تجوَّل المفكر السعودي والناشط في حقوق الإنسان صالح المنصور بلباس خارج عن المألوف في المواقع العامة والمناسبات الكبيرة؛ إذ ظهر في معرض الكتاب يرتدي (القميص والكرفتة الحمراء)؛ فتسلطت عليه أنظار الزوار، على الرغم من أنه شأن شخصي بحت، إلا أن ظهوره بهذا المظهر في هذا المكان أثار الاستغراب. وفي تصريح إلى "سبق" قال "المنصور": "دائماً أتنكر باللباس، وكثير من الناس يسألونني عن سبب اختياري هذا اللباس، وأنا تركت الشماغ لأريح رأسي من سجن الشماغ والطاقية والعقال. وسر لبسي ال(كرفتة) الحمراء أن الشعار الأحمر يرمز للدم والأممية الإنسانية، ورمز للعمل والحركة.. وأنت ذكرتني بقصيدة الشاعر محمد عبدالجواد: (حببت الناس والأجناس والدنيا التي يسمو على لذاتها الحب للناس حببت الناس والأجناس من شب ومن شاب ومن أظلم كالفحم ومن أشرق كالماس حببت الناس والأجناس في الطفل الذي لا ينسب الناس لأعراق وأجناس حببت الناس والأجناس حب الأرض للفأس والقفرة للآسي حببت الناس والأجناس فعل الفكر بالعلم وفعل العلم بالناس)". وقبل أن يمضي المفكر "المنصور" في طريقه متجولاً بين دور النشر أظهر ل"سبق" تذمره من ارتفاع أسعار الكتب في المعرض، مشيراً إلى أن ذلك أحجم الناس عن الاقتناء والقراءة، ومتسائلاً: "لماذا الغرفة التجارية بالرياض ترفع أسعار المتر في أرض المعارض؟ هل هي بحاجة؟! هذا ديدن (التجار الحرامية، حرامية البلد)".
وتابع: "معرض الرياض الدولي في السنوات الست الأخيرة تحسَّن من ناحية نوعية الكتب المعروضة؛ إذ قام بالسماح بعرض الكتب المحظورة، مثل الكتب الفكرية اليسارية". وفي إجابته عن تساؤل "سبق": لماذا لا تثني على الكتب الوسطية الأكثر مبيعاً؟ قال: "أي وسطية؟ أنت تذكرني بمن يقرؤون القرآن الكريم ويتدبرونه، ويتركون الأهم الذي أمر به؛ إذ أمر بالعلم، واحترام الإنسان والأديان، والدين المعاملة، ودائماً نطالب باحترام الأديان، ونحن لم نحترم داخلنا وواقعنا الاجتماعي".
وكشف "المنصور" عن كتابه "شيوعي الرياض"، وأنه يتحدث عن مرحلة زمنية ماضية، فيها إرهاصات سياسية مختلفة، وقال: "أنا من الجيل اليساري في ذلك الوقت، والشيوعية مسألة اقتصادية بحتة، عرفها الإنسان منذ آلاف السنين قبل بداية الإقطاع، وتدخلت فيها السياسة الرأسمالية الاستعمارية المتوحشة أمام شعوب العالم، وشوهت اسمها".
وأردف: "نحن في السعودية نطبقها، وأصبح هناك من يربح ملايين الريالات في اليوم، وهناك من يترافعون في المحاكم بسبب قضايا مالية وديون، ومن يسرق للحاجة.. وليس هناك تقارب في الدخل، بل إن الفقراء في البلدان الغنية يزدادون فقراً".
وأضاف: "في السعودية يقال لنا رأسمالية إقطاعية منفلتة. فلو كان هناك نظام على أراضي البور بأخذ ضريبة نصف ريال للمتر لما وجدنا الصحراء بكم هائل من الريالات. يفترض أن يكون هناك رسوم على العقار المعد للتجارة؛ فتجار العقار يضرون المجتمع، ولا يفكرون في المصلحة العامة، ويفترض أن يُطبّق عليهم رسوم مالية على نشاطهم؛ حتى تنخفض الأسعار. الآن من يعمل العقد هو المالك، أما المستأجر فليس له أي قيمة، حتى القانون لم يعمل من أجله ليحميه".