كشف استطلاع للرأي الأول من نوعه الذي تجريه جهة حكومية عن التحرش الجنسي بأن نحو 80 في المئة من السعوديين يعتقدون أن عدم وجود قانون مكتوب ل«تجريم المتحرشين» سبب لزيادة التحرش والمعاكسات في البلاد. وبحسب الاستطلاع الذي أعدته وحدة استطلاعات الرأي العام في مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني وأُجري على عينة عشوائية ل922 شخصاً، يمثلون نماذج سكانية من المواطنين لجميع مناطق المملكة ال13 (حصلت «الحياة» على نسخة منه)، فإن نسبة 79.7 في المئة من أفراد العينة يرون أن «عدم وجود الأنظمة التي تحد من التحرش يؤدي إلى ازدياده»، ما يشير إلى أن غالبية المجتمع ترى بأن ليس هناك عقوبة تعزيرية منصوص عليها وواضحة تحدد مقدار العقاب، أو جزاء كل تصرف أو سلوك خاطئ قد يُلحق الضرر بالآخرين. وأوضح الاستطلاع الذي اعتمد على المقابلات الهاتفية وأنجز في 15 كانون الأول (ديسمبر) 2013 الماضي، أن النتائج تعكس مستوى الضبابية في درجة وعي المجتمع بحقوق المرأة على وجه التحديد، فضلاً عن حقوق المجتمع عموماً والآخرين، مرجحاً أن يكون ذلك نتاج «الرؤى الأحادية المنغلقة التي يمارسها بعض أفراد المجتمع، وعدم استيعاب المرأة كياناً مستقلاً، له حقوق وعليه واجبات»، طبقاً لنتائج الدراسة. وفي جانب آخر من الدراسة، بينت النتائج أن العينة تؤيد تماماً أن «عدم تطبيق الأنظمة أدى إلى التحرش الجنسي»، إذ كانت نسبة المؤيدين لهذه العبارة 80.8 في المئة، في حين أن نسبة 12.8 في المئة لا تؤيد هذه العبارة، ما يعزز الاستنتاج أن المجتمع السعودي يرى أن ضعف آلية تطبيق عقوبة «الشرع» يزيد من حالات التحرش، لاسيما عند عدم وجود نص شرعي صريح يحدد حجم ومقدار الجزاء لكل حالة على حده، إلى جانب تأثير التدخلات مثل الصلح قبل وصول القضية إلى المحكمة. في المقابل، رأت 76.6 في المئة من العينة أن طول الإجراءات المعقدة يؤدي إلى تأخير في العدالة وعدم حصول الضحية على حقها ومن ثم تفشي ظاهرة التحرش الجنسي، ما يعني بحسب الدراسة أن ذهاب الفتاة «الضحية» والمقاضاة أمام الجهات الرسمية للدفاع عن نفسها نتيجة تعرضها للتحرش الجنسي يتطلب حضور ولي الأمر ومتابعة إجراءات القضية، والتي قد تستغرق أشهر عدة للبت فيها، عوضاً عن الآثار الاجتماعية التي تهدد سمعة الفتاة «الضحية». أما 85.5 في المئة من أفراد العينة، فرأت أن «تعمّد بعض الفتيات الإثارة وإبداء الزينة يسهم في شكل رئيس في ازدياد حالات التحرش الجنسي»، ما يعطي أهمية توعية المرأة بأنه ليس من حقها أن ترتدي ما تشاء أو تتصرف كما تشاء في الأماكن العامة، فلا بد من أن تلتزم بآداب المجتمع وأعرافه. وبالسؤال عما إذا كان «أهم أسباب ظاهرة التحرش غياب الوعي بالأنظمة العقابية»، تشير النتائج إلى أن نسبة 73.3 في المئة تتفق على أن عدم إدراك الشخص بالأنظمة العقابية يسهم في شكل كبير في تفشي هذه الظاهرة، فيما يتعلق بسؤال ضعف المسؤولية الاجتماعية ودورها في ظهور حالات التحرش الجنسي. وتشير نتائج الاستطلاع إلى أن نسبة 75.2 في المئة من السعوديين يرون أن ضعف التوعية في الأماكن العامة له دور كبير في ظهور حالات التحرش، ويتجلى ذلك واضحاً في ندرة وجود لافتات في الأماكن العامة، مثل الأسواق والحدائق والمتنزهات وأماكن الاحتفالات، تثقف المجتمع حول السلوكيات الخاطئة والأنظمة المتعلقة بحقوق الآخرين أو السلوك العام والعقوبات التعزيرية في حق المخالفين، وتحمّل المجتمع مسؤوليته للإبلاغ عن أية سلوكيات خاطئة لا مسؤولة من بعض الشبان أو الفتيات، في حين أن نسبة 14.3 في المئة كانت غير مؤيدة لهذه العبارة، و10.5 في المئة محايدة. وحول عبارة «أحد الأسباب الرئيسة لحالات التحرش الجنسي هو ضعف الوازع الديني»، أجاب 91.9 في المئة ب«موافق»، و4.5 في المئة ب«غير موافق»، و3.9 في المئة «محايد»، ومن الملاحظ أن المجتمع يرى أن ضعف أو عدم خوف الشخص من الله يسهم في شكل رئيس في تزايد الحالات. وشكّلت النسبة الأعلى لأفراد العينة في الفئة العمرية بين 18 - 30 عاماً، إذ بلغت النسبة 56.5 في المئة، تليها 26.4 في المئة للفئة العمرية بين 31 - 40 عاماً، في حين كانت نسبة من أعمارهم 41 عاماً فما فوق 17.1 في المئة. وتساءل الاستطلاع عن مدى فاعلية لغة الحوار لدى المؤسسات الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني مع المجتمع لتوعية الفرد وتثقيفه بحقوقه وواجباته في هذا الشأن، وقالت الدراسة إن نسبة هامش الخطأ في هذا الاستطلاع هي نحو (±2.3)، فيما يعادل مستوى الثقة 95 في المئة. أما المستوى التعليمي لأفراد العينة فبلغت 57.2 لمن يحملون شهادة المرحلة الثانوية ونسبة 41.2 في المئة لذوي التعليم الجامعي، فيما بلغت نسبة حاملي شهادة الماجستير والدكتوراه 1.6 في المئة.