في مخالفة صريحة للأعراف الصحفية واحترام قوانين الدول، وصفت صحف إسرائيلية وبريطانية وأمريكية خبرا صغيرا عن إعتداء فتاة سعودية على أحد رجال هيئة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر "على أنه عمل بطولى يقف وراءه الرأى العام في المملكة". التقارير الصحفية بدأتها صحيفة " جورزاليم بوست " الإسرائيلية يوم 17 مايو 2010، وتلاه يوم 18 مايو ، تقريران لصحيفتى " ديلى ميل " البريطانية و " هفنتون بوست " الأمريكية. وتكشف التغطية المتحيزة لخبر صغير عداوة وسائل الاعلام للمملكة وتلوين الاخبار ,ضاربة عرض الحائط بمواثيق الشرف الصحفية ,والمخالفات الصريحة للأعراف المهنية والصحفية، وحجم الدعايات المضللة ضد المملكة عموما، وهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بوجه خاص. البداية كانت خبر قصيرا لا يتعدى بضعة أسطر نشرته صحيفة " عكاظ " ، تحت عنوان " فتاة تعتدي على عضو هيئة الأمر المعروف " وجاء في الخبر الذى أعده الزميل الصحفى عبد الهادي السماعيل " تحقق شرطة المبرز في شكوى اعتداء مواطنة عشرينية على عضو في هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالضرب البارحة الأولى، إذ سددت لكمات نافذة إلى وجه وجسد العضو تم على إثرها نقله إلى مركز طبي لتلقي العلاج، وتعود تفاصيل الحادثة عندما اشتبه عضو الهيئة في الفتاة التي كانت برفقة شاب في منتزه ترفيهي، خصوصا بعد ملاحظته تصرفات غير لائقة بين الطرفين. وعند توجه عضو الهيئة إليهما للتثبت من هويتهما وطبيعة العلاقة بينهما، انهار الشاب فيما أطلقت الفتاة العنان لقبضة يديها. وأوضح الناطق الإعلامي في شرطة المنطقة الشرقية الملازم محمد الشهري، أن هيئة الأمر بالمعروف هي الجهة المسؤولة والمعنية بالتصريح حول القضية . وحاولت «عكاظ» الحصول على رد حول القضية من الناطق الإعلامي للهيئة في المنطقة الشرقية الشيخ علي القرني، بيد أنه لم يتجاوب مع الاتصالات المتكررة." الى هنا إنتهى الخبر الذى نشرته الزميلة عكاظ، لكن وفي نفس اليوم 17 مايو 2010 ، قدمت صحيفة " جورزاليم بوست " تقريرا مطولا، نقلته اليوم 18 مايو، صحيفة " ديلى ميل " البريطانية وجاء فيه " . عندما كان رجل الشرطة الدينية السعودى في أحد المتنزهات بمدينة الهفوف بالمنطقة الشرقية، يسأل شاب وفتاة يسيران معا عن هويتهما، تلقى الرجل مفاجأة مؤلمة حين قامت الفتاة بالإعتداء عليه." وأضاف التقرير في التفاصيل: ان الشاب بصحبة الفتاة سقط مغشيا عليه، لأسباب غير واضحة!!! وقبل أن يتمكن رجل الهيئة من فعل أى شيئ آخر، أنقضت عليه الفتاة – التى يعتقد أنها في منتصف العشرينيات- وطرحته أرضا، ثم قامت الفتاة بكيل اللكمات له في وجهه ونصفه الأعلى . وقال التقرير: لقد كان الإعتداء على رجل الهيئة قويا، حتى انه قد تم نقله الى المستشفى لتلقى العلاج من كدمات شديدة في وجهه، واضافت الصحيفة : لم يصدر تصريح عن " الهيئة " او الشرطة المحلية عن الإعتداء الذى انتشرت أخباره في الصحافة المحلية السعودية، حسب الصحيفة. وعلق التقرير على الواقعة : إذا ثبت إعتداء المرأة على رجل الهيئة، ربما تتعرض المرأة للسجن لفترة طويلة أو الجلد، وربما العقوبتين معا، " لكن يبدو ان الرأى العام السعودى يدعم المرأة بصلابة" . ونقل التقرير الذى نشر في صحيفتى " جورزاليم بوست " الإسرائيلية و " ديلى ميل " البريطانية" عن تقرير آخر لوكالة " ميديا لاين " الأمريكية مقابلة مع الناشطة السعودية وجيهه الحويدر، قالت فيها " ان الناس قد ضاقت بما تفعله هيئة الأمر بالمعروف، وحان الدور على رجال الهيئة ليدفعوا ثمن إهانتهم للناس سنوات وسنوات " . واضافت الحويدر : " ان تقاوم أمرأة رجال الهيئة، فهذا يعنى الكثير، لكن هذه مجرد البداية فقط وسوف يكون هناك المزيد " . وتردد الصحيفة مجموعة من الأكاذيب في خلط واضح : حسب القوانين السعودية فان المرأة لا تستطيع مخالطة الرجال في الأماكن العامة وممنوع عليها قيادة السيارة، والمرأة لا تستطيع أيضا ان تطلق زوجها، ولا ترث وليس لها حق الحضانة على أطفالها، ويجب ان يصاحبها احد اقاربها من الرجال اينما ذهبت، والهيئة هى الجهة المكلفة بإنفاذ كل هذه القوانين. وحسب الصحيفة: فان المقاومة المتنامية لهذه الإجراءات، تعود الى الإنترنت ووسائل الإعلام، وتستدل بمقابلة لوكالة " ميديا لاين " الأمريكية مع ناشطة حقوق الإنسان والباحثة في حقوق المرأة، نادية خليف التى قالت " هناك نوع من التغيير، لكن من غير الواضح ما الذى يحدث، فالأمر لن يأتى هكذا بين عشية وضحاها ". وفي صحيفة " هفنتون بوست " الأمريكية علقت محللة السياسية الخارجية الأمريكية تايلور مارش على نفس الواقعة – التى نشرت تفاصيلها - بقولها " من الواضح ان الرأى العام السعودي يساند المرأة، التى أدعوها " بطلة " وما حدث يكشف عن لمحة من التغيير تحدث في المملكة، ورغم ان التغيير غير كاف بالمعايير الغربية، لكن وقوف الرأى العام وراء ما قامت به الفتاه، أمر يستحق الدعم بالتأكيد ". وتضيف مارش محذرة :" لكن تداول الواقعة بقوة في الإعلام السعودى !!!، ربما يمهد لعقاب الفتاة، والدور الآن على السعوديات، اللاتى لديهن بطلة، وعليهن حمايتها " . وتطرح " سبق " ما كتبته صحيفة " عكاظ " من بضعة أسطر، وما حولته الصحف والوكالات من إعتداء على ممثل الدولة والقانون والنظام " رجل الهيئة " والذى تعاقب عليه الدول الغربية نفسها، الى عمل بطولى يستحق الإشادة، في مخالفة صريحة لاحترام قوانين الدول الأخرى. الصورة من تقرير صحيفة جورزاليم بوست الإسرائيلية .