"ليس فقط كلْيَتي؛ حتى وإن أهديتها روحي لا أجازيها حقها"، بهذه العبارة تحدث "نايف العيسى" ابن ال 18عاماً، الذي زرع كليته في جسد والدته الشهر الماضي؛ ليسطر أروع صور البر، ويُنهي آلام الغسيل الدموي الذي عانت منه والدته على مدى ثلاث سنوات، وبرغم إصرار "أم نايف" أن تتحمل آلام الغسيل الدموي على أن لا يُشاك قدم ابنها بشوكة فتؤلمه، أقنعها أبناؤها الخمسة الذين تسابقوا لإجراء التحاليل ليقدموا كُلَاهم لوالدتهم، التي أبت أن تقبل بعرض أبنائها خوفاً عليهم؛ إلا أنه مقابل إصرارهم، وافقت الأم على مضض، ثم شاء الله ألا تتطابق العينات على الأربعة الكبار من أبنائها؛ ليفوز "نايف" -أصغر إخوته- بنيل شرف بِرّ والدته، وينزع من جسده كليته ويقدمها لها، وهو يقول: "كان همي أشوف أمي طيبة". وروى المتبرع نايف بن محمد أحمد العيسى، الطالب بالصف الثالث الثانوي بثانوية الأبناء الأولى بتبوك، ل"سبق"قصة تبرعه لوالدته وقال: "كانت تعاني والدتي من الفشل الكلوي على مدى ثلاث سنوات، وتُجري غسيل الكلى في الأسبوع ثلاث مرات، إضافة إلى الكمّ الهائل من الأدوية الذي تأخذه".
وتابع "العيسى": "قررنا أنا وأشقائي الأربعة -وهم أكبر مني سناً- أن نتبرع لوالدتي، برغم رفضها الشديد للفكرة؛ إلا أن قرارنا اتخذناه واتفقنا عليه؛ فكان كل واحد منا يريد التبرع لها؛ فتسابقوا للمستشفى لإجراء التحاليل، وبعد خروج النتائج لم تكن متطابقة على أشقائي الأربعة، وجاءت متطابقة عليّ أنا والحمد لله، وغمرتني فرحة لا توصف "لأنه كان همي أشوف أمي طيبة، كما همّ أشقائي أيضاً".
وأضاف "العيسى": "بعد تطابق العيّنات رفضت أمي أن أتبرع لها، وفشلت كل محاولاتنا في إقناعها؛ لأنها كانت خائفه عليّ، وعلى صحتي؛ برغم أنها بحاجة لزراعة كلية، ومع هذا كانت ترفض، واجتمع أشقائي وأقنعوها ووافقت على مضض، ويعلم الله كان خوفها عليّ أنا أكثر من نفسها".
وأردف "العيسى": "أجرينا العملية الزراعة في 12/ 6/ 1435ه في مستشفى الأمير سلمان العسكري، ونجحت العملية ولله الحمد، ولما أفاقت من العملية لم تسأل عن حالها أو وضعها الصحي، سألت عني مباشرة وطلبت رؤيتي؛ فوالله طلبها هذا فقط وهي بهذا الوضع يُشعرك معنى (الجنة تحت أقدام الأمهات)".
وعن وضعهما الصحي قال المتبرع: "الحمد لله لا تعاني والدتي من أي مضاعفات، وهي بصحة جيدة وأنا كذلك، والحمد لله أن قدّرَني أن أرُدّ ولو جزءاً يسيراً من أفضالها عليّ، وأسأل الله تعالى أن يُديم علينا العافية".
وقال "العيسى": "أشكر الله تعالى على نعمة الصحة والعافية، وأشكر والدتي الغالية التي وافقت على أن أتبرع لها بكليتي، وشكري لإدارة التعليم بمنطقة تبوك وإدارة مدرستي ثانوية الأبناء الأولى بتبوك، التي احتفت بي وكرّمتني، وشكري لمدير المدرسة الفاضل ناصر القحطاني".
وعن أمانيه، قال "العيسى": "أتمنى أن يتم قبولي في جامعة تبوك قسم الأحياء، أو أحصل على بعثة لإكمال دراستي".