يعوِّل المنتخب الهولندي على أداء بطولي آخر من نجمه اريين روبن عندما يتواجه غداً الجمعة مع نظيره البرازيلي في الدور ربع النهائي لمونديال جنوب إفريقيا 2010 في موقعة ثأرية للبرتقالي الذي حرمه "سيليساو" من التأهل إلى النهائي للمرة الثالثة في تاريخه بالفوز عليه بركلات الترجيح خلال نصف نهائي مونديال 1998 بعد أن كان أطاح به أيضاً من الدور ربع النهائي بالذات خلال مونديال 1994 (3-2) في طريقه إلى اللقب العالمي الثالث في تاريخه قبل أن يضيف الرابع عام 2002. اعتقد الجميع أن منتخب "الطواحين" سيفتقد أهم أسلحته الفتاكة في نهائيات النسخة التاسعة عشرة بعد تعرضه للإصابة في المباراة التحضيرية ضد المجر (6-1) والتي سجل خلالها هدفين قبل أن يتعرض للنكسة التي كادت تحرمه من الحضور إلى جانب زملائه في الحملة التاسعة للمنتخب البرتقالي في النهائيات. لكن الجناح السريع وعد الجميع بأن يقاتل من أجل أن يتعافى من الإصابة والمشاركة مع منتخب بلاده، وقد راهن مدربه بيرت فان مارفييك على هذا التعهد وأبقاه ضمن التشكيلة دون أن يستخدم خيار استبداله بلاعب آخر. "أنا أقوم بكل شيء ممكن من أجل أن استعيد عافيتي"، هذا ما قاله روبن من هولندا عشية انطلاق النهائيات، في وقت كان زملاؤه قد حلوا لبدء مشوارهم ضمن المجموعة الخامسة التي ضمت الكاميرون واليابان والدنمارك. كان أمام روبن ثلاثة أسابيع من أجل الشفاء تماماً من الإصابة، وهو علق آماله على تمكن منتخب بلاده من تخطي حاجز الدور الأول لكي يواصل معه المشوار انطلاقاً من الثاني، وقد نجح في رهانه على عزيمته وإصراره وتعافى من الإصابة وسجل عودته إلى المنتخب حتى قبل الدور الثاني عندما شارك في الدقائق العشرين الأخيرة من مباراة الجولة الثالثة الأخيرة من الدور الأول أمام الكاميرون (2-1) ونجح في ترك لمسته سريعاً عندما لعب دوراً أساسياً في الهدف الثاني الذي سجله يان كلاس هونتيلار لأن الأخير تابع كرة سددها نجم بايرن ميونيخ الألماني في القائم الأيمن. ثم أكد روبن حجم أهميته في المنتخب البرتقالي عندما شارك أساسياً في مباراة الدور الثاني أمام سلوفاكيا (2-1) وسجل الهدف الأول الذي مهد الطريق أمام منتخبه من أجل حجز مقعده في الدور ربع النهائي. "تستطيع أن ترى أي نوع من اللاعبين هو، وكم هو مهم بالنسبة إلينا كفريق"، هذا ما قاله الييرو ايليا لموقع الاتحاد الدولي عن أهمية عودة روبن إلى تشكيلة المنتخب البرتقالي، مضيفاً "الشيء الأول الذي قام به هو تسجيل الهدف، ثم خلق فرصاً كثيرة بعد ذلك". من المؤكد أن الجناح الهولندي يريد أن ينهي الموسم الرائع الذي أمضاه مع بايرن ميونيخ بأفضل طريقة ممكنة من خلال قيادة منتخب بلاده إلى اللقب الأغلى على الإطلاق بعد أن كان البرتقاليون قريبين منه في عامي 1974 و1978 قبل أن يسقطوا في المتر الأخير أمام ألمانياالغربية والأرجنتين على التوالي. سيكون روبن شوكة في الجانب الأيسر للمنتخب البرازيلي وهو قد يلعب أمام "سيليساو" دور البطل الذي لازمه خلال موسمه مع النادي البافاري حيث فرض نفسه نجماً مطلقاً لبايرن بعد أن لعب دور المنقذ في أكثر من مناسبة خصوصاً في دوري أبطال أوروبا عندما منحه هدف التأهل على حساب فيورنتينا الإيطالي حين كان الأخير متقدماً 3-1 في لقاء الإياب (ذهاباً 2-1 لبايرن)، قبل أن يطلق كرته الصاروخية في شباك الحارس الفرنسي سيباستيان فراي. ولم ينته الأمر عند هذا الحد، فقد قاد النجم الهولندي فريقه إلى نهائي مسابقة الكأس المحلية على حساب شالكه (1-صفر بعد التمديد) بهدف جاء من كرة صاروخية رائعة بعدما راوغ عدة مدافعين، ثم حطم قلوب عشاق مانشستر يونايتد الإنجليزي وقاد بايرن إلى نصف النهائي دور الأبطال للمرة الأولى منذ 2001، في مباراة اعتقد فيها الجميع أن فريق "الشياطين الحمر" ضمن تأهله إلى نصف النهائي للمرة الرابعة على التوالي بعدما عوض خسارته ذهاباً 1-2 بتقدمه على ضيفه البافاري 3- صفر بعد مرور 41 دقيقة. لكن الكرواتي ايفيكا اوليتش قلص الفارق في نهاية الشوط الأول قبل أن يخطف روبن الذي غاب عن مواجهة الذهاب في "اليانز ارينا" بسبب الإصابة، هدف التأهل للنادي البافاري قبل ربع ساعة على النهائي، ثم وجد طريقه إلى الشباك في ذهاب الدور نصف النهائي أمام ليون الفرنسي ليمهد الطريق أمام فريقه من أجل بلوغ النهائي للمرة الأولى منذ 2001، وهو أنهى الموسم بتسجيله 23 هدفاً في جميع المسابقات منذ أن انضم إلى بايرن قادماً من ريال مدريد، أحدها في نهائي الكأس المحلية، حين افتتح التسجيل أمام فيردر بريمن ممهداً الطريق أمام فريقه للفوز برباعية نظيفة ورفع الكأس للمرة الثالثة والعشرين. "لا تستطيع أن تتوقع أي شيء في كأس العالم، عليك أن تكافح من أجل بلوغ الهدف، وأنا سعيد جداً لعودتي ولمساعدة منتخب بلادي. قال لي المدرب بأني سأشارك أساسياً وبالتالي كنت جاهزاً، وأنا مغتبط لكوني ساهمت في بلوغ فريقي الدور ربع النهائي"، هذا ما قاله روبن بعد قيادة منتخب "الطواحين" إلى ربع النهائي للمرة الأولى منذ 12 عاماً، معرباً عن سعادته العارمة سجل هدفاً حاسماً لمنتخب بلاده أمام ناظري والديه وزوجته الذين كانوا حاضرين في مدرجات "موزيس مابهيدا ستاديوم" في دوربن من أجل مشاهدة المنتخب البرتقالي أمام سلوفاكيا. وأضاف جناح تشلسي الإنجليزي وريال مدريد الإسباني سابقاً: "كانت المباراة صعبة لكننا لم نقدم أداء مثالياً. لم نصل بعد إلى خوض المباراة المثالية. كنا متراخين بعض الشيء لكننا نجحنا في التأهل. وبالنسبة لي، كان من الرائع أن أسجل أمام ناظري والدي وزوجتي الذين كانوا في المدرجات. كنت في وضع جيد ولم أشعر بأي شيء جراء الإصابة". وكانت الإشادة كبيرة بروبن من جميع زملائه ومن بينهم ويسلي سنايدر الذي كان حرم الأول من تحقيق ثلاثية رائعة هذا الموسم بقيادة إنتر ميلان الإيطالي للفوز على بايرن ميونيخ في نهائي دور أبطال أوروبا على ملعب فريقهما السابق ريال مدريد، وهو قال عن زميله "إنه لاعب يوازي الكثير. كنا بحاجة إليه". أما قائد المنتخب جيوفاني فان برونكهورست فضم صوته إلى سنايدر وهو قال لموقع الاتحاد الدولي "إنه لاعب خطير جداً يضع مدافعي المنتخبات المنافسة في أوضاع حرجة. أمر رائع أن نستعيد خدماته". من المؤكد أن الأنظار ستتوجه إلى روبن في موقعة غداً لأنه قد يتمكن في لحظة من شق طريقه في الجهة اليسرى وجعل المدافعين البرازيليين الذين يعانون البطء بعض الشيء يلهثون خلفه قبل أن ينجح في تحقيق ما فشل به خلال نهائي دوري أبطال أوروبا وهو وضع الكرة في شباك الحارس جوليو سيزار الذي يدافع عن مرمى إنتر ميلان. إن موهبة روبن دفعت مدربه في النادي البافاري ومواطنه لويس فان غال إلى الاعتراف بحجم تأثير هذا اللاعب، رغم أنه من المدربين الذين يفضلون عدم المديح باللاعبين لكيلا يغذي غرورهم، وهو قال عن مواطنه "أشعر باللذة عندما أراه يلعب". ويقول عنه زميله في بارين المدافع البلجيكي دانيال فان بويتن: "لدينا العديد من الأسلحة الفتاكة، لكن اريين يقوم بأمور رائعة وينجح فيها"، أما المدافع السابق للنادي البافاري الفرنسي بيكسينتي ليتزاراتزو فهو قارن روبن بالنجم الأرجنتيني ليونيل ميسي، وقال في هذا الصدد "إنه يسجل أهدافاً على طريقة ميسي، إنه يطير". من المؤكد أن الصفقة التي أجراها بايرن مونيخ الصيف الماضي بتعاقده مع روبن من ريال مدريد مقابل 25 مليون يورو كانت ناجحة بكل المعايير، وقد أثبت الجناح الهولندي أن المبلغ الذي دفعه النادي البافاري ليس بالكثير مقابل موهبة هذا اللاعب الذي غرق في مستنقع نجوم النادي الملكي ولم يحصل على فرصته في العاصمة الإسبانية، كما كان الحال بالنسبة لمواطنه سنايدر. ونجح الجناح الهولندي في رد اعتباره من ريال مدريد عندما سافر إلى "سانتياغو برنابيو" وهو يسعى إلى الظفر بثلاثية رائعة في حين أن النادي الملكي خرج ونجومه وعلى رأسهم البرازيلي كاكا والبرتغالي كريستيانو رونالدو خالي الوفاض ليذهب مبلغ ال250 مليوناً الذي أنفقه للتعاقد مع نجوم جدد سدى. وستكون أمام روبن فرصة أن يؤكد أنه أفضل لاعبي العالم عندما يواجه أفضل منتخب في العالم غداً الجمعة في موقعة "نلسون مانديلا باي" التي ستمهد الطريق أمام البرتقاليين للوصول إلى النهائي في حال خرجوا فائزين، لأنهم سيواجهون في دور الأربعة الفائز من مباراة غانا والأوروغواي.