أكّدت دراسة حديثة أصدرتها وحدة استطلاعات الرأي العام التابعة لمركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني، أن أسباب حالات التحرُّش الجنسي في المجتمع السعودي تعود إلى ضعف الوازع الديني من القائمين بهذا العمل، إضافة إلى عدم الإسراع في تطبيقات عقوبات رادعة بحق المتحرّشين. وأظهرت الدراسة، أن 91 % من المشاركين فيها يرون أن ضعف الوازع الديني هو أحد الأسباب الرئيسة للتحرُّش الجنسي في المجتمع، وأن 76 % من المشاركين يرون أن عدم وجود الأنظمة التي تحد من التحرُّش يؤدي إلى ازدياد حالات التحرُّش الجنسي في المجتمع، وأنهم يرون أن ليس هناك عقوبة تعزيرية منصوص عليها واضحة تحدد مقدار عقاب أو جزاء كل تصرف أو سلوك خاطئ قد يلحق الضرر بالآخرين.
وتناولت الدراسة، التي شملت 992 شخصاً من الذكور والإناث يمثلون عينة عشوائية ممثلة للعمر والجنس والموقع الجغرافي من مواطني المجتمع السعودي لجميع مناطق المملكة وعددها 13 منطقة، وكانت عند مستوى ثقة 95%، بلغت نسبة الذكور المشاركين في الدراسة 47.7 %، في حين بلغت نسبة الإناث 52.3 %, وتم إجراء الدراسة للفئات العمرية من سن 18 فما فوق.
وبيّنت النتائج أن عيّنة الدراسة تؤيد تماماً أن عدم تطبيق الأنظمة أدى إلى التحرُّش الجنسي، حيث كانت نسبة المؤيدين لهذه العبارة 80.8 %، في حين أن نسبة 12.8 % لا تؤيد هذه العبارة، وبذلك يرى المجتمع السعودي أن ضعف آلية تطبيق العقوبة "الشرع" تزيد من حالات التحرُّش، لا سيما عند عدم وجود نص شرعي صريح يحدّد حجم ومقدار الجزاء لكل حالة على حدة، إضافة إلى التداخلات أو الصلح قبل وصول القضية إلى محيط المحكمة.
كما أشارت نتائج الدراسة إلى أن نسبة 85.5 % من أفراد العيّنة ترى أن تعمُّد بعض الفتيات الإثارة وإبداء الزينة يسهم مساهمة رئيسة في ازدياد حالات التحرُّش الجنسي، وكذلك تعتقد نسبة 80.6 % من المشاركين والمشاركات في الدراسة أن ضعف المسؤولية الاجتماعية تجاه أفراد المجتمع بعضهم نحو بعض أسهم مساهمة كبيرة في ظهور حالات التحرُّش الجنسي.
كما تشير نتائج الدراسة الاستطلاعية إلى أن نسبة 75.2 % من السعوديين يرون أن ضعف التوعية في الأماكن العامة له دورٌ كبيرٌ في ظهور حالات التحرُّش الجنسي، ويتجلى ذلك واضحاً في ندرة وجود لافتات في الأماكن العامة، كالأسواق، والحدائق، والمتنزهات، وأماكن الاحتفالات، تثقف المجتمع حول السلوكيات الخاطئة، والأنظمة المتعلقة بحقوق الآخرين، أو السلوك العام، والعقوبات التعزيرية في حق المخالفين، وتحمل المجتمع مسؤوليته للإبلاغ عن أي سلوكيات خاطئة لا مسؤولة من قِبل بعض الشبان أو الفتيات.
وكانت الدراسة قد حدّدت ثلاثة محاور أساسية هي: الوازع الديني, الأنظمة، المسؤولية الاجتماعية، وصاغتها في عدد ثمانية أسئلة، لطرحها على عيّنة الدراسة وقياس آرائهم ورؤيتهم حول ظاهرة التحرُّش الجنسي، وتم خلال الدراسة إجراء المقابلات الهاتفية وجمع بيانات أفراد العيّنة بالاعتماد على الهاتف الجوّال "المحمول"، وتم اختيار الأرقام الهاتفية عشوائياً باستخدام برنامج حاسوبي مصمّم خصيصاً لهذا الغرض.