تلقّت "سبق" تعقيباً من الهيئة السعودية للحياة الفطرية رداً على ما تطرّقت له زاوية "سبق تقول للمسؤول" تحت عنوان "يا رئيس الهيئة السعودية للحياة الفطرية: الأنظمة ضعيفة.. والتصريحات حِبر على ورق"؛ فيما يلي نصه: "تودّ الهيئة السعودية للحياة الفطرية أن توضح أن حكومة خادم الحرمين الشريفين الرشيدة -أيدها الله بنصره- قد أنشأت أجهزة متخصصة للحفاظ على البيئة والثروات الفطرية، وسنّت لهذه الغاية أنظمة وآليات للمحافظة عليها، ونحن جميعاً أبناء وبنات المملكة العربية السعودية مسؤولون أمام الله عز وجل ثم أمام ولاة الأمر -أيدهم الله بنصره- عن كل ما فيه مصلحة ورفعة الوطن، وإن مقدرات الوطن بما فيها الثروات الطبيعية أمانة في رقابنا جميعاً.
وكما هو معمول به في دول العالم؛ فإن كل جهاز حكومي له إطار وصلاحيات ومهام تنفيذية محددة بنظام تشكيل هذا الجهاز، ولا يجوز له التدخل في صلاحيات الأجهزة الأخرى لمنع الازدواجية والتضارب فيما بينها، وفي المملكة العربية السعودية فإن الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة مَعنِيّة بتطبيق النظام العام للبيئة، ووزارة الزراعة مسؤولة عن تطبيق نظام الغابات والمراعي، ووزارة الداخلية مسؤولة عن ضبط مخالفات نظام صيد الحيوانات والطيور البرية، أما الهيئة السعودية للحياة الفطرية فتتولى إدارة المناطق المحمية؛ بحسب ما يحدده نظام المناطق المحمية للحياة الفطرية، إضافة إلى مهام أخرى يحددها النظام.
من ذلك يتضح أن ما نُشر في صحيفة "سبق" الإلكترونية، فيه خلط لمهام ومسؤوليات الأجهزة الحكومية المعنية بالمحافظة على البيئة والحياة الفطرية، والذي ترك انطباعاً لدى القارئ بأن الهيئة السعودية للحياة الفطرية مسؤولة عن جميع تلك المهام والاختصاصات، وهذا يندرج تحت المقولة "إن كنت لا تدري فتلك مصيبة وإن تدري فالمصيبة أعظم".
أما مسألة تسليح الجوّالين، وإنشاء شرطة بيئية؛ فهذا ليس من صلاحيات الهيئة، وهي مَن اقترح إنشاء شرطة البيئة منذ عدة سنوات؛ إيماناً منها بأهمية وجود جهاز يطبّق جميع الأنظمة البيئية، وقد رفعت الهيئة للجهات المعنية بطلب إقرار ذلك، إضافة إلى أن الهيئة طلبت تعديل نظام المناطق المحمية للحياة الفطرية، ورفع حد العقوبات فيه لتكون رادعة، وهو يُدرس الآن من الجهات المختصة.
إن مشكلة المخالفات السافرة المُبَالغ فيها ضد "البيئة" و"الحياة الفطرية" يرجع إلى عدة عوامل أهمها: تدني مستوى التنشئة بالاهتمام بالبيئة ومكوناتها الطبيعية في البيت، وهذا دور التعليم، بالإضافة إلى تدني مستوى تطبيق الأنظمة ذات العلاقة بحماية البيئة؛ الأمر الذي شجّع المخالفين وتطورت تلك المخالفات إلى جرائم وإرهاب ضد البيئة.
ونحن نعمل دائماً مع الجهات المعنية للتصدي لهذا النوع من الإرهاب، وعلاج تلك المخالفات هو في ثالوث التربية والتعليم وتطبيق النظام الذي نحتاجه للحفاظ على مقدّرات الوطن وثرواته الطبيعية.
ونحن دائماً نتطلع إلى أن نقرأ في صحافتنا الانتقادات الهادفة والبنّاءة المبنية على ثقافة الاطلاع ومعرفة اختصاصات ومهام الجهاز الذي يتم نقده؛ فالصحافة مرآة المجتمع، ويجب أن تعكس همومه بوعي ومصداقية وشفافية.
وفي هذا المقام فإننا ننصح صحيفة "سبق" بأن تكون سبّاقة في نشر الأخبار والمقالات الهادفة، وليس الإثارة غير الصادقة وغير المنطقية، وكذلك نتطلع إلى دور أكبر للصحافة في المساهمة معنا في التوعية الهادفة للمحافظة على البيئة والحياة الفطرية، من خلال التعامل الرشيد والدائم مع جميع مخلوقات الله، كما جاء في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، والتراث العربي الأصيل، وكما كان عليه آباؤنا وأجدادنا.
لقد سبق للهيئة أن أوضحت لصحيفة "سبق" المهام والاختصاصات المخوّلة نظاماً للهيئة؛ إلا أن الذي فاجأنا في هذا المقال هو أن تطلب "سبق" منا تجاوز اختصاصاتنا ومهامنا إلى اختصاصات الأجهزة الحكومية الأخرى، وهذا ما لا يُقره النظام وما يخالف المصلحة العامة.
ونحن نعمل دائماً مع الجهات الحكومية -وعلى رأسها وزارة الداخلية- للتصدي والقبض على هؤلاء المعتدين على ثروات الوطن الطبيعية، وهناك -ولله الحمد- بعض الإنجازات التي نفتخر بها في هذا المجال؛ منها إلقاء القبض على من تسببوا في مجزرة المها والظباء في الربع الخالي منذ عدة سنوات، وكذلك إلقاء القبض على مرتكب مجزرة الضبان من خلال وسائل الأمن التابعة لوزارة الداخلية الموقرة مشكورة، كما أن الهيئة من خلال مراقبتها وحراستها للمحميات تُلقي القبض على عشرات من المخالفين في المحميات سنوياً، وتتم محاكمتهم وفق النظام.
إن التصريحات التي تنسبونها للهيئة بأنها حِبر على ورق تتنافى مع ما بيّناه في تصريحاتنا، بأننا نتطلع إلى أن ننضبط جميعاً بالضوابط الإسلامية التي تحثّنا على التعامل مع البيئة والتنوع الإحيائي بطرق حضارية مستدامة كما وجّهَنَا الخالق عز وجل في محكم كتابه عندما قال سبحانه وتعالى: {وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين}، وكذلك قوله تعالى: {ولا تُفسدوا في الأرض بعد إصلاحها}.
ونُبَشّركم بأن هناك إخوة وأخوات كثيرين من مجتمعنا السعودي النبيل قد تجاوبوا معنا كعادتهم من قبلُ في الوقوف في وجه المعتدين على مصالح الوطن، ومن خلال التجاوب الصادق والمخلص لله ثم المليك والوطن، تم الإبلاغ عن مخالفات كثيرة؛ من ضمنها أشنع مخالفتين في حق الحياة الفطرية في السنوات القليلة الماضية، وآخرها إلقاء القبض على مرتكب مجزرة الضبان التي تمت مؤخراً.
وإن الهيئة -بما لديها من إمكانات- تسعى جاهدة لتأدية واجباتها الوطنية النبيلة تجاه التنوع الإحيائي في المملكة، والمحافظة على مواطنه الطبيعية في المحميات؛ من خلال قوة الحماية (الجوالين) التابعة للهيئة، والذين يتعرضون لمجابهة المخالفين المسلحين في كثير من الأحيان، وقد تعرّض عدد من الجوالين إلى إطلاق نار وإصابتهم بطلق ناري؛ مما أدى إلى وفاة أحدهم أثناء القيام بالواجب.
كذلك فالهيئة لديها برامج بحثية متعددة في أنحاء المملكة بشراكة مع بعض الجامعات السعودية والباحثين من دول العالم، والبرامج التوعوية للهيئة مستمرة؛ حيث تقوم بنشاطات عدة في مجالات المعارض؛ حيث أقيمت مجموعة من المعارض التوعوية في السنوات الأخيرة تجاوزت العشرات، وبرامج زيارات المدارس في المدن والقرى المحيطة بالمحميات وزيارة كثير من وفود المدارس لمركز الزوار بالهيئة، إضافة إلى ما أعد من مقالات صحفية من الهيئة ومن خارجها، بالتعاون مع كثير من الكتّاب في وسائل الإعلام مشكورين.
وكذلك يقوم مركز التدريب في الهيئة بتدريب منسوبي الهيئة ومنسوبي بعض الجهات الحكومية الأخرى؛ للإسهام في رفع مستوى الوعي البيئي، وكذلك قيام الهيئة بتنفيذ ملتقيات عدة كل سنة مع المواطنين من المجتمعات المحلية القريبة من المناطق المحمية؛ بهدف إشراك المواطن في الرأي حول إدارة المحميات، وإيضاح رسالة الهيئة لهم، ونحن نعلم جيداً أننا مهما فعلنا فنحن في الهيئة مقصرون، ونَعِي أوجه قصورنا، وتعمل الهيئة جاهدة على معالجتها، وقد ذَكَرْنا ذلك في جميع المقابلات الصحفية والتلفزيونية بما في ذلك صحيفة "سبق"، وهذا التقصير لا يعني عدم الإخلاص أو التهاون بالمهام الوطنية النبيلة الموكلة للهيئة؛ ولكن هناك معوّقات كثيرة ستذلل بإذن الله؛ بدعم حكومة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده وسمو ولي ولي العهد -يحفظهم الله- ومؤازرة إخواننا من بناء هذا الوطن الأبيّ، الذين هم الشريك الأول والأهم لجميع أجهزة الدولة التي نتطلع لمؤازرتهم".
وحمل البيان توقيع رئيس الهيئة السعودية للحياة الفطرية بندر بن سعود بن محمد آل سعود.