وسط تناقض الأجهزة الحكومية، واجتهاداتها العشوائية في التعامل مع الأمطار وكوارث السيول.. شارف سد بيش على "المفيض" مهدداً بكارثة بشرية، وطبيعية ستدمر في حال وقوعها ما حول السد من قرى وتجمعات سكانية. ويبرز في هذه الإشكالية تقصير بعض الأجهزة الحكومية في اتخاذ القرار، وضعف التنسيق، والمركزية والتحكم في الصلاحيات ففي حين يحذّر رجال الدفاع المدني من ارتفاع منسوب المياه ووصوله لحالة الخطر، ويطالبون بفتح بوابات السد لتخفيف ضغط تراكم المياه؛ ينفي مسؤولو وزارة المياه والكهرباء في جازان هذا الخطر، مؤكدين أن الأمور في حدودها الآمنة رافضين فتح البوابات وبأن ذلك لا يتم إلا بأمر من وزير المياه والكهرباء شخصياً حسب الأوامر والتعليمات. ومن جانب آخر أعرب عددٌ من أهالي منطقة بيش عن قلقهم الشديد من ارتفاع منسوب المياه بسد وادي بيش, الأمر الذي ينبئ بكارثة وشيكة وفي أي لحظة. وأوضح الأهالي أن تطمينات المسؤولين المستمرة لم تبنَ على واقع حقيقي ومطمئن, وأنهم سكان بيش، والأدرى والأعلم بها أكثر من المسؤولين. وأشاروا إلى أنه في السنة الماضية قام المسؤولون بفتح "بوابتين" فقط من بوابات السد فتعدت المياه الطريق الدولي, واحتجزت العديد من السيارات والأشخاص, وتساءلوا كيف لو حصلت الكارثة وأنهار السد بأكمله. وأبدوا استغرابهم من عدم شعور المسؤولين بحجم الكارثة التي تهدد الآلاف من المواطنين وتؤرق مضاجعهم, مدللين على ذلك من عدم قيام المسؤولين بفتح السد بشكل دوري ومنتظم، الأمر الذي يسمح بنقصان منسوب المياه ويخلق نوعاً من الطمأنينة, ويجلي عنهم مخاوفهم . من جانب آخر حذّر مدير عام الدفاع المدني بجازان اللواء حسن بن علي القفيلي من وصول المياه للمفيض، وأكد ل"سبق" أن السد من الناحية الإنشائية حسب التقارير التي تصلنا من اللجنة المشكّلة والتي يرأسها أمير المنطقة تفيد بأن السد سليم من الجهة الإنشائية، ولكن المياه بالسد أوشكت على المفيض، والمفروض يتم تصريف المياه تحسباً لأي طارئ، وبيّن مخاطبة وزارة المياه لفتح بوابات السد كون السيول تشكّل خطراً خصوصاً أن الوادي لم يجرِ منذ فترة، وهو ليس مهيئاً، وإذا اندفعت المياه دفعة واحدة ربما تشكّل خطورة. وقال "نحن دائماً نتوقع أسوأ الاحتمالات ونوصي بتفريغ مياه السد في الوقت الذي لا تكون بالمنطقة أمطار ولا سيول جديدة، ودائماً نخاطب وزارة المياه والكهرباء بشأن فتح بوابة السد ولكن يبدو أن لديهم تعليمات من الوزير بعدم فتح بوابات السد إلا للضرورة القصوى حتى لو وصل للمفيض، وألا تفتح إلا بأمره شخصياً". وقال "سد بيش يعد ثاني أكبر سد بالمملكة حيث إن الأمطار التي تحصل في عسير يرد منها السيول إلى سد وادي بيش كميات كبيرة، وهذا السد يحتوي على مخزون كبير من المياة بمعدل 94 مليون متر مكعب وبحيرة السد تمتد الى مسافة 40 كيلو شرقاً وسيول الأودية والأمطار هذه مأخوذة بالحسبان ويتوقع خلال الفترة هذه أن منطقة جازان ستشهد كمثيلاتها من مناطق المملكة أمطاراً وسيولاً وربما عواصف وكل الظواهر الجوية وهذا احتمال وارد". وبيّن القفيلي قائلاً الدراسات تشير إلى أن جازان من أكبر المناطق التي تتعرّض للأمطار والسيول خلال فترة السنة كاملة، حيث كنا نظن أن السيول والأمطار في جازان بالصيف ولكن الأمطار الآن صارت بالصيف والشتاء وفي كل فصول السنة وجازان معرّضة للسيول. وقال "تشهد جازان أمطاراً وسيولاً وفيها طرق انقطعت في بعض الجبال، ولكنّ المسؤولين في وزارة النقل يعملون على أساس إعادة، وتهيئة الطرق، وهذه الأمطار والسيول مستمرة على منطقة جازان، ونتوقع خلال الفترة القادمة أن تكون أكثر". وكانت لجنة الدفاع المدني الرئيسية التي يرأسها أمير جازان عقدت اجتماعات الأسبوع الماضي، وهذه اللجنة تعنى بتحليل المخاطر بشكلٍ عام وتشمل في عضويتها، بالإضافة للدفاع المدني إدارة الطرق والزراعة والمياه والتعليم والصحة والسياحة وتعد الدراسات اللازمة لتهيئة كل الجهات للقيام بواجبها وأعمالها. من جانب آخر أكد الناطق الإعلامي بالمديرية العامة للمياه بمنطقة جازان "علاء خرد" أن سد بيش صمم ليستقبل كميات كبيرة من مياه الوديان والتي قامت بتنفيذه وزارة المياه والكهرباء بحسب مواصفات عالمية وليس هناك أي خوفٍ منه. وأضاف الخرد أن المديرية العامة للمياه بمنطقة جازان تقوم بصيانة سد بيش بحسب جداول الصيانة والتي تكون بشكلٍ مستمر من قِبل مقاول التشغيل والصيانة لسد بيش، بالإضافة إلى متابعة وزير المياه والكهرباء ومهندسي ومشرفي المديرية.