استقبل وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد الشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ، في مقر الوزارة بالرياض اليوم الأمير الدكتور بندر بن سلمان بن محمد آل سعود مستشار خادم الحرمين الشريفين، ورئيس لجنة الدعوة في أفريقيا، والدكتور إبراهيم بن محمد أبو عباة عضو مجلس الشورى، وعضو اللجنة، وأعضاء اللجنة الآخرين. ووجَّه "آل الشيخ" كلمة إلى أعضاء اللجنة استهلها بحمد الله، والثناء عليه والصلاة والسلام على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثم قدم التهنئة للجميع بمناسبة شهر رمضان المبارك، داعياً الله أن يتقبل منهم صيامهم، وقيامهم وصالح أعمالهم، وقال: إنها مناسبة سنوية ننتظرها كل عام؛ لما لها من أثر كبير في التواصل، وتأكيد الصلة والقرب بين الأجهزة الحكومية في المملكة العربية السعودية وعلماء المملكة العربية السعودية، وبين قادة الدعوة في قارة أفريقيا، أسأل الله -جل وعلا- أن يجعلها دائمة، وأن يجعلنا وإياكم من المتعاونين على البر والتقوى، وأن يقوينا بالإسلام وأن يقوي الإسلام بنا.
وأبان أن الأمة الإسلامية تمر كل عشر سنوات بأمور جديدة تُضعف من شأن هذه الأمة وخاصة في منطقتنا التي يسمونها الشرق الأوسط وهي منطقة الرسالات، رسالات الله، والمنطقة التي بعث الله فيها عدداً من أولي العزم من الرسل، هذه المنطقة هي نواة الإسلام، وهي قاعدة الإسلام والمعركة منذ القديم بين المشركين والكفار وبين الرسل وأتباعهم هي في هذه المنطقة، ثم الناس بعد ذلك شرقاً أو غرباً تبع لما يحدث في ذلك، تبشيراً بالدين، أو إبعادا عنه، نصرة للإسلام أو خذلانا وبعداً عن ذلك، ولهذا مرور هذه الأمة بهذا العداء من القوى العالمية التي تريد بهذه الأمة وقبل ذلك بدينها شراً لابد أن نكون على وعي به فمنذ أكثر من 70 عاماً أو من نحو 70 وكل عشر سنوات هناك أحداث عظام تحدث في هذه الأمة.
وأشار إلى ان ما يحدث في هذه المنطقة بالذات هو امتدادا لما فعله المستعمر الكافر بهذه الأمة منذ قرون منذ بداية الاستعمار الغربي البريطاني والفرنسي والايطالي والبرتغالي والاسباني والهولندي إلى آخره ما بين شرق العالم الإسلامي إلى غربه من اقصى آسيا إلى غرب افريقيا، المهمة واحدة وتتغير الاشكال والقوم اذكى واقدر على الترتيب من هذه الأمة قادة وشعوباً.
وتابع "آل الشيخ": انتم نخبة العلماء وقادة العمل الاسلامي في افريقيا، وأشير هنا إلى بعض الملاحظات أو الأصول التي يحسن الوقوف عندها اولاً وعد الله حق: "هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيداً"، أرسل رسوله بالهدى ودين الحق لعلة واحدة ليظهره على الدين كله، يعني ليكون الاسلام هو الظاهر وغيره غير ظاهر وحصل وعد الله جل وعلا وظهر الإسلام على مدى قرون عدة إلى أن شاء الله جل وعلا ضعف هذه الأمة.
وقال إن الظهور نوعان، ظهور الدين نوعان إما ظهور بالحجة والبيان والوضوح وإما ظهور بالقوة والسنان، والظهور باق بالحجة والبيان لأن حجة الإسلام هي القرآن وهو ظاهر ومهيمن على كل ما عداه فهذه الأمة ظاهرة وهذا الدين ظاهر ظهور القوة ظهور البيان والحجة والدليل على مدى الأزمان لا يتخلف عن ذلك ولو ليوم واحد ولكن النوع الثاني من الظهور، ظهور القوة والسنان هذا الأمر فيه لله قال تعالى: "وتلك الايام نداولها بين الناس وليعلم الله من ينصره ورسله بالغيب"، فهنا هذه لله فيها حكمه فإذاً الوقفة الأولى والملحظ الأول أننا نوقن بأن هذا الدين منتصر، وأن الحجة باقية وأنه ظاهر ولذلك وظيفتنا الاساسية في العلماء والدعاة وقادة العمل الدعوي هي في بقاء ظهور الحجة والبيان في الأمة ويغلط من يفرط في هذا لأجل قوة السنان، أو قوة المواجهة لأن أول ما بعث النبي صلى الله عليه وسلم في مكة كانت حجته القرآن وكانت قوته القرآن وكان جهاده للناس بالقرآن قال جل وعلا كما في سورة الفرقان: "فلا تطع الكافرين وجاهدهم به جهاداً كبيراً" يعني بالقرآن، فإذا أنتم وسائل قيضها الله، ومنَ بها عليكم أن كنتم سبب في بقاء ظهور هذا الدين بالحجة والبيان وهذا هو الاساس الذي بعث الله به انبيائه لأن المواجهة بالقوة هذه وسيلة والوسائل تقدر بقدرها فإذا كان هناك مجال للظهور بالحجة والبيان فهذا هو الواجب فلذلك في أول رد شيخ الإسلام ابن تيمية على النصارى في الجواب الصحيح قال: "الجهاد الباقي وهو الأصل هو جهاد الحجة والبيان " ولهذا جعل النبي صلى الله عليه وسلم من ورثه هم العلماء وليس أهل الجهاد، قال فإن العلماء ورثة الأنبياء، فإن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً إنما ورثوا العلم، يعني تركوا بعدهم في الأمة في ميراث النبوة العلم فمن أخذه أخذ بحظ وافر وقال جل وعلا في سورة الدعوة سورة يوسف قال جل وعلا :"قل هذه سبيلي ادعو إلى الله على بصيرة انا ومن اتبعني" فالوسيلة والسبيل هو هذه الدعوة.
وواصل قائلاً: الملحظ الثاني أو الوقفة الثانية أن الدعوة والسياسة أمران يجتمعان ويفترقان والأصل أن بينهما تباين ولذلك من فرط في الدعوة في ميراث النبوة في نشر العلم، في تثبيت ظهور الحجة والبيان لأجل السياسة فقد فرط في أصل لأجل وسيلة، وهنا مدار عقول وبصائر في هل يفرط بالعلم والدعوة وظهور الدين بالحجة والبيان لأجل السياسة، أم لا يفرط هذا مدار عقول والموفق من وفقه الله في ذلك ولهذا كان من اللوازم أن نربط ما بين هذه المسألة وهي ظهور الدين بالحجة والبيان وما بين إقحام أهل الدعوة في السياسة وهذا مرتبط بذاك فمن جملة ما أظنه ظناً برؤية شخصية من جملة كيد الأعداء بكم إضعاف دوركم في الظهور بالحجة والبيان في إقحامكم في ميادين السياسة والأوهام والسبب أن تجربة السياسة قد تنجح وقد تفشل، فإذا نجحت وهذا احتمال اضعف إذا نجحت فإنها لها الكثير من العوائق في استمرار نجاحها، واذا فشلت اثر فشلها على ظهور الدين بالحجة والبيان فإن ظهور الدين بالحجة والبيان هو الأساس هو الأصل، والسياسة الجهاد إلى آخره هذه وسائل فإذا كانت هذه الوسائل ستؤثر فإنه لا يجوز الدخول في وسيلة تؤثر على الأصل عقلاً وشرعاً، والاعداء ارادوا بهذه الأمة أن يدخلوا العلماء والدعاة في هذه السياسة ليفشلوا، أو ليفرغوا جهودهم فيها ويتركوا ميدان الأصل حتى لا ينتشر الدين أو أن يفشلوا فيقول الناس الإسلام لا يصلح لهذا الزمن وهذا أمر مهم فإن الاهتمام بالأصل هو الواجب والأصل الذي نشأتم عليه وقمنا عليه هو نشر العلم والدعوة، وتقريب الناس إلى ربهم جل وعلا وتحبيب الناس لهذا الدين والجهاد في سبيل الله بالحجة والبيان لبقاء ظهور الدين على الدين كله.
وقال: الملحظ الثالث أن القرآن هو الحجة الباقية فعلينا أن نتدبر القرآن فيما نقرأ في الأحكام، وفي الأخبا، وفي قصص الانبياء، قال تعالى: " فاصبر إن وعد الله حق ولا يستخفنك الذين لا يوقنون" ثلاثة أمور عظيمة أولاً الصبر اصبر ميداننا هذا ليس ميدان مفروش بالورود وباللهو إنما هو ميدان صبر على العلم وصبر على المعرفة ومصابرة مع إخوانك المؤمنين مع العلماء في بلدك، وفي غير بلدك لابد من الصبر ومن المصابرة للعدو، الثاني اليقين إن وعد الله حق، مهما كان الأمر ولو بقيت وحدك على ميراث النبوة لا على ظلال على ميراث النبوة فإن وعد الله حق، لابد أنه كما أخبر الله لأنه هو الذي أخبر والأمر إليه جل وعلا، والثالث وهو المهم ولا يستخفنك الذين لا يوقنون، والله جل وعلا يقول لنا في هذه الآية إن الذين لا يوقنون وهم الكفار هم المشركون هم المنافقون هم من يريدون كيداً يسعون في الاستخفاف بمن؟، بالنبي صلى الله عليه وسلم وبأتباعه وما أشبه الليلة بالبارحة بما قبل البارحة الاستخفاف مستمر، والاستخفاف معناه أن يجعلك خفيفاً لا رأي لك تقبل كل ما يقال أو تمشي في كل درب يمهد لك هذا ليس من شيم أهل العلم، ولا من شيم الحكماء والعقلاء، ولا يستخفنك الذي لا يوقنون، يستخفونك لتنظر أنت ما لهدف يستخفونك لا تنظر إلى هذا استخفاف أو ليس باستخفاف، ما نتيجة هذا الأمر الذي أرادوه، هل هو صرف عن الوجهة الأساسية أم لا، هل هو تحييد لك عن الحق أم لا؟، هل هو إبعاد لك عن ما أمر الله جل وعلا أم لا؟، هذه كلها دوامات ويقرب الرجل ويبعد من الصواب بحسب مدركاته ورسوخ علمه في معرفة المصالح والمفاسد ثم في معرفة درجة الاستخفاف، ونوع الاستخفاف، فالله أمرنا بالصبر الصبر على الطريق الصحيح على الطريق القوي والثقة بأن وعد الله حق وعدم الدخول في استخفاف لنا بأي شكل كان.
وأضاف: الملحظ الرابع أنه لا يمكن أن يكون هناك ثقة، فلا يجوز أن يكون هناك ديانة ثقة بمن عاداك في دين الله، فمن عاداك في دين الله لا تثق به سواء أكان ودوداً أم كان مجاهراً لأن الله جل وعلا قال لنا فيهم، وفي صنف منهم في المنافقين قال هم العدو فاحذرهم، وقال: "يا أيها الذين آمنوا خذوا حذركم" يعني لامجال في هذا الزمن للثقة لا تثق في عدوك مهما كان واربط هذه عدم الثقة بالآية الأولى ولا يستخفنك الذين لا يوقنون، فإذا نظرت دائماً إلى أن ميدان عدم الثقة هو أنه هذا يريد أن يجرك إلى نوع من ما يضعف به ثباتك على الدين، أو يضعف به نشرك للإسلام أو في الدعوة، أو تقويتك لظهور الدين في بلدك فاعلم أن المسألة وراءها شيء والذين يتبعون الشهوات كما في القرآن يريدون منا أن نميل، قال الله جل وعلا :" ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلاً عظيماً" أهل الشهوات بأصنافهم يريدون الميل لأن هذا تركيبة شيطانية في نفوسهم لا يمكن إلا أن يريدوا بالمؤمنين وبخاصة المؤمنين أهل العلم والدعوة الميل.
وشدد "آل الشيخ" في هذا السياق على أن الحكمة مطلوبة وقد يتغاضى المرء ولكن ليس مغفلاً يتغاضى يتغافل ولكن لا يجهل ففيه فرق ما بين اللين لأجل مصلحة شرعية، وما بين أن تكون مغفلاً لا تدري ماذا يراد بك وهنا أصل مهم لكم في كل مكان تكونون فيه، الموعد الجنة الحياة هذه لا حساب لها إلا أن تكون مسخراً في طاعة الله، هذه مهمة الأنبياء، ومهمة العلماء ومهمة الصالحين ومهمة من قام بالحق.
وتطرق إلى موضوع ملتقى اللجنة لهذا العام الذي يدور حول توحيد الصف وأثره في الاستقرار، يعني الاستقرار في المجتمعات الإسلامية، استقرار المسلمين بل نقول وحدة الصف، وأثره في استقرار صفوف الدعاة، وحدة الصف واثره في استقرار ظهور الدين والكلمة، وحدة الصف وأثره في استمرار الدعوة إلى دين الله، مؤكداً أن وحدة الصف وسيلة من الوسائل المهمة في ذلك، فيجب علينا أن نكون أوعى بفضل الله، وبإلهامه وبحكمته جل وعلا وأن نكون أعقل مما يحاك ضدكم، والدين سينتصر، والإسلام سيظهر والقوة في الحق، القوة في الحق نفسه، قال تعالى: "هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيدا".
وكان اللقاء بدأ بكلمة للدكتور ابراهيم أبوعباة عبر فيها باسمه وباسم أعضاء لجنة الدعوة في أفريقيا عن خالص الشكر للشيخ صالح آل الشيخ على اقتطاع هذا الوقت الثمين من وقتكم الذي نعرف أنه ثميناً لاستقبال ضيوف اللجنة وليس هذا بغريب عليكم فأنتم أهل الدعوة وهذه اللجنة هي جزء من هذه الوزارة المباركة وهي تلقى من معاليكم ومن المسؤولين في هذه الوزارة كل الدعم والتأييد والمساندة والتشجيع ولولا توفيق الله عزوجل ثم هذا الدعم وهذا الاحتضان لما وصلت اللجنة إلى ما وصلت إليه.
ثم ألقى عضو اللجنة من الصومال محمد جيري كلمة قال فيها: قد أتينا اليوم للسلام عليكم وندعو لكم بالخير لجهودكم الطيبة في الدعوة ولخدمتكم للإسلام والمسلمين نسأل الله تعالى أن يتقبل منا ومنكم صالح الأعمال وأن يجزاكم خيراً لما قدمتم للإسلام والمسلمين وخاصة في أفريقيا.
وخُتم اللقاء بكلمة لرئيس لجنة الدعوة في أفريقيا جاء فيها: نحن نجتمع في هذه الوزارة وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد التي رعت وترعى دائماً الدعاة في العالم الإسلامي قاطبة بل وفي العالم أجمع الذي يوجد لديهم أقليات إسلامية كما ترون العلماء في المملكة العربية السعودية حريصين باللقاء بكم، وللتأكيد على أننا معكم قلباً وقالبا وأننا لم ننساكم، وكما ذكرتم أنتم بحاجة لنا ونحن بحاجة إليكم وأنتم امتداد لنا ونحن امتداد لكم.
وفي نهاية اللقاء، قدم الأمير بندر بن سلمان بن محمد هدية تذكارية للوزير الشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ.