عبد الرحيم الكيب، الذي اختاره المجلس الانتقالي الليبي رئيساً لحكومةٍ مهمتها إدارة انتقال صعب من حرب أهلية إلى الديمقراطية، أكاديمي مولود في طرابلس، قضى عقوداً في الخارج، ولديه القليل من الخبرة السياسية. ولم يكن الكيب صاحب ظهور لافت؛ فحين حصل على 26 صوتاً من أصل 51 أدلى بها المجلس الوطني الانتقالي في وقت متأخر من مساء أمس الاثنين ملأت همسات مرتبكة القاعة. ولم يحصل وزير النفط المؤقت علي الترهوني، الذي كان المرشح الأوفر حظاً للفوز بالمنصب، سوى على ثلاثة أصوات. وفي مؤتمر صحفي تمت الدعوة إليه على عجل بعد التصويت أشاد الكيب بالتضحيات التي قدمها الليبيون للتخلص من حكم القذافي المستبد، الذي استمر 42 عاماً. وقال أستاذ الهندسة الكهربائية صاحب الصوت الهادئ متحدثاً بالإنجليزية: "نحيي ونتذكر الثوار الذين لن ننساهم. لن ننسى عائلاتهم. نتعهد بأن نبني وطناً يحترم حقوق الإنسان، لكننا نحتاج إلى وقت. نتوسل إليكم أن تعطونا الوقت لنفكر في جميع القضايا المثارة"، في إشارة على ما يبدو إلى اتهامات جماعات حقوق الإنسان لمقاتلي المجلس الوطني الانتقالي بارتكاب أعمال قتل انتقامية وانتهاكات أخرى. وتعهد الكيب بتشكيل حكومة في غضون أسبوعين، لكنه لم يقدم تفاصيل تُذكر بشأن كيف ستتصدى للتحديات الهائلة التي تواجه ليبيا، التي لا تزال تترنح من جراء ثمانية أشهر من الحرب الأهلية. وإلى جانب الإعداد للانتخابات سيكون على حكومة الكيب أن تسرِّح المقاتلين المناهضين للقذافي أو أن تدمجهم في جيش جديد. ويتعين بناء كثير من المؤسسات من الصفر، وإنعاش الاقتصاد القائم على النفط والغاز، وبَدء علاج الآثار المادية والنفسية للحرب في أرض مقسَّمة بين القبائل والمناطق. وقال أحمد الأطرش، أستاذ العلوم السياسية، إن الكيب غادر ليبيا عام 1976، وانضم للمعارضة المناوئة للقذافي. وأضاف ل"رويترز" بأن المجلس الانتقالي ربما اختار الكيب، وهو سليل أسرة وطنية من المدينة القديمة بطرابلس، لأسباب من بينها دفع الاتهامات بتحيز المجلس لمدينة بنغازي في شرق ليبيا، التي كانت مهد الثورة ضد القذافي. وعبّر عن اعتقاده بأنه انتخب؛ لأنه من طرابلس. مضيفاً بأن المجلس الوطني الانتقالي يريد أن يوازن الأمور، وأن يظهر لسكان طرابلس أن المجلس شامل حقاً. وتعرض المجلس الوطني الانتقالي، الذي تشكل في بنغازي في فترة مبكرة من عمر الانتفاضة، لانتقادات بسبب البطء في الانتقال إلى العاصمة. وربما اختير الكيب أيضاً لأن ساسة أكثر طموحاً ينتظرون الانتخابات العامة في الوقت الذي سيتعين فيه على رئيس الوزراء الاستقالة. وحين أعلن المجلس "تحرير" ليبيا استقال محمود جبريل الذي سبق الكيب وفاء لتعهده بالاستقالة. وتعهد المجلس الوطني الانتقالي بإجراء انتخابات بعد ثمانية أشهر لاختيار مجلس وطني ستكون لديه مهلة لمدة عام لوضع دستور جديد قبل انتخابات برلمانية. وعمل الكيب، الذي وصفه أحد طلابه السابقين في ليبيا بأنه "رجل مهذب"، أستاذاً للهندسة الكهربائية بجامعة ألاباما، كما تقلد مناصب في الإمارات العربية المتحدة. وتوضح سيرته الذاتية المنشورة على موقع معهد البترول في أبو ظبي؛ حيث رأس الكيب قِسْم الهندسة الكهربائية، أنه تخرج من جامعة طرابلس عام 1973، وحصل على الماجستير من جامعة جنوب كاليفورنيا عام 1976، والدكتوراه من جامعة نورث كارولاينا الحكومية عام 1984. وقال الأطرش إن البعض يقول إنه من الصعب جداً عليه القيام بهذه المهمة؛ لأنه كان خارج ليبيا فترة طويلة جداً، وأنه لا يعرف ما يدور داخلها. وهوّن الكيب من الانقسامات الداخلية في المجلس الوطني الانتقالي، وقال: "ما يراه الناس داخل المجلس الوطني الانتقالي هو ممارسة للديمقراطية. هذا جديد علينا في ليبيا". وأضاف "هذه الفترة الانتقالية لديها التحديات الخاصة بها. أحد الأمور التي سنقوم بها هو العمل عن كثب مع المجلس الوطني الانتقالي والاستماع إلى الشعب الليبي".