تباين مفهوم "التصنيفات الفكرية" لدى المثقفين والمثقفات السعوديين، في افتتاح اللقاء السابع للخطاب الثقافي السعودي، عن التصنيفات الفكرية وأثرها على الخطاب الثقافي السعودي، الذي ينظمه مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني؛ ما ألهب ساحة الحوار بين الضيوف الذين يمثلون التيارات والأطياف المذهبية والفكرية المختلفة في المملكة. وأجمعت الأطراف المشاركة في الحوار على أن وسائل التواصل الاجتماعي، هي من قامت بتغذية وتعبئة أفراد المجتمع نحو حوار متطرف، وتصنيفات خاطئة، مطالبين بسن قانون ونظام لمعاقبة من يرمي بالتهم والأوصاف لرموز المجتمع.
ورأى اللواء محمد بن فيصل أبو ساق، عضو "مجلس الشورى": أن الأزمات والحوادث أوصلت الحوار في المجتمع إلى حالة من "التشنج". وقال: "في قضية قيادة المرأة للسيارة، وردود الأفعال التي صاحبتها، ظهرت على السطح أحكام مشينة لنسائنا، وبغض النظر عن مسألة التأييد أو الرفض، إلا أن هناك اتهامات وتصنيفات خطيرة".
وقالت الدكتورة الجازي بنت محمد الشبيكي "أكاديمية": "إن التصنيفات لم تقف حول المناطقية والقبلية، بل وصل ذلك للحالة الدينية لدينا، فعندما نلمس أن الطبقة الوسطى في المجتمع تميل للانقراض، فالرأي الوسطي لا نريد أن ينقرض".
وأضافت: "أصبحت التصنيفات تطلق على الأشخاص بحسب الالتزام الديني، واقتصر التصنيف في المجتمع على ملتزم وغير ملتزم".
ووصف المحامي محمد بن عبدالله المشوح، الجو العام للخطاب الثقافي السعودي والتصنيفات التي تطلق ب"المتشنج والمشحون".
وقال: "التصنيف في مجمله ورد إلينا من بعض الدول المجاورة، وهي معتادة وليس فيها حرج، وغالباً تصل لغاية في السوء، ويغطيها الكذب والافتراء أو الازدراء، والانتقاص للأشخاص، ووسائل التواصل الاجتماعي هي من غذت مسألة التصنيفات".
وقالت الداعية والأكاديمية نوال العيد: "إن مفهوم (المصطلحات الفكرية) يغطيه غبش؛ لذلك فالرؤية عند المفكرين في محاولة فهمها غير واضحة، وعند عامة المجتمع نجد أن التصنيف مبني على الاختلاف، وأعظم الاختلاف وأشده هو عندما يكون في الدين، وهو اختلاف مذموم حذر منه الرسول (صلى الله عليه وسلم)".
ورأت - أيضاً - أن: "التصنيفات هي تهم معلبة، ساعد في بروزها وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام، وأصبحت الإطلاقات أشبه بالموضة، فبعد موضة الإرهابي، جاءت موضة الإخواني".
واعتبرت أن: "من مغذيات التصنيفات الفكرية أخذ الفتوى من غير أهلها، ولابد من تطبيق القرار الملكي بقصر الفتوى على "هيئة الإفتاء"؛ لأنه إذا ضعف الانتماء للعقيدة انتشرت التصنيفات".
وطالبت نوال العيد؛ بسن عقوبات تجرم التصنيفات التي من دون بينة.
وفسر الدكتور سليمان بن علي الضحيان، من "جامعة القصيم" التصنيفات بأنها: وصف الآخرين بشيء وهم يتبرأون منه.
واعتبر أن: "الخلط أظهر لدينا أسماء، فالتيار الإسلامي قُسم إلى "السروري"، و"الجامي"، و"العصراني"، و"المتميع". وفي الجانب "الليبرالي" نسمع عن "الفاشي"، و"الإمبريالي". وبين التيارات أنفسها نجد "الإسلامي" يقول عن "الليبرالي": إنه متطرف، و"الليبرالي" يقول: إن "الإسلامي" منافق".
ورأى الدكتور عبيد العبيدي: أن التصنيفات هي نتاج نشاط فكري وثقافي، والمجتمعات المتطورة لديها تصنيفات فكرية متعددة.
وأضاف: "نحن لا نريد أن نجعل المجتمع يفكر بطريقة واحدة، بل التنوع الفكري مطلوب للتطوير، ولا يجب أن نستغل التصنيفات الفكرية لخلق العداوة مع غيرنا".