كشف موقع "ويكيليكس" أن مئات المدنيين قتلوا على الحواجز الأمريكية في العراق وأن الجيش الأمريكي تستر على أعمال التعذيب التى تمارسها قوات الأمن العراقية، وأشارت الوثائق أيضاً إلى "تورط" رئيس الوزراء العراقي المنتهية ولايته نوري المالكي "في إدارة فرق للقتل والتعذيب". وقد بدأ الموقع أمس الجمعة 22 أكتوبر في نشر 400 ألف وثيقة سرية حول احتلال العراق من قبل القوات الأمريكية وقوات من حلف شمال الأطلسي. ونقلت وكالة الأنباء الفرنسية "أهم الاستخلاصات" الواردة في الوثاثق، كما سيكشفها الموقع المختص بتسريب الوثاثق العسكرية، في الساعات القادمة، وتغطي الفترة ما بين بداية عام 2004 ونهاية عام 2009، وأبرز هذه الاستخلاصات تستر الجيش الأمريكي على "أعمال التعذيب" التي تعرض لها سجناء عراقيون على أيدي قوات الشرطة والجيش العراقيين. وأفادت وثائق ويكيليكس أن "الولاياتالمتحدة كانت على علم بأعمال التعذيب هذه لكنها أمرت جنودها بعدم التدخل"، كما كشفت الوثائق أن "مئات المدنيين قتلوا على حواجز تسيطر عليها القوات الأمريكية"، وذلك على الرغم من أن التصريحات الرسمية الأمريكية تنفي ذلك. وأوضحت الوثائق أن "عدد القتلى المدنيين في العراق أكثر بكثير مما هو معلن"، وأشارت وثائق ويكيليكس أيضاً إلى "تورط" رئيس الوزراء العراقي المنتهية ولايته نوري المالكي "في إدارة فرق للقتل والتعذيب"، وتكشف الوثائق العسكرية الأمريكية أيضاً عن "دور إيراني سري في تمويل وتسليح الميليشيات الشيعية"، كما تنشر ويكيليكس "وثائق جديدة عن ضحايا (الشركة الأمنية الأمريكية الخاصة) بلاك ووتر، من المدنيين". وحذر متحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية، الجمعة، من أن الوثائق العسكرية السرية التي يستعد موقع ويكيليكس لنشرها، قد تشكل تهديدا للقوات الأمريكية والعراقيين المتعاونين معها. وقال المتحدث باسم البنتاجون دايف لابان في تصريح صحفي: إن وزارته تعرفت على الوثائق السرية ال 400 ألف حول الحرب في العراق التي يمكن أن ينشرها موقع ويكيليكس. وأوضح أن هذه الوثائق "هي معلومات أولية جمعتها وحدات عسكرية" ولا تتضمن "تحليلاً استراتيجياً ولا معلومات رفيعة المستوى". وأضاف أنها تتحدث عن معاملة المعتقلين, وعن مناقشات بين مسؤولين أمريكيين وشخصيات سياسية عراقية, وتفجير ألغام يدوية الصنع وعمليات على "المستوى التكتيكي". كما حذر الأمين العام لحلف الأطلسي أندرس فوج راسموسن، الجمعة، في برلين من تسريبات ويكيليكس, وقال رداً على سؤال خلال مؤتمر صحفي مشترك مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل: "هذه التسريبات مؤسفة للغاية ويمكن أن تكون لها عواقب سلبية جداً لجهة سلامة الأشخاص المعنيين". وطلب البنتاجون الذي أعلن الجمعة تعبئة 120 شخصاً لتقييم النتائج المحتملة لنشر المستندات, من وسائل الإعلام "عدم تسهيل تسريب" المستندات حول العراق. وسبق أن نشر ويكيليكس الذي تأسس في 2006, العديد من الوثائق السرية حول الحرب في العراق وأفغانستان، وأثار نشر آلاف الوثائق العسكرية في يوليو استياء الحكومة الأمريكية, إذ حذر رئيس الاستخبارات الأمريكية جيمس كلابر، والمدير السابق لوكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه) مايكل هايدن، من أن ذلك قد يؤدي إلى تقويض الجهود المبذولة بعد هجمات 11 سبتمبر 2001 لردم الهوة بين وكالات الاستخبارات المتنافسة. ولم يكشف ويكيليكس عن مصدر الوثائق التي نشرها حتى اليوم، إلا أن شكوكاً حامت حول برادلي مانينج المحلل في شؤون الاستخبارات العسكرية الأمريكية، الموضوع رهن الاعتقال العسكري. واعتقل مانينج في مايو بعد نشر ويكيليكس تسجيلاً مصوراً عن هجوم شنته مروحية عسكرية أمريكية من طراز أباتشي وأدى إلى مقتل مدنيين, وأدين في حينها بنقل معلومات دفاعية إلى مصدر غير مرخص. وبالإضافة إلى انتقادات الحكومة الأمريكية يواجه موقع ويكيليكس مشاكل داخلية وتحقيقا قضائيا ضد مؤسسه جوليان أسانج، بانتهاكات جنسية، كما يعاني الموقع مشاكل مالية. وأبلغ أسانج صحيفة الجارديان أن الشركة البريطانية "ماني بوكرز" المتخصصة في عمليات الدفع عبر الإنترنت التي يستخدمها الموقع لجمع التبرعات, أقفلت الحساب العائد لويكيليكس في أغسطس بعد أن وضعت حكومتا الولاياتالمتحدة وأستراليا الموقع على اللائحة السوداء في الأيام التي تلت نشر الوثائق المتعلقة بحرب أفغانستان. وخضع الموقع "لصيانة مبرمجة" منذ 29 سبتمبر, إلا أنه وعد "بالعودة إلى الشبكة في أسرع وقت ممكن".