أرجع أستاذ القانون الجنائي الباحث في الجرائم المعلوماتية أصيل الجعيد عدم استخدام الحمض النووي "dna" بشكل موسع في الأدلة الجنائية إلى أن السياسة الجنائية السعودية غير واضحة بهذا الشأن، ولأسباب أخرى كثيرة. وأوضح ل"سبق" أن أحد تلك الأسباب هو قناعات بعض القضاة في المحاكم السعودية أن اعتبار الحمض النووي قرينة لا يرقى إلى مرتبة الدليل القطعي.
لكنه لفت إلى أن المجمع الفقهي الإسلامي أوصى أخيراً من الناحية الشرعية بأن البصمة الوراثية ليس وارداً فيها الخطأ، لكن قد يكون الخطأ من الجهد البشري في جمعها أو عوامل تلوث مختبرية.
وأضاف أن المجمع أوصى أيضاً بأن العينات لا تأخذ إلا بإذن رسمي من الجهات المختصة، والفحص يكون في مختبرات حكومية، مما يحتم إصدار قانون خاص في السعودية بالبصمة الوراثية.
وقال "الجعيد" إن معظم دول العالم درجت على استخدام الحمض النووي كوسيلة إثبات في مختلف أنواع القضايا، وبالأخص ذات الجانب الجنائي، لأن الحمض النووي تصل دقته إلى 100%، حيث لا يوجد شخصان لهما البصمة الوراثية الموجودة في الحمض النووي نفسها، ويعتبر بالتالي وسيلة فاعلة جداً في أيدي المدعي العام ومحامي الدفاع، حيث يمكن به إثبات وجود الشخص المادي في مسرح الجريمة.
وأكد أن هذه التقنية تستخدم لكشف العديد من القضايا المجهولة، نظراً لأن أخذ عينة الحمض النووي سهلة جداً، قد تكون من اللعاب أو شعر من الملابس أو قطعة من جلد ميت أو أظافر.
ولفت إلى أن العينة قد تؤخذ من مسرح الجريمة، أو من الأدلة المحفوظة في مستودعات الأدلة الجنائية بعد سنوات من قيدها ضد مجهول.
ورأى الجعيد أن هذه الطبيعة السلسة للحمض تتطلب أن تكون هناك قاعدة بيانات للمواطنين بالحمض النووي.
لكنه عارض سحب العينة بناء على اشتباه قد لا يكون له مبرر قانوني، ففي هذا تعدٍ على الحريات والخصوصية مثل تحديد النسب.
وقال إنه في التجربة الأمريكية تم تلافي هذا التعدي على الحقوق من خلال إصدار قانون البصمة الوراثية للحمض النووي الذي يطلب إذن الشخص وتوقيعه على نموذج خاص للسماح للجهات المختصة بأخذ عينة الحمض النووي، أو يكون ذلك عن طريق أمر قضائي بالقوة الجبرية.
وشدد "الجعيد" على أنه لا بد أن تتوفر للقاضي معطيات وأدلة ملموسة ومؤثرة في سبيل كشف المجرمين حتى يصدر مثل هذا الأمر؛ لأن ترك المحقق على سجيته في مثل هذه الأمور يخل بمبادئ ومقتضيات العدالة.
وقال إن رجل تطبيق القانون الأولى به احترام القانون، أضف لذلك أن تكلفة استخراج الحمض النووي مكلفة جداً، ولكنها تختصر وقتاً كثيراً وجهداً قد يغطي تلك التكلفة.
وأعرب عن استغرابه لعدم استخدام الحمض النووي في الأدلة الجنائية السعودية إلا ما ندر.