أكمل التلفزيون السعودي صباح بث اليوم عامه الخمسين، حيث قام بعرض عدد من البرامج التي أظهرت ذكريات الماضي في عدد من البرامج التلفزيونية. من جانبه، أكد كبير مصوري التلفزيون السعودي سلمان الشميمري الملقب ب"أبو المصورين"، أن مرور 50 عاماً من إنشاء الإذاعة والتلفزيون تحمل مراحل كفاح ونجاح وتطور مستمر للشأن الإعلامي بشكل عام، والشأن الإذاعي والتلفزيوني على وجه الخصوص.
وقال "الشميمري": "أتذكر أن مشوار بناء التلفزيون السعودي كان قد سجَّل تاريخاً مشرفاً، على الرغم من أن تلك الحقبة التاريخية كانت قد شهدت قلة تواجد أجهزة التلفزيون في منازل المواطنين، بالإضافة إلى عدم وجود قنوات تلفزيونية منافسة".
وأضاف "أبو المصورين": "كانت بدايات التلفزيون في عهد المحطات التلفزيونية القديمة عام 1385ه تفتقر تواجدها في منازل المواطنين، كما كان التلفزيون عبارة عن محطتين فقط هي محطة تلفزيون الرياض ومحطة تلفزيون جدة، بينما كان في المنطقة الشرقية محطة تلفزيون تسمى ب"تلفزيون أرامكو"، وبعد إنشاء هذه المحطة بأقل من سنة ونصف أنشئت محطة تلفزيون الدمام، والتي كان يبدأ فيها البث من الساعة السادسة مساءً وحتى الحادية عشرة ليلاً، تتخللها نشرة أخبار مفصلة على الهواء مباشرة".
وأشار "الشميمري" إلى أنه وبعد إنشاء محطة تلفزيون الدمام أعقبتها إنشاء محطة القصيم ومحطة تلفزيون أبها.
وبيَّن أن المرحلة الثانية شهدت إنشاء محطة تلفزيون المدينةالمنورة، وذلك بعد إنشاء محطة الدمام، وقبل البدء في إنشاء محطتي القصيم وأبها، حيث جاءت هذه المرحلة ليتم من خلالها مرحلة (توحيد البث)، فأصبحت محطة منطقة الرياض هي المحطة الرئيسة، والتي من خلالها ينطلق البث لجميع المحطات الأخرى في جميع مناطق المملكة، حيث أطلق عليها بعد ذلك "تلفزيون المملكة العربية السعودية".
وسرد "الشميمري" قصة التحاقه بالتلفزيون السعودي، مشيراً إلى أن حبه وعشقه له كان منذ نعومه أظافره، وكان متابعاً بشغف كبير لكل ما يتم بثه عبر الإذاعة والتلفزيون، حتى التحق بجامعة الملك عبد العزيز في منطقة جدة في كلية الإعلام تخصص راديو وتلفزيون، وبعد تخرجه الجامعي التحق بالعمل في التلفزيون والإذاعة في ذلك الوقت، حيث إن من عمل في تلك الحقبة التي تعود للثمانينيات الميلادية يتذكر جيداً المقابلات الشخصية بلجان مهنية تصقل موهبة العاملين والملتحقين بسلك الإذاعة والتلفزيون.
وأردف "الشميمري": خصَّص الملك فهد بن عبد العزيز -رحمه الله- في ذلك الوقت مكرمة ملكية وهي صرف مبلغ 50 ألف ريال لجميع من يلتحق بالعمل في أي جهة حكومية، وخصوصاً لمن يلتحق بالعمل في الإذاعة والتلفزيون حيث كانت تلك الفترة تواجه نقصاً كبيراً في الكوادر الوطنية، مما أسفر عن التحاق أعداد كبيرة للعمل في الإذاعة والتلفزيون، حيث قُدمت لهم الدورات التدريبية المكثفة، وكذلك تم ابتعاث أعداد كبيرة منهم للدراسة بالخارج، وعادوا بخبرات مميزة أسهمت في تطور العمل الإعلامي خصوصاً في الإذاعة والتلفزيون.
وختم "أبو المصورين" في التلفزيون السعودي حديثه بسرد قصة وقوعه على ظهره أمام صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز -حفظه الله- إذ يقول "الشميمري": تلك لحظة لن أنساها طوال حياتي؛ فهي من أكثر المواقف المحرجة التي تعرضت لها، فأتذكر أنني في إحدى المناسبات كنت أحمل الكاميرا على كتفي، وأمامي ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز أطال الله في عمره، حيث كنت وقتها أتحرك للخلف لالتقاط صور له وهو متجه للخروج، وفي تلك اللحظة تعلقت قدمي بشيء ما، مما أسفر عن سقوطي على ظهري أمام سمو الأمير، الأمر الذي جعله يحكي كثيراً عن ذلك الموقف، ووقعت حينها في موقف محرج لن أنساه طوال حياتي، أما تلك الكاميرا فقد تهشمت وسلمت من وقوعها عليَّ.
من جانبه، قال مدير إدارة التنفيذ بإذاعة الرياض وكبير المذيعين يحيى بن ناصر الصلهبي إن عمره في إعداد وتقديم البرامج لا يتجاوز خمساً وعشرين سنة، حيث لا يستطيع الحكم على بداية بث الإذاعة والتلفزيون، ولكن الذي يشهده هو قفزة حقيقية نحو الإعلام الإذاعي والتلفزيوني المحترف.
وأضاف "الصلهبي": لكنني أعلم جيداً ما أولته القيادة الرشيدة -حفظها الله- فيما يختص بالإذاعة والتلفزيون، حيث قدَّمت قيادتنا الرشيدة اهتماماً ورعايةً بالغةً شأنها شأن كل قطاعات الدولة الأخرى، إلا أن الإذاعة والتلفزيون كانا على رأس هذا الاهتمام وتلك الرعاية؛ نظراً لما يمثله الإعلام المتمثل في هذين القطاعين من أهمية في عصرنا الحاضر، سواء على مستوى الطرح داخلياً وخارجياً.
وأردف "الصلهبي": لعل ثمرة هذا الاهتمام من قبل القيادة الرشيدة هو قرار تحويل الإذاعة والتلفزيون إلى هيئة، وانسلاخها عن وزارة الإعلام؛ لكي تُعطى المرونة الكافية التي تسمح للإذاعة والتلفزيون بمواكبة الركب، والانطلاق إلى آفاق أرحب من العمل الإعلامي المحترف.
وذكر أنه تمكَّن من الالتحاق بالتلفزيون أولاً عن طريق التعيين الرسمي من قبل ديوان الخدمة المدنية سابقاً كموظف بمسمى "معد برامج".
وتابع: أما نقطة الانطلاق التي كانت نقطة التحول في حياتي العملية فهي قبولي مذيعاً في إذاعة الرياض بعد تجاوز كل الاختبارات والتجارب الصوتية والأدائية، رغم أني أيضاً سبق أن تجاوزت تلك التجارب صوتاً وصورة في التلفزيون، ولكن حبي للميكرفون الإذاعي حوَّل بوصلة الاهتمام لديَّ إلى الإذاعة التي أدين لها بالفضل دائماً بعد الله تعالى فيما وصلت إليه حتى الآن.
وأشار مدير إدارة التنفيذ بإذاعة الرياض وكبير المذيعين إلى أن الإذاعة والتلفزيون السعوديين قبل خمسين عاماً كانا في حالة مخاض صعب حينها؛ نظراً للإمكانات المحدودة فنياً وبشرياً إلى جانب تردد المجتمع في قبول هاتين الوسيلتين عند بداية انطلاقهما، ولكن بعزيمة الرجال ومن خلفهم القيادة الرشيدة انطلقت الإذاعة والتلفزيون بخطى حثيثة نحو المستقبل الذي نعيشه اليوم، سواء على مستوى الكوادر الفنية والأجهزة التقنية أو على مستوى الإنتاج إعداداً وتقديماً وإخراجاً، فضلاً عن المضامين والطرح التفاعلي مع المجتمع وتعزيز اللحمة الوطنية ومواكبة القفزة التنموية في البلاد.
وختم "الصلهبي" حديثه بقوله: إن مسيرة خمس وعشرين سنة في الإعلام أكسبتني علاقة وطيدة مع الميكروفون الذي صادفتني فيه الكثير من المواقف المفرحة حيناً والمحرجة حيناً آخر، سواء أثناء تقديم البرامج أو النقل الحي للمناسبات الوطنية والدينية والتي مرَّت بسلام والحمد لله، بالإضافة إلى بعض مواقف مع زملاء أثناء تقديم البرامج، والتي غالبها ينم عن ألفة ومحبة بيننا وتنافس شريف على تقديم الأفضل.
يُذكر أن وزير الثقافة والإعلام رئيس مجلس إدارة هيئة الإذاعة والتلفزيون، الدكتور عبد العزيز خوجة سيرعى الليلة نيابة عن خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود، الحفل الذي تنظمه الهيئة بمناسبة مرور 50 عاماً على بدء البث الإذاعي والتلفزيوني في السعودية، وذلك بمركز الملك فهد الثقافي بالرياض، وسط حضور إعلامي كبير على المستويَين المحلي والعربي، وبرعاية إلكترونية من "سبق".