لم يجد مريض نفسي بمحافظة أحد المسارحة جنوبجازان، مكاناً للعيش فيه سوى الهيم في الشوارع، والنوم والقيلولة في غرف الصرافات البنكية والأماكن العامة، واقتسام الأكل والشرب مع القطط والكلاب الضالة، بعد أن عجزت أسرته عن السيطرة عليه بسبب مرضه. حيث إنه قد يتحول إلى خطر يهدد حياته وحياة الآخرين بالموت، ليعيد للأذهان سيناريوهات حادثة أبو "ملعقة" الشهيرة، والتي وقعت بسويدي الرياض، وراح ضحيتها وافد من الجنسية الهندية، قبل أشهر عدة.
"سبق" تتبعت المريض "ح. دحيقي" وتمكنت من التواصل مع شقيقه، حيث أكّد أنه يبلغ من العمر 40 عاماً، ويعاني اضطرابات نفسية وسلوكية منذ زمن، وله ملف في المصحة النفسية، على حد ما ذكر.
وقال إنهم لم يعودوا يستطيعون السيطرة عليه، بسبب المرض النفسي الذي يعانيه فتجده يهيم في الشوارع، وفي بعض الأوقات يقوم بخلع ملابسه، ويحاول تخويف المارة وتهديدهم بالعصي، مشيراً إلى أنه يغيب عن المنزل لأيام.
وذكر أنه في إحدى المرات، قبض عليه من قِبل الجهات الأمنية اعتقاداً منهم أنه مجهول هوية، موضحاً: تمكنا من اللحاق به قبل خروجه من السعودية إلى اليمن، وبالتحديد في منفذ "الطوال".
وناشد "شقيقه" الجهات المعنية بالأمر، بمساعدتهم في احتوائه، وتقديم الرعاية المناسبة له؛ حتى لا يروح ضحيته أحد الأبرياء، أو يكون ضحية لنفسه بالانتحار أو ما شابه ذلك.
"سبق" بدورها تواصلت مع الناشط الحقوقي والمشرف على فرع الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان بجازان أحمد بن يحيى البهكلي، حيث أبدى تفاعلاً كبيراً مع قضية "دحيقي"، وطلب من "سبق" تزويده بأرقام أحد أفراد أسرته للتواصل معه.
ووعد بعرض قضيته على الجهات المختصة فوراً، لإيجاد حل مناسب ينتشله من الشوارع، ويحد من خطره. وقال: المشكلة تقع على عاتق الجميع.. الأسرة والجهات ذات العلاقة، وشكر "سبق" على إبراز قضية "دحيقي" إعلامياً.
وكان استشاري الطب النفسي الدكتور رشاد السنوسي، قد حذر من الخطر الذي يلاحق المشردين من المرضى النفسيين، وقال ل"سبق": هناك مرضى نفسيون لا يجدون المأوى ويهيمون في الشوارع، وأغلبهم يعانون الأمراض الذهانية الشديدة كالانفصام والضعف العقلي فوق المتوسط.
وبيّن أن الاضطرابات العقلية الموجودة لديهم، تجعلهم عرضة للاستغلال المادي والجنسي وللأمراض وحوادث السيارات، وأشار إلى أن من يشكلون خطراً من النفسيين هم الذين يتعاطون المخدرات، بالإضافة إلى مرضهم النفسي.
وأوضح أن المرضى النفسيين لا يحتاجون إلى التنويم الطويل بالمستشفيات النفسية، بل هم في حاجة إلى عناية اجتماعية وتمريضية، وبعض الإشراف الطبي عند اللزوم.
وانتقد "السنوسي" مواقف بعض الأسر، وقال: للأسف هناك تقصير كبير من أسر بعض هؤلاء المرضى، وهذا التقصير يزيد حالياً خصوصاً في ظل الأوضاع الاجتماعية الجديدة التي قلّ فيها الدعم والترابط الأسري والشعور بالمسؤولية تجاههم.