لم تر "عودة الشاطبي" والدها عبد الرحمن إلا مرة واحدة عبر اتصال بالفيديو مع معتقل "جوانتانامو" الأمريكي الواقع على بعد آلاف الكيلومترات عن بلدها اليمن. الأب مسجون في القاعدة البحرية الأمريكية في خليج جوانتانامو بكوبا والابنة ولدت بعد أن ألقي القبض عليه في باكستان عقب هجمات 11 سبتمبر 2001.
وعبد الرحمن الآن هو واحدٌ بين أكثر من 90 سجيناً يضربون عن الطعام في المعتقل. قال محمد الشاطبي وهو موظفٌ في وزارة الدفاع اليمنية وعم عودة في الأسبوع الماضي: "آخر مرة تحدثنا فيها معه كانت قبل ثمانية أيام بدا أكثر نحافة وتبدو صحته متدهورة منذ آخر مرة رأيناه فيها". وقال "الشاطبي" إن "عودة" تحدثت مع والدها من مكتب تابع للصليب الأحمر في العاصمة صنعاء وسألته عن صحته ثم أجهشت بالبكاء.
ولا يزال ما يصل إلى 166 سجيناً موجودين في "جوانتانامو" بعد أكثر من عشر سنوات من فتحه على الرغم من وعد الرئيس الأمريكي باراك أوباما بإغلاقه عقب توليه منصبه عام 2009.
الكثير من السجناء هناك محتجزون دون اتهامات رسمية أو محاكمة وصدرت أحكامٌ بالإفراج عن بعضهم لكنهم ما زالوا محبوسين منهم 89 يمنياً على الأقل والكثير منهم اعتقل قبل أكثر من عشر سنوات.
وأدانت المنظمات الدولية لحقوق الإنسان على مدى سنوات هذا المعتقل وطريقة المعاملة القاسية للسجناء وشككت في قانونية النظام بأكمله.
وعادت الأضواء تتسلط مجدداً على "جوانتانامو" بعد اشتباك بين الحرس وسجناء هذا الشهر ونشر أقوال بعض سجناء بخصوص إطعام بعض المضربين عن الطعام قسراً.
وما زالت هناك عراقيل قانونية وسياسية تحول دون إغلاق "جوانتانامو"بما في ذلك مخاوف أمريكية من احتمال عودة السجناء إلى صفوف تنظيم القاعدة في حالة عودتهم إلى بلادهم.
وبدأت الولاياتالمتحدة إعادة سجناء يمنيين بعد انتخاب أوباما عام 2008 وتوقفت المساعي عام 2010 بعد أن حاول رجل دربه متشددون في اليمن تفجير طائرة متجهة للولايات المتحدة في 2009 بقنبلة خبأها في ملابسه الداخلية.
واليمن ذاته هو خط المواجهة في المعركة مع تنظيم القاعدة وتقدم واشنطن الدعم العسكري للبلاد بما في ذلك شن ضربات بطائرات بلا طيار على متشددين ينشطون أساساً في الجنوب.
ويصر البيت الأبيض على أنه يريد إغلاق جوانتانامو لكنه يقول إن قيوداً يفرضها الكونجرس ما زالت تمثل عراقيل. ويتطلب الإفراج عن بعض السجناء تعهد مسؤولين أمريكيين كبار بأن الدول التي تستقبل أي سجين يفرج عنه مستعدة وقادرة على منع هذا الشخص من تنفيذ أي عمليات ضد الولاياتالمتحدة وهو ضمانٌ لا يبدي الكثير من المسؤولين الأمريكيين استعدادهم لتقديمه.
وعندما سئل جاي كارني المتحدث باسم البيت الأبيض عما إذا كان الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي اتخذ أي إجراءات لمواجهة تنظيم القاعدة تساعد على استئناف عمليات إعادة السجناء أجاب قائلاً إنه ليس لديه معلومات جديدة عن المحتجزين.
وألقى "كيتلين هايدن" المتحدث باسم مجلس الأمن القومي التابع للبيت الأبيض باللوم على الكونجرس في هذا الموقف المتأزم. ويقول محامون في مجال حقوق الإنسان إن القصة لا يمكن اختصارها في القيود التي يفرضها الكونجرس.
ويشكو اليمنيون من أن حكومتهم لا تبذل جهداً كافياً لإعادة مواطنيها. وفي مقال افتتاحي في نيويورك تايمز هذا الشهر تحدث يمني عن وقائع الإطعام القسري وظروف السجن.
كتب سمير الحسن مقبل الذي قال إنه ظل محتجزاً طوال 11 عاماً وثلاثة أشهر من دون اتهامات يقول إنه فقد نحو 13 كيلوجراماً من وزنه منذ أن أضرب عن الطعام في العاشر من فبراير.
وفي مقهى في صنعاء قال بندر القطاع شقيق المعتقل منصور إن شقيقه انضم إلى الإضراب عن الطعام لأنه فقد الأمل في الإفراج عنه بعد أن قضى عشر سنوات في الحبس دون محاكمة.
وقال "بندر" وهو يمني سعودي المولد يشن حملات للدفاع عن حقوق السجناء "نتمنى أن يتحرك ضمير البشرية لمساعدتنا في التوصل إلى الإفراج عنهم. هؤلاء لم يدانوا قط في أي جريمة".
ويقول نشطاء حقوق الإنسان من اليمن إن لجنة عسكرية أمريكية نظرت في قضايا السجناء أوصت بإعادة 58 من اليمنيين في "جوانتانامو" إلى بلادهم.