افتتح فضيلة الشيخ الدكتور عبد الرحمن بن عبدالعزيز السديس، إمام وخطيب المسجد الحرام في مكةالمكرمة، واللورد آدم باتيل أمس الجمعة مسجد توحيد الإسلام في مدينة بلاكبيرن في المملكة المتحدة. وقال فضيلة الشيخ السديس في كلمة له في الحفل الخطابي الذي أقيم بعد صلاة الجمعة في المسجد “نرجو أن يؤدي افتتاح هذا الصرح العظيم إلى أن يقوم برسالته على الوجوه المطلوب وأن يكون المسجد مصدر خير واشعاع وهداية للانسانية جميعا وللبشرية كافة”. وبهذه المناسبة، عبر فضيلة الشيخ السديس عن شكره “لحكومة بلاد الحرمين الشريفين الذين وجهوا وحرصوا على هذا اللقاء المبارك وعلى هذه الفرصة التاريخية لما لها من أثار كبيرة في نفوس المسلمين فجزاهم الله خيرا وجعل ذلك في موازين حسناتهم”. وأضاف “كما أخص بالشكر اللورد باتيل على جهوده المباركة ونهنئه بهذه المناسبة بنيله درجة الدكتوراه الفخرية لجهوده الخيرة في خدمة هذا المجتمع وفي خدمة المسلمين وفي خدمة الانسانية فجزاه الله خيرا وبارك في جهوده ونسأل الله له مزيد التوفيق”. وتابع إمام وخطيب المسجد الحرام قائلا إن “هذا التجمع الإسلامي العظيم والتاريخي الكبير ليذكرنا برسالتنا العظيمة وأهدافنا النبيلة ومقاصدنا السامية. فنحن أمة سلام وإسلام وهداية ورحمة وتعايش مع أبناء الانسانية ومد لجسورنا مع الحضارات كلها ولم يكن الإسلام يوما ما دينا متقوقعا في أماكن بعيدة عن المجتمع بل كان حريصا كل الحرص على شمول رسالته لكل متطلبات الحياة بحيث يكون المسلم عنصرا فاعلا وناميا ومؤثرا في المجتمع الذي يعيش فيه”. وقال إن “شعورنا شعور عظيم لا نستطيع أن نصفه وسعادتنا الكبيرة بافتتاح هذه المسجد وبلقاء اخواننا سعادة غامرة لا نملك إلا أن ندعو لهم في رحاب الحرمين الشريفين بأن يثيبهم الله على هذه الجهود المباركة”. ووصف اللورد باتيل بأنه من النماذج الفريدة في الدعوة إلى الله في عموم بريطانيا. من جانبه، رحب اللورد آدم باتيل بالجميع “في هذا الحدث التاريخي العظيم، ونحن نحتفل بافتتاح مسجدنا الجديد المسجد المركزي في بلاكبيرن، مسجد توحيد الإسلام”. وأضاف “فضيلة الشيخ عبد الرحمن السديس، إن الوقت والجهد الذي بذلته في قدومك إلينا اليوم بعد رحلة طويلة من السعودية حتى هنا من أجل أن تكون معنا الآن وخلال الأيام القليلة القادمة ليحتل مكانة عظيمة في نفوسنا وإنه ليمثل مصدرا لسعادتنا وفرحتنا”. وتابع قائلا “إن الافتتاح الرسمي للمسجد الجديد يعتبر حدثا هاما في تاريخ أي مجتمع ولقد انتظرنا طويلا من أجل هذه المناسبة، فمثل هذا الحدث لا يمكن وصفه إلا بأنه حدث خاص لكن وجود شخص متميز وموهوب مثلكم جعل منه مناسبة لا تنسى لتبقى محفورة في الصدور للأبد”. وأشار اللورد آدم باتيل إلى أن المسجد يعد واحدا من أعظم المباني بعد أن سخر الله عز وجل بعض الأفراد في المجتمع ليهتموا بالمستقبل الديني للناس في هذا المكان. وأوضح أن بناء المسجد استغرق ستة اعوام وكان الهدف هو لأن يكون المسجد “مركزا لحياتنا، يتعلم فيه أطفالنا الدين على أيدي علمائنا في هذا المركز الذي سيتخرج منه علماء ليقودوا العالم وينشروا الهداية في العالم أجمع”. وأضاف “فقد نشأ الكثير من المساجد ومراكز الدعوة من هنا ومن بين الكليات الإسلامية الرئيسية الآن كلية دار العلوم في بلاكبيرن والتي تم إنشاؤها من هنا كما أن لدينا الآن واحدة من أكبر المدارس في المملكة المتحدة وتحصل على أعلى الدرجات، إن مجتمعنا فعال ونشيط”. وقال “لقد أنفق الكثير من الأفراد قدرا كبيرا من أوقاتهم ومهاراتهم خلال الستة أعوام الماضية من أجل تشييد هذا الصرح العظيم. فقد ضحى هؤلاء وعائلاتهم بالكثير وهذا دليل على ما يمكن حصوله عندما يجتمع الناس معا في خدمة هدف ديني”. وبدوره، عبر إمام المسجد شعيب آدم عن الشكر والتقدير لفضيلة الشيخ السديس على قبوله الدعوة “لتدشين وافتتاح هذا الصرح المبارك”. وأشار إلى أنه وخلال “العقود الماضية لم يكن أحد يعرف شيئا على شيوخ القراء حتى ذهب الناس إلى مكةالمكرمة وعادوا بأشرطة لمشايخ الحرم المكي الشريف وبدأ عندها الناس يتسابقون في إرسال أولادهم المساجد لحفظ القرآن الكريم”. وأضاف “ولا أبالغ عندما أقول بأن الأطفال في هذا البلد يحفظون القرآن الكريم عن طريق أشرطتكم والاستماع إليها ومن هنا بدأت الدعوة إلى دين الله تأخذ طريقها للقلوب”. وتابع قائلا “لقد زارنا قبل ثلاثة أسابيع صاحب السمو الملكي الأمير تركي الفيصل وكنا في غاية السرور للقاءه، وها أنتم تشرفوننا بزيارتكم فتقبل الله منكم الخطوات”. حضر مراسم تدشين وافتتاح المسجد سعادة مدير مكتب الدعوة في بريطانيا الأستاذ عبد العزيز الحربي، و عدد من أعضاء المجلس البلدي المحلي وجمع غفير من المصلين. إلى ذلك ألقى إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور عبد الرحمن بن عبد العزيز السديس خطبة الجمعة وأم المصلين في مسجد توحيد الإسلام بمدينة بلاكبيرن وذلك في إطار الزيارة التي يقوم بها لبريطانيا . وأكد فضيلته أن الإسلام جاء لرعاية المصالح ودرء المفاسد ومد الجسور مع سائر بني الإنسان لأداء هذه الرسالة العظيمة رسالة الرحمة والتسامح بين بني الإنسان كافة. وأضاف أن هذا الدين قد كفل للإنسان الكرامة والحقوق كلها، مشيرا إلى أن حمل مشعل الهداية والدعوة إلى الله عز وجل وإلى القيم النبيلة والمثل العليا مهمة عظيمة ينبغي أن يضطلع بها المسلمون في كل زمان ومكان. وقال فضيلته إن هذه نعمة كبرى ومنة عظمى حبانا الله إياها، وأن على المسلمين واجب شكر هذه النعمة بأن يكونوا دعاة إلى الخير والفضيلة والأمن والسلامة ورعاية النظام وأن يكون المسلم عنصرا فاعلا في أي مجتمع يعيش فيه بعيدا عن كل ما يعكر صفو الأمن وبعيدا عن أسباب الجريمة وحريصا على القيم والمبادئ والمثل والأخلاق وحسن التعامل مع المسلمين وغير المسلمين. وتابع الشيخ الدكتور السديس قائلا “أما إخواننا المسلمين فإن المؤمنين إخوة والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض لتحقيق الوحدة الإسلامية، وأما مع غير المسلمين فإن مثال حسن التعامل كما كان عليه الصلاة والسلام يعيش مع المسلمين ومع غير المسلمين في المدينة النبوية المنورة ومع ذلك يدعو إلى الله ببصيرة وحكمة ، فقد زار النبي صلى الله عليه وسلم جاره اليهودي ودعاه إلى الإسلام وأيضا مات عليه الصلاة والسلام ودرعه مرهونة عند يهودي، فالتعامل مع غير المسلمين أمر مشروع وحيوي وينبغي أن يحرص عليه المسلمون لأن عمارة هذه الأرض ومد الجسور مع غير المسلمين لتعايش سلمي وحوار عظيم يدعو إلى المحاسن ،ولا شك أن هذه من أبرز وسائل الدعوة إلى الله عز وجل”. وأوضح فضيلة إمام وخطيب المسجد الحرام إلى أن مسجد توحيد الإسلام يعد مشعل خير وصرح هداية للانسانية جميعا، مضيفا “ولهذا نحن نقول للعالم إطمئنوا من رسالة الإسلام ولا تقلقوا أبدا من المسلمين ولا تقلقوا من المساجد فهي رسالة الخير والهداية والسلام والتسامح حتى مع غير المسلمين”. وأشار إلى احترام المسلم لنظام البلد الذي يعيش فيه لأن المسلم عنصر فعال وعنصر يدعو للخير والهدى والفضيلة وينهى عن الشر والرذيلة. وقال فضيلته “ووصيتنا لإخواننا المسلمين في الغرب أن يكونوا مثالا حسنا، وسفراء لدينهم، وأمتهم، وقيمهم وإسلامهم بالأسلوب الحسن والسيرة المحمودة وبالأخلاق القويمة فلا يغشون ولا يظلمون ولا يكونون عبئا على المجتمعات التي يعيشون فيها ويكونون بعيدين كل البعد عن أسباب الجريمة والانحراف وحريصون على تربية أنفسهم وعلى تربية أبنائهم وأن يكون المسلم أنموذجا مشرقا في تمثيل رسالة الإسلام كما مثلها رسولنا وحبيبنا وقدوتنا بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم”. وقال “لقد أتينا من بلاد الحرمين الشريفين من مكةالمكرمة ومن المدينة النبوية المنورة نحمل لكم تحيات إخوانكم ولاة أمر بلاد الحرمين الشريفين الذين يكنون لكم كل محبة وتقدير ويشاطرونكم أفراحكم وآمالكم في عمارة هذا البيت من بيوت الله عز وجل، وتحيات علماء وأئمة الحرمين الشريفين الذين حملونا السلام والدعاء لكم بكل توفيق في دينكم ودنياكم وآخرتكم”.