وصف استشاري تأهيل ومدير مستشفى التأهيل بمدينة الملك فهد الطبية في الرياض الدكتور أحمد أبو عباة، الحوادث المرورية بأنها تمثل "طاعون العصر الحديث"، لافتاً إلى أن وصول عدد الإعاقات اليومية جراء الحوادث إلى 35 إعاقة جديدة يومياً في المملكة رقم غير مستغرب، نظير سلوكيات بعض السائقين اليومية وتجاوزاتهم لكل الأنظمة والقوانين المرورية، وقيادتهم دون أي مبالاة أو مسؤولية تجاه الآخرين. وأضاف أن الحوادث المرورية باتت مرضاً متفشياً في المجتمع، وعدواً شرساً للمجتمع وللاقتصاد الوطني، وإحدى الهموم التي يعيشها الجميع، لما تسببه من مآسٍ وإعاقات وخسائر تصل للموت، لافتاً إلى أن أول ما يفعله لدى وصوله إلى مقر عمله، هو شكر الله على وصوله سالماً لما يراه يومياً من تجاوزات، وقطع إشارات حمراء، واصفاً في الوقت ذاته القيادة في شوارع العاصمة الرياض ب"سباق الحلبات" للسرعات الكبيرة التي يقود بها البعض، وللتجاوزات الخاطئة، وللشد العصبي الكبير الذي يسببونه لمن حولهم.
وتابع خلال الحلقة الرابعة من برنامج "يعطيك خيرها" الذي يقدمه الإعلامي المتميز صلاح الغيدان برعاية إلكترونية من صحيفة "سبق": أعرف الكثير ممن فقدوا أحباءهم وأبناءهم وعائلهم من خلال عملي بالمستشفى، وكل ذلك ناتج عن عدم احترام البعض لقوانين المرور، والسرعة، واللامبالاة التي يقودون بها سياراتهم، وما يسببونه من ألم، أضف إلى ذلك إهمال الكثيرين لأدوات السلامة داخل السيارة كحزام الأمان مثلاً، وعدم تصور الشخص ذاته بأنه من الممكن أن يتعرض لحادث في أي لحظة من اللحظات، وهو أمر يجب أن نضعه جميعنا في الحسبان فلا أحد يعلم الغيب سوى الله.
وبيّن أن أشد الإصابات التي من الممكن أن يتعرض لها المصاب في الحادث المروري وتسبب له إعاقة دائمة، هي إصابة الحبل الشوكي وانقطاعه، وكل بحسب درجة الانقطاع، مؤكداً أن الإعاقة لا تقف عند عدم القدرة على الحركة، فالمصابون بالشلل درجات، فمنهم من يفقد الإحساس بالأشياء، بالإضافة إلى استخدام قسطرة داخلية لعملية التغوط، ومنهم من لا يستطيع ممارسة حياته الزوجية، متمنياً من الجميع تخيل حالة واحدة فقط من جميع الحالات التي ذكرها، وهي أن يتخيل الشخص نفسه معوقاً وغير قادر على الاعتماد على نفسه، وعدم قدرته على التغوط، وهو أمر يسبب معاناة شديد للمعوقين، وهذا التصور يجب أن يجعل الشخص يتأنى في قيادته لسيارته، والالتزام بقوانين المرور وأنظمة السلامة، لتجنب مضاعفات الحوادث والإعاقات.
وأشار إلى أن إصابة الرأس تأتي في الدرجة الثانية، حيث كشفت إحصائية لمدينة الملك عبد العزيز الطبية، أن نسبة 64% من الحالات التي يتم مباشرتها وتكون الإصابة في الرأس هي بسبب الحوادث المرورية، مبيناً أن الكسور بمختلف أنواعها، تأتي في المرتبة الثالثة، وأخيراً البتور حيث تعتبر المملكة من أكثر الدول نسبة في البتور جراء الحوادث المرورية.
وطالب الجميع بعدم الاستهانة بحزام الأمان واستخدامه بشكل دائم، لما له من دور يصل لنسبة 50% في التخفيف من إصابات الرأس والحبل الشوكي، حيث كشفت الدراسات أن 2% فقط من المصابين في الحوادث يستخدمون حزام الأمان.
وأبدى حزنه بعد اطلاعه على التقرير الأول في البرنامج، والذي استعرض عدداً من الإعاقات لمجموعة من الشباب وامرأة، مرجعاً غالبية الحالات التي تم استعراضها لأخطاء شخصية ارتكبها السائقون أدت بهم إلى الإعاقة، فمنهم من كان مسرعاً، ومنهم من كان مرهقاً، ومنهم من لم يتفقد وسائل السلامة في سيارته، ومنهم من أهمل فحص الإطارات، ومنهم من كان يستخدم الجوال أثناء قيادته، متمنياً السلامة للجميع والتأني أيضاً في الطرقات الوعرة، وعدم التسرع في الوصول إلى المكان الذي يقصده أي شخص.
وأوضح أن السرعة لا تفيد في الكثير من الحالات، مؤكداً أن الفرق في الوصول إلى المكان المقصود مهما بلغت مسافته دقائق معدودة، والأهم من ذلك سلامة الوصول، أفضل من التعرض لحادث أو الإصابة إصابات بليغة تجعل صاحبها يعيش بندم طيلة حياته.
ووجَّه الإعلامي صلاح الغيدان بطاقة شكر لفريق عمل برنامج "كورة"، والذي يعرض على قناة "روتانا خليجية" وللزميل تركي العجمة، الذي خصص أكثر من 20 دقيقة مؤخراً لمبادرة "يعطيك خيرها" في إحدى حلقات البرنامج، عرّف من خلالها المشاهدين بالمبادرة، وثمّن جهود صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز رئيس مجلس إدارة جمعية الأطفال المعوقين، والدور المجتمعي والوطني الكبير الذي يقوم به سموه من خلال دعم الحملة، وإبراز قضية الإعاقة بشكل عام، والإعاقات الناجمة عن الحوادث المرورية على وجه الخصوص.
وشكر "د. أبو عباة" فريق عمل برنامج "كورة"، مبدياً إعجابه بدعم "روتانا" للحملة، منوهاً أن "يعطيك خيرها" ليست حكراً على طرف، بل هي ملك للجميع ولكل المؤسسات وقطاعات المملكة بشقيها الحكومي والخاص، متمنياً في نفس الوقت أن يعرض شعار الحملة في كل البرامج على التلفزيون السعودي، وحتى النشرات الإخبارية.
وأوضح أن البرامج هي من أربع إلى خمس برامج على مستوى العالم، وهي ليست للعلاج، في حالات الإعاقة الدائمة، بل تأهيل المعوقين للمرحلة القادمة، وتكييفهم على نمط الحياة الجديدة التي سيعيشونها، مستغرباً من زيادة نسبة الإعاقات الناجمة عن الحوادث، حيث كانت في السنوات الماضية تصل إلى نسبة 73% فيما تصل اليوم إلى 80%.
وبيَّن أن إحدى الإحصائيات الصادرة عن وزارة الصحة، تفيد بأن نسبة الحوادث داخل المدن تشكل 53%، بينما تشكل نسبة الوفيات في الحوادث والإعاقات على الطرقات السريعة بين المدن 62%، مرجعاً ذلك لحوادث الانقلاب، أو التصادم المباشر بين المركبات وجهاً لوجه، وللسرعة الزائدة في المقام الأول.
واستعرض تقريراً لعدد من الحالات التي نجا أصحابها بفضل الله من الموت المحقق في الحوادث المرورية، وكانت إصاباتهم بسيطة، بعدها عرض البرنامج عدداً من المقاطع التفاعلية للمشاهدين الذين قاموا بتزويد البرنامج بمقاطع لحوادث مرورية، تم تصويرها بكاميرات الجوال.
وثمّن "الغيدان" الدعم اللامحدود من الأمير خالد الفيصل وزير التربية والتعليم الذي وجَّه مؤخراً خطاباً إلى الأمير سلطان بن سلمان يؤكد فيه تسخير كل الإمكانات المتاحة لوزارة التربية والتعليم لخدمة هذه القضية الإنسانية، والتي تسعى للحد من الخسائر الاجتماعية والوطنية التي يعاني منها المجتمع والوطن، لوقف هذا النزيف الاجتماعي الاقتصادي، والحد من الخسائر والإعاقات الناجمة عن الحوادث المرورية.
وكشف خلال حلقة البارحة عن مضمون الحلقات القادمة والذي يحمل عنوان "ألغام الطريق" والتي سيتطرق من خلالها فريق عمل البرنامج إلى أكثر مسببات الحوادث المرورية على الطرقات، والتي سيتعاطى البرنامج من خلالها مع قضية الجمال السائبة وما تسببه من حوادث قاتلة بأسلوب جديد؛ لرفع الوعي وتحديد أبعاد المشكلة.
وذكر مقدم البرنامج المشاهدين بالجوائز المقدمة من شركة توكيلات الجزيرة، وهي عبارة عن ثلاث سيارات فورد فيوجن، لمن يستطيع إنهاء الموسم الأول من البرنامج دون أن تسجل عليه أي مخالفة، بعدها استعرض رسالة مصورة وجهها الإعلامي المتميز تركي العجمة للمشاهدين، طالب من خلالها الجميع بالتأني في القيادة وعدم التسرع والحرص على أدوات السلامة لدى القيادة.
وكشف "العجمة" خلال رسالته أنه من المواطنين الذين يحرصون على إبلاغ الجهات المعنية بكل المخالفات التي يرصدها أثناء قيادته وتنقله، وحرصه على أمن وسلامة المواطنين من المتهورين، لافتاً إلى أن الموت جراء الحوادث أمر يتم نسيانه مع الأيام، أما المشكلة الأكبر هي أن يعيش الإنسان بقية حياته "ميتاً" في إشارة منه للإعاقة، كمن يقضي بقية عمره على كرسي متحرك، أو يتنفس من فتحة في الحلق، مشدداً على عدم السرعة حتى في حالات التأخير، يجب الاتصال والاعتذار والإبلاغ عن التأخير، حيث إن نعمة الحياة بصحة وعافية لا تقدر بثمن.
وختم مقدم برنامج "كورة" رسالته بأمنية أن تنخفض نسبة الإعاقات والوفيات والخسائر جراء الحوادث المرورية في المملكة، وأن يسهم برنامج "يعطيك خيرها" بتوعية المجتمع وأن يحقق الأهداف المرجوة منه، متمنياً التوفيق لطاقم العمل وللزميل صلاح الغيدان.