شدّد فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي بالمدينة المنورة الشيخ صلاح البدير على أن الإسلام دين رحمة وشفقة، وسلام وإحسان وليس دين قتل ولا عنف ولا إرهاب أبدًا، لقوله تعالى (وَمَا أَرْسَلْنَاك إِلَّا رَحْمَة لِلْعَالَمِينَ). وأوصى خلال حفل الغداء الذي أوْلَمه لفضيلته مكتب الدعوة في بريطانيا أمس السبت وأقيم بالمركز الثقافي الإسلامي بلندن المسلمين بأن يكونوا رحماء على الخلق، رحماء على الناس كافرهم ومسلمهم قريبهم وبعيدهم، وأن يحذروا البدع في الدين فإنها شرٌ على الإسلام والمسلمين. ودعاهم إلى أن يتحدوا وأن يحذروا من أي فكر دخيل على الإسلام.
وقال إمام الحرم النبوي مخاطبًا الحضور: "المملكة العربية السعودية مهبط الوحي وموطن السنة ومأرز الإيمان وفيها الكعبة المشرفة والمشاعر المقدسة والمسجد الحرام والمسجد النبوي، المملكة تكن لكم المحبة والتقدير وتتشرف بخدمة الإسلام، المملكة بلد إسلام وسلام، وبلد محبة لا تحمل إلا الحب والسلام والإسلام والتعاون على نشر كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم".
وزاد البدير: "أرض المملكة أرضكم وشعبها شعبكم وأنتم والمملكة جسد واحد تجمعنا وإياكم أعظم رابطة، رابطة الدين وأجلّ آصرة آصرة الإسلام والعقيدة فلا يمكن أن تنكسر هذه الآصرة أو تضعف".
واستدرك: "بل هذه الصلة تنكسر أمامها كل الصعوبات لأنها آصرة دينية، المسلم أخو المسلم، والمؤمن أخو المؤمن".
وتابع: "أوصيكم جميعًا أن تتّحد قلوبكم وتتّحد ألسنتكم وأهدافكم وراياتكم ومقاصدكم، فدينكم دين واحد ونبيكم سيد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم واحد والقرآن كتابكم واحد، فلنتوحّد على العقيدة الصحيحة الصافية النقية التي لا شائبة فيها".
واستطرد: "لقد أنعم الله علينا بشريعة كاملة شاملة ظل ظليل بلا زيادة ولا إنقاص ولا أحداث واختراع، الدين قد كمُل، قال تعالى: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِينًا﴾".
وتابع: "أوصيكم أن تتحدوا وأن تحذروا من أي فكر دخيل على الإسلام، الإسلام دين رحمة وشفقة وسلام وإحسان ليس دين قتل ولا عنف ولا إرهاب أبدًا، يقول جل وعلا: (وَمَا أَرْسَلْنَاك إِلَّا رَحْمَة لِلْعَالَمِينَ)، كونوا رحماء على الخلق، رحماء على الناس كافرهم ومسلمهم قريبهم وبعيدهم".
وقال: "احذروا البدع في الدين فإنها شر على الإسلام والمسلمين، فالعقيدة أجمع عليها الصحابة فلا اختلاف فيها، وأما الاختلافات الفقيهة فما ثبُت فيها النص الصحيح فوجب علينا أن نخضع له، وما لم يكن فيه نص وكان مجالًا لاجتهاد الفقهاء فالحمد لله فهذا الاختلاف لا يفسد المودة والمحبة، أتباع الإمام أبي حنيفة والمالكي والشافعي وأحمد بن حنبل كلهم أمة واحدة، لا يُفرّق بينهم إلا محرّش يريد الفتنة، نحن أمة واحدة".
ونوّه فضيلته بتعاون الحكومة البريطانية مع المسلمين وقال: "الحمد لله أنتم في بريطانيا تجدون من حكومة المملكة المتحدة التسهيل والانفتاح والفرصة ولا تجدون مضايقة في مساجدكم ولا في أموركم، فهذه نعمة عظيمة، فاحمدوا الله عليها واستغلوها في الخير ونشر السلام وهيأوا الأجواء للأجيال القادمة لأنْ تجد أساسًا سليمًا صحيحًا لا افتراق فيه ولا اختلاف".
وختم كلمته بالثناء والتقدير للحاضرين وقال: "أشكركم جميعًا أيها العلماء والمشايخ رؤساء المراكز والجمعيات الخيرية الإسلامية، أشكركم كثيرًا لخدمة الإسلام والمسلمين، أنتم تاجٌ على رؤوسنا وقُبْلة مناّ على جبين كل واحد منكم، المملكة تفتح لكم صدرها وذراعيها، ودًا وحبًا وصدقًا وعونًا وسندًا بعد الله سبحانه وتعالى".
وكان فضيلته بدأ كلمته التي ألقاها بحمد الله الذي هيأ هذه الزيارة للجمعيات والمراكز الإسلامية في بريطانيا والالتقاء بالمسلمين شاكرًا في هذا المقام حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وولي عهده على الموافقة الكريمة لهذه الزيارة التي تكللت بالنجاح.
وقال "البدير": "أشكر لسمو سفير خادم الحرمين الشريفين لدي المملكة المتحدة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن ونواف على ما تفضل به من إكرام ومتابعة وما لقيناه من سموه من خلق وسمو في التعامل وعلو في الفكر والحب والحرص على الخير للإسلام والمسلمين".
وتابع: "الشكر موصول لكل من الأستاذ عبدالرحمن العنزي ممثل سمو السفير والشيخ عبدالعزيز الحربي مدير مكتب الدعوة في بريطانيا والمركز الثقافي الإسلامي ممثلاً في مدير عام المركز الدكتور أحمد الدبيان وكذلك رؤساء المراكز والجمعيات الخيرية في بريطانيا".
وتضمن حفل الغداء كلمة مدير مكتب الدعوة في بريطانيا عبدالعزيز الحربي: التي استهلها بالشكر والترحيب بتشريف فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ صلاح البدير.
وأشار إلى أهمية بريطانيا وموقعها الاستراتيجي ومكانتها المهمة وأن جالياته المسلمة من أهم الجاليات في الغرب التي حققت إنجازات مهمة، ونوّه الحربي بفوائد زيارات علماء المملكة ودعاتها لبريطانيا ومنها زيادة التواصل بين المسلمين.
وقال: "لقد ركز فضيلتكم على التمسك بمبادئ الدين الحنيف بكل وسطية واعتدال وأن يكون كل مسلم سفيرًا لدينه متقيدًا بالقوانين والأنظمة المعمولة بها في البلد".
وأضاف: "حرص مكتب الدعوة في بريطانيا على دعوة مدراء المراكز والقائمين على العمل الدعوي حتى يتشرفوا بلقاء فضيلتكم والاستفادة من علمكم ونتطلع إلى زيارات مماثلة من قبلكم ومن أئمة الحرمين الشريفين".
وشكر مقام خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله لموافقته على طلب الجمعيات الإسلامية في بريطانيا لزيارة فضيلته إمام الحرم النبوي والتي تأتي من منطلق حرصه –أيده الله - على العناية بشؤون المسلمين في جميع العالم ومد جسور التعاون لخدمة هذا الدين.
كما شكر سفير خادم الحرمين الشريفين لدي المملكة المتحدة الأمير محمد بن نواف لدعمه جهود مكتب الدعوة وأنشطته وبرامجه الدعوية، وكذلك وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد ممثلة في الوزير الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ لتواصلها مع الجمعيات الإسلامية في بريطانيا ودعمها وتنظيمها وترتيبها لزيارات أئمة الحرمين الشريفين وعلماء ودعاة المملكة العربية السعودية لبريطانيا.
وعقب ذلك ألقيت كلمة مدير عام المركز الثقافي الإسلامي والمسجد المركزي بلندن الدكتور أحمد بن محمد الدبيان التي رحب فيها بزيارة فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي التي هي محل تقدير للمركز والمسلمين في بريطانيا.
ونوّه بالعلاقة الوطيدة بين وزارة الشؤون الإسلامية في المملكة العربية السعودية والمركز الثقافي الإسلامي في لندن التي تعود إلى عام 1944م عندما مُنحت الأرض التي أقيم عليها مبنى المركز من قبل جورج السادس ثم تبرع الملكة ببنائه.
وأشاد بدعم المملكة للمركز، حيث تحقق من خلاله إقامة معرض دائم وإنتاج مجلة كل أربعة شهور والعمل مع الحكومة البريطانية في برامج السجن، وتنفيذ برامج للمسلمين الجدد، وإقامة فصول لتعليم اللغة العربية، والعمل مع الشرطة ووزارة الداخلية وإجراء النشاطات المشتركة بين الأديان.
وأعرب عن أمله في استمرارية وازدهار هذه العلاقة مع المملكة والدول الإسلامية في المستقبل بإذن الله.
وكان الشيخ "البدير" تجوّل عقب حفل الغداء في أرجاء المركز الثقافي الإسلامي في "ريجنت بارك" وشملت جولته معرض الإسلام في لندن، والمعرض الدائم "محمد صلى الله عليه وسلم رحمة للعالمين" الذي ينظمه المركز بالتعاون مع الهيئة العالمية للتعريف بالرسول صلى الله عليه وسلم، المنبثقة من رابطة العالم الإسلامي.
ويتضمن المعرض عددًا كبيرًا من اللوحات عن حياة الرسول، صلى الله عليه وسلم، وأخلاقه ومواقفه من الرسالات السماوية، وعنايته بحقوق الإنسان، بالإضافة إلى رصد تاريخي لأقوال كبار المفكرين الغربيين عن الرسول، صلى الله عليه وسلم.
ويقدم معرض "نبي الرحمة" المقام على مساحة قاعتين في مقر المركز الثقافي الإسلامي في وسط العاصمة البريطانية صورة عامة عن الإسلام ومبادئه، والقرآن الكريم مع التركيز الخاص على سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم، والمثل الإنسانية فيها.