذ إقامتها. ويشير إثنار في مقالته المفعمة بالتعاطف مع إسرائيل، والاستماتة في الدفاع عنها، إلى أن هذه الدولة كانت عرضة للهجوم من قبل جيرانها، ثم تلا ذلك استهدافها بأعمال إرهابية تتوجت بموجات متتالية من الانتحاريين، وآخر الحروب التي تستهدف إسرائيل، حسب قوله، هي حملة نزع الشرعية عنها في المحافل الدولية والأوساط الدبلوماسية. ورغم مرور 60 عاماً على إقامة دولة إسرائيل، فإنها ما زالت تخوض الحرب دفاعاً عن وجودها في وجه الصواريخ التي تطلق عليها من الشمال والجنوب، والتهديدات بالإزالة من الوجود من قبل إيران، التي تسعى للحصول على السلاح النووي. ويدعي إثنار أن عدم الاستقرار في الشرق الأوسط، ليس له علاقة بالاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية، ورفضها الاعتراف بالحقوق الشرعية للشعب الفلسطيني، بل مصدره صعود التطرف الإسلامي، الذي يرى أن إزالة إسرائيل من الوجود، واجب شرعي، وإيران التي تطمح إلى الهيمنة على المنطقة، وهذان الأمران ليسا خطراً على إسرائيل وحدها، بل على العالم الغربي والعالم برمته. ويلفت إثنار النظر إلى أن نظرة الغرب مشوشة، وغير صائبة، إلى الأوضاع في الشرق الأوسط، وهو ما يتسم به أيضاً رد فعل الغرب على هذه الأوضاع حالياً، ويرى إثنار أن الغرب يحمل إسرائيل المسؤولية عن مآسي هذه المنطقة، حتى إن بعض الساسة الغربيين، يتصرفون ويتحدثون وكأن التوصل إلى تفاهم جديد مع العالم الإسلامي يمر عبر التضحية بوجود الدولة اليهودية. ويضيف أن أوروبا بدأت تفتقد وضوح الرؤية الاستراتيجية، وتشك في مبدأ حق إسرائيل في الوجود، ضمن حدود آمنة، وهناك إشارات إلى أن الولاياتالمتحدة بدأت تسير في الاتجاه نفسه. ويحذر إثنار الغرب من أن التراجع عن دعم إسرائيل وتركها تواجه مصيرها وحدها في هذه الظروف، ليس سوى دليل على مدى تراجع الغرب وضعفه. ويدعو إثنار إلى إطلاق مبادرة اسمها "أصدقاء إسرائيل" إلى جانب عدد من الشخصيات المعروفة في مجال السياسة والاقتصاد والفكر، مثل ديفيد ترمبل، وجون بولتون، والمفكر الكاثوليكي جورج ويزل، للدفاع عن إسرائيل. وليست مهمة هؤلاء الدفاع عن الحكومة الإسرائيلية وسياساتها، بل عن حق إسرائيل في الوجود والدفاع عن نفسها. ويختتم إثنار المقالة بالحديث عن جذور الحضارة الغربية، ويقول: إن "إسرائيل جزء أساسي من العالم الغربي، الذي يعود بالأصل إلى جذوره المسيحية اليهودية، وإذا غاب المكون اليهودي من هذه الحضارة واندثرت إسرائيل، فمصيرنا الضياع لأن مصيرنا متداخل بشكل لا فكاك منه". جدير بالذكر أن إثنار تولى منصب رئيس وزراء إسبانيا في الفترة من عام 1996 إلى عام 2004. وخسر الانتخابات في عام 2004 أمام مرشح الحزب الاشتراكي خوسيه لويس ثباتيرو. تميزت سياسات إسبانيا في عهده بقربها من السياسات الأمريكية، وقد أثار تصريحه بطلبه من المسلمين الاعتذار عن احتلال إسبانيا، العديد من ردود الفعل الغاضبة في أوساط المسلمين.