حرص وفد لجنة الصداقة البرلمانية السعودية الأمريكية بمجلس الشورى الذي يزور الولاياتالمتحدةالأمريكية حالياً برئاسة عضو مجلس الشورى رئيس اللجنة الدكتور خالد العواد على زيارة عدد من مراكز الفكر والرأي الأمريكية. وتتمتع هذه المراكز المعروفة ب"THINK TANKS" بأن لها دوراً بارزاً في صياغة السياسة الخارجية للولايات المتحدة تجاه مختلف القضايا الدولية وبخاصة قضايا منطقة الشرق الأوسط، لما تقوم به من دراسات سياسية واقتصادية وأمنية، كما تقدم رؤى وأفكاراً جديدة ربما تؤدي إلى تغيير في الأولويات السياسية، وتغيير في المصالح القومية الأمريكية.
وتتنوع هذه المؤسسات من حيث طبيعة اهتماماتها وعلاقاتها بالمؤسسات الحكومية الأمريكية، فمنها ما يهتم بالسياسة والاقتصاد، أو الأمن والدفاع، أو الجامعات والدراسات العلمية.
وزار وفد مجلس الشورى، المعهد العربي الأمريكي بواشنطن والتقى بمدير المعهد جيمس زغبي، كما زار مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية والتقى المستشارين في المركز اتوني كوردسمان وجورج الترمان، وزار أيضاً معهد الشرق الأوسط والتقى الباحثين بالمركز ويندي تشامبرلين وبول سالم.
وخلال اللقاءات، أكد أعضاء وفد مجلس الشورى على المواقف الثابتة والراسخة للمملكة العربية السعودية تجاه مختلف القضايا التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط على وجه الخصوص، وفي مقدمتها الوضع في سوريا، والسلوك الإيراني المتمثل في التدخلات الإيرانية في الشؤون الداخلية للبحرين واليمن والعراق، والبرنامج النووي الإيراني، وما يشكله من تهديد لأمن المنطقة.
كشف الحوار والنقاش، الذي دار بين أعضاء وفد مجلس الشورى خلال اللقاءات مع كل من مدير المعهد العربي الأمريكي، والمستشارين والباحثين في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، ومعهد الشرق الأوسط، عن توافق في وجهات النظر بين الجانبين على كثير من الرؤى تجاه القضايا المطروحة على طاولة البحث، في حين ظهرت اختلافات في وجهات النظر حول معالجة بعض القضايا.
فيما يتعلق بالوضع في سوريا، أكد الجميع خطورة الوضع الإنساني، والأمني الذي يعيشه الشعب السوري، حيث يعانون عمليات القتل، ومرارة الجوع ونقص المواد الغذائية، وضعف الخدمات الطبية والعلاجية بسبب الحصار الذي يفرضه النظام السوري على العديد من المناطق السورية.
وشدد المشاركون في اللقاءات على أهمية الإسراع في إنهاء الأزمة السورية التي بات استمرارها يشكل تهديداً ليس للمنطقة فحسب بل لكثير من الدول، نظراً لتحول المشهد السوري إلى مرتع خصب للعديد من الجماعات المتطرفة والإرهابية، مع اندفاع العديد من الشباب من مختلف الدول ومنها الولاياتالمتحدة ودول أوروبية للقتال في سوريا واحتضانهم داخل تلك الجماعات، ليكونوا قنابل موقوتة في بلدانهم، يهددون أمنها واستقرارها.
وتحدث وفد مجلس الشورى عن الموقف السعودي الداعم للشعب السوري ممثلاً في الائتلاف الوطني، حيث أكدت المملكة دعمها الكامل لمطالب الشعب السوري في حقه في تقرير مصيره، وشددت على ضرورة الحفاظ على وحدة التراب السوري، وطالبت دوماً بانسحاب جميع القوات الأجنبية من سوريا، بما في ذلك القوى التي تطلق على نفسها "الجماعات الجهادية".
وأكد أعضاء الوفد أهمية دعم المجتمع الدولي لموقف المملكة، باتخاذ موقف حازم تجاه النظام السوري لوقف إراقة دماء الشعب السوري، والالتزام بمادئ مؤتمر جنيف واحد، وتحقيق مطالب الشعب السوري في اختيار قيادته وحكومته.
وفي ما يتعلق بالملف الإيراني، شدد أعضاء وفد المجلس والمستشارون والباحثون بالمؤسسات الفكرية على أهمية إغلاق الملف النووي الإيراني، وإدانة التدخلات الإيرانية المباشرة في الشؤون الداخلية للبحرين والعراق واليمن، ودورها في زعزعة أمن تلك الدول، فضلاً عن دورها في الأزمة السورية.
وأكد أعضاء وفد مجلس الشورى أهمية أن يكون للمملكة العربية السعودية ودول مجلس التعاون لدول الخليج العربية دور غير مباشر في أي اتفاقات أمريكية أوروبية مع طهران بشأن ملفها النووي، لأن أمن منطقة الخليج العربي جزء لا يتجزأ من أمن دول مجلس التعاون الخليجي.
وشددوا على أهمية دور المملكة في استقرار المنطقة، والاستماع لرؤيتها، والتشاور معها لما لها من دور محوري ورائد، وحكمة في معالجة العديد من قضايا المنطقة، ولما تتمتع به من وزن وثقل سياسي واقتصادي.
من ناحية أخرى، ظهر تباين بين أعضاء وفد الشورى وكل من المعهد العربي الأمريكي، ومركز الدراسات الاستراتيجية والدولية ومعهد الشرق الأوسط، بشأن معالجة الملف النووي الإيراني من خلال المفاوضات بين إيران ومجموعة "5 1".
ورأى أعضاء وفد الشورى أن رفع العقوبات الدولية على إيران، حتى وإن كانت تدريجية، سيعطي طهران دعماً لمزيد من تدخلاتها السافرة في الشؤون الداخلية في بعض الدول الخليجية والعربية، ويعزز موقفها في أي ترتيبات أمنية بالمنطقة.
واعتبرت المؤسسات الثلاث أن رفع العقوبات التدريجية، على مراحل لمدة محددة، مبني على نتائج ما يتحقق من اتفاق طهران مع مجموعة "5 1".
وبخصوص الملف اليمني، أبدى الجميع قلقهم للتدخلات الإيرانية في الشأن اليمني من خلال الدعم المباشر للحوثيين، وظهور مؤشرات على دعم تنظيم القاعدة في اليمن.
وأكدوا أهمية استقرار اليمن، وأجمعوا على أن ذلك لن يتحقق إلا بدعم التنمية الشاملة في اليمن وانخراط جميع أطياف الشعب اليمني في بناء الدولة وتنميتها، وأشاروا إلى تحول اليمن إلى النظام الفيدرالي.
وتطرق وفد الشورى إلى ما شهدته البحرين من مظاهرات منظمة ومدعومة من إيران، مؤكدين أن تدخل قوات درع الجزيرة في البحرين لدعم الدولة الخليجية، جاء لمنع هذه الدولة من السقوط في "أحضان طهران".
وأشاد الباحثون بالمؤسسات الفكرية بالجهود التي بذلتها المملكة العربية السعودية لمحاربة الإرهاب، وفتح مركز للمناصحة لإعادة الشباب السعوديين المغرر بهم من الفئة الضالة إلى جادة الصواب وليكونوا أداة فاعلة في مسيرة التنمية.
وأشار أعضاء وفد الشورى، خلال اللقاءات، إلى الدور الرائد للمملكة العربية السعودية في دعم التنمية في العديد من الدول العربية والإسلامية والصديقة، عبر تقديم المعونات والمساعدات للنهوض بتنميتها في مختلف المجالات، وتحقيق الرفاهية لشعوبها.
هذا وقد زار أعضاء وفد الشورى الملحقية الثقافية السعودية بواشنطن، والتقوا الملحق الثقافي الدكتور محمد العيسى بحضور نائبه الدكتور محمد العمر وعدد من موظفي الملحقية، واستمعوا إلى شرح من الدكتور "العيسى" عن دور الملحقية، وجهودها في خدمة المبتعثين السعوديين بالولاياتالمتحدة من الطلاب والطالبات، وتسهيل جميع المعوقات والصعوبات التي تواجههم، أثناء سير دراستهم، والخدمات التي تقدمها لهم.