رعى الأمير عبد العزيز بن عبد الله بن عبد العزيز، نائب وزير الخارجية، رئيس مجلس أمناء جائزة خادم الحرمين الشريفين عبد الله بن عبد العزيز العالمية للترجمة، اليوم حفل إعلان أسماء الفائزين بجائزة خادم الحرمين الشريفين عبد الله بن عبد العزيز العالمية للترجمة في دورتها السادسة، بمقرِّ مكتبة الملك عبد العزيز العامة بالرياض، وقد رحَّب سموُّه في كلمته بالحضور، ونقل لهم تحيات خادم الحرمين الشريفين وعميق تقديره لهم، وبيَّن أن حركة الترجمة والنقل ظلَّت مرتبطة بالإنسان على اختلاف المراحل التي مرَّ بها، وكانت دائماً عنواناً للتفاعل الإنساني والحضاري بين الشعوب والجماعات على صعيد الفكر والثقافة؛ إذ تتيح لكل شعب وأمّة وجماعة الاطلاع على ما أبدعه الآخرون في ميادين العلوم والآداب والفنون، وبذلك تثري الثقافة العالمية، ويصبح الرواد في كل مجال من مجالات المعرفة أوفر تجربةً وأوسع خبرةً وأقدر عطاءً. وقال: "لئن أخذت مكتبة الملك عبد العزيز العامة تنفيذ التوجيهات الكريمة لسيدي خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، حفظه الله، لهذه الجائزة العالمية والحضارية والثقافية بصور وأشكال متنوعة؛ فإنما تستجيب هذه الجائزة العالمية لحاجة حضارية قائمة، تكتمل بها الرؤية الحضارية والإنسانية التي قادها، حفظه الله؛ لتحقيق هذا النجاح الكبير في سنوات قليلة وارتباطها بمبادراته التاريخية، للحوار بين أتباع الأديان والثقافات؛ وإنشاء مركز الملك عبد الله بن عبد العزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات في فيينا؛ لتنشيط الجهود التي تُبذل، وتحفيز النخب العلمية والثقافية والفكرية، من الأكاديميين والمفكرين والمبدعين؛ لتحقيق التواصل المنشود على المستوى الفردي والمؤسسات العلمية.
وأضاف يقول: "في دورتها السادسة، كان في طليعة الأعمال التي نهضت بها هذه الجائزة العالمية، جنباً إلى جنب مع التحفيز والتشجيع اهتمامها برصد واقع الترجمة في العالم؛ لتكون معرفة الواقع منطلقاً للنهوض والتقدُّم في هذا الخصوص، واجتماع هذه الأبعاد الثقافية والحضارية والإبداعية والتنظيمية، يقدِّم رسالة واضحة من بلاد الحرمين وقيادتها الرشيدة، في بيان موقف الإسلام في التعامل مع الآخر، وتشجيعه الحوار الإيجابي والتعاون في كل أبواب الخير، بعيداً عن الإساءة إلى الأديان، والهيمنة، أو السيطرة، أو محاولات طمس الهوية المميزة للحضارات والثقافات أو فرض نموذج حضاري على الحضارات والثقافات الأخرى؛ فضلاً عن توكيدها على التعارف بين شعوب العالم، والتعايش بينهم، والتعاون على الخير في مجالاته المتنوعة".
وأعلن أمين عام الجائزة الدكتور سعيد بن فايز السعيد عن الأعمال الفائزة والشخصيات المكرمة للدورة السادسة لجائزة خادم الحرمين الشريفين عبد الله بن عبد العزيز العالمية للترجمة في فروعها الستة؛ بمنح الجائزة في مجال جهود المؤسسات والهيئات: ل"المركز العربي للتعريب والترجمة والتأليف والنشر" التابع لجامعة الدول العربية؛ الذي أُنشئ عام 1990م في دمشق، وتميَّز بترجمته للمؤلفات الموسوعية والمرجعية؛ سعياً منه لتعريب التعليم العالي والجامعي، مما كان له أثرٌ واضحٌ في إثراء المكتبة العربية بأعمالٍ مترجمةٍ ذاتِ قيمةٍ علميةٍ كبيرةٍ، تجاوز عَدَدُها المائة والثلاثين عملاً، وشملت أكثر من أربعة عشر مجالاً معرفياً، ويظهر جلياً في مجمل تلك الأعمال دقة الاختيار للموضوعات، وجودة المستوى اللغوي، وسلامة الأسلوب، ووضوح المعاني؛ وذلك نتيجةً لسلامةِ الإجراءاتِ المتبعةِ بالمركز، والتي يشرف على مراحلِها مجلسٌ علميٌ ولجانٌ مختصةٌ تتولى الاختيارَ والمراجعةَ والتدقيقَ والتحكيم، حيث يُخضع المركزُ أعمالَه لقوانين الملكية الفكرية ويلتزم باحترامها، وكان حصول بعض الأعمال المترجمة من المركز على جوائز عالمية أمرٌ مستحق في ظلِّ تلك المنظومة المتكاملة.
كما يهتم المركز بالنشاطات العلمية والتحالفات الاستراتيجية، فأقامَ ثماني ندواتٍ في دول عربيةٍ عدة، وأصدرَ العديدَ من النشراتِ والكتيباتِ المترجمة بالتعاون مع المكتب الإقليمي لمنظمة الصحَّة العالمية لشرق المتوسط، كما يتولى ترجمة النشرة الشهرية لمنظمة الصحة العالمية، وبالتزامن مع نصِّها الأصلي باللغة الإنجليزية، كما أصدر المركز اثنين وأربعين عدداً من مجلته العلمية "التعريب" وهي مجلةً علميةً نصف سنويةٍ، وتُعنى بتحقيق أهداف المركز في مجال تعريب التعليم العالي في الوطن العربي وتطويره، ومتابعة الجديد مما ينشر في ميادين المعرفة في العالم.
وحُجِبت الجائزة في مجال "العلوم الطبيعية من اللغة العربية إلى اللغات الأخرى"؛ وذلك لعدم استيفاء الأعمال المتقدِّمة للمعايير العلمية للجائزة.
ومُنِحت الجائزة في مجال "العلوم الطبيعية من اللغات الأخرى إلى اللغة العربية" مناصفةً بين كل من الدكتورة ريم محمد عابد أبو رأس الطويرقي عن ترجمتها لكتاب "كيف تعمل الأشياء: فيزياء الحياة اليومية"، من اللغة الإنجليزية؛ لمؤلفه لويسبلومفيلد، ويتناول الكتابُ موضوعاتٍ فيزيائيةً بطريقةٍ جديدةٍ ومثيرةٍ ومحفزةٍ على الإبداع، وتَسدُّ الفجوةَ بين الفيزياء كعلم، والأثر الذي يُحدثه في العالمِ الذي نعيشه والتطور التقني الذي نشهده، ويعدُّ العمل مرجعاً علمياً للطلبة والمعلمين وكتاباً تعليمياً لغير المختصين، وترجمته إلى العربية يساعد في تفعيل الاهتمام بالعلوم والتقنية في العالم العربي عند كل مكونات المجتمع.
والدكتور عبد الناصر صلاح إبراهيم والدكتورعلي عبد الله السلامة عن ترجمتهما لكتاب "بكتيريولوجيا البشر (نظرة بيئية)"، من اللغة الإنجليزية؛ لمؤلفه مايكل ويلسون، ويقدِّم الكتاب دراسةً وافيةً عن التجمُّعات الميكروبية المستوطنة للبشر، ومدى تأثيرها على نمو وتطور وفيسيولوجيا الإنسان، ويعدُّ الكتاب مرجعاً تخصصياً في موضوعه يندر مثيله باللغة العربية، ولذلك فإن ترجمته تُعتبر إضافةً متميزةً للمكتبة العربية، وخطوةً على طريق تعريب العلوم الطبيعية وتوفير مراجع علمية للطالب الجامعي.
ومُنِحت الجائزة في مجال "العلوم الإنسانية من اللغات الأخرى إلى اللغة العربية" مناصفةً بين كل من الدكتورة سلوى سليمان نقلي عن ترجمتها لكتاب "مقدمة في النقد الشعري المعرفي" من اللغة الإنجليزية؛ لمؤلفه بيتر ستوكويل، ويَتضمَّنُ العمل دراسةَ نظرياتٍ حديثةٍ للنقدِ الشعريِّ وفقاً للنظريةِ العرفانية، ويُعدُّ العملُ الأصلُ أحد المراجع الرئيسية في تخصُّصه في كثيرٍ من الجامعاتِ العالمية، وبالرغم من صعوبة العمل التي تبرز في إشكالية نقل المصطلح وإيجاد المقابل المناسب له في اللغة العربية، إِلا أن المترجمة وُفّقت في نقل المعاني والعبارات بشكلٍ دقيقٍ وواضحٍ ومحافظٍ على روح العمل الأصل وقيمته، كما أَنّ الإضافاتِ والشروحاتِ التي قامت بها المترجمةُ كانت مميزةً وأَثْرَت العمل المترجم.
والأستاذة رشا سعد زكي عن ترجمتها لكتاب "الاقتصاد التطبيقي" من اللغة الإنجليزية؛ لمؤلفه توماس سويل، حيث يناقش الكتاب السياسات الاقتصادية، ليس من منظور آثارها قريبة المدى فحسب، بل أيضاً من منظور آثارها على المدى البعيد، مستعرضاً تجارب وشواهد اقتصادية من ثقافاتٍ مختلفةٍ وفي حقبٍ زمنيةٍ متعددة، كما اهتمَّت المترجمة بنقل المصطلحات وتوحيدها، وشرح بعض المفاهيم غير المألوفة وتبسيطها.
ومُنِحت الجائزة في مجال "العلوم الإنسانية من اللغة العربية إلى اللغات الأخرى" للدكتورة سيسيليا مارتيني عن ترجمتها لكتاب "الفارابي.. كتاب الجمع بين رأيي الحكيمين أفلاطون الإلهي وأرسطو طاليس" إلى اللغة الإيطالية، وتعدُّ هذه الترجمة الأولى من نوعها لهذا العمل الفلسفي والفكري المهم والثمين، والذي أسهم مع أمثاله من الأعمال في اشتهار الفكر العربي والإسلامي وارتقائه إلى درجة العالمية، وأثرته المترجمة بإضافاتٍ مميزةٍ تنوَّعت بين التحقيق والتحليل والتعليق والشرح.
ومُنِحت الجائزة في مجال "جهود الأفراد" مناصفةً بين كل من البروفيسور: جواو بابتستا دي ميدييروس فاخنيس الحاصل على درجة الدكتوراه في الآداب من جامعة لشبونة عام 2000م، ويعمل أستاذاً للغة العربية بجامعة ريو دي جانيرو، ويعدُّ من أبرز المؤلفين البرازيليين والباحثين الذين اهتمُّوا في نقل الثقافة والفكر العربي إلى اللغة البرتغالية، حيثُ شاركَ في وضعِ القاموسِ العربي باللغةِ البرتغالية، وأَعدَّ المناهجَ لتدريس اللغة العربية، ونَشر العديد من الدراساتِ العلميةِ عن الثقافةِ العربيةِ والإسلامية.
وأسهمت جهود البروفيسور جواو بابتستا دي ميدييروس فاخنيس العلمية بالتعريف بجزءٍ مهمٍ من الثقافةِ العربيةِ في الدولِ الناطقةِ باللغةِ البرتغالية، وكان لهُ دورٌ بارزٌ في مدِّ جسور التواصل الحضاري بين الثقافة العربية والثقافة البرتغالية.
والبروفيسور: لويس ميقيل كانيادا الحاصلُ على شهادةِ الدكتوراه في الترجمة من جامعة ملقا، وشهادةِ الليسانس في الدراسات العربية من جامعة غرناطة، ويعمل مديراً لمدرسةِ طليطلة للمترجمين (جامعة كاستيا – لامنتشا)، وعملَ أستاذاً للترجمة من اللغة العربية إلى اللغة الإسبانية في مدرسة الملك فهد للترجمة في طنجة، وفي جامعة القديس يوسف في لبنان، وفي جامعة بغداد، وفي جامعة تطوان المغربية، وأشرفَ على عددٍ من البرامجِ والدوراتِ التدريبيةِ التي اهتمَّت بالترجمةِ من اللغةِ العربيةِ إلى اللغةِ الإسبانيةِ، ونَظَّمَ اثني عشرَ مؤتمراً دولياً حولَ موضوع الترجمة في دول حوض البحر الأبيض المتوسط.
وترجمَ البروفيسور لويس ميقيل كانيادا لعددٍ من أَبرزِ المفكرينَ والمبدعينَ العرب من أَمثالِ أبي العلاء المعري، وجبران إبراهيم جبران، وبدر شاكر السياب، ومحمد بنيس، ومريد البرغوثي وغيرهم، وله منشوراتٌ علميةٌ منها: تعليم اللغة العربية، وترجمة الأدب المعاصر قبل وبعد نجيب محفوظ، ودراساتٌ متعلقة بالتاريخِ وتدريس الترجمة وتحليلها.
وكان لجهودِ البروفيسور لويس ميقيل كانيادا في مجالِ الترجمةِ والبحث العلميِّ أثرٌ كبيرٌ في التعريفِ بالفكرِ والثقافةِ العربيةِ للناطقين باللغةِ الإسبانية، وأَسهمت دراساتُهُ وأعمالُهُ العلمية في تعزيزِ التواصل الحضاري ونقلِ المعرفةِ بين الثقافاتِ الإنسانية.
إثر ذلك ألقى نائب المشرف العام على مكتبة الملك عبد العزيز العامة الدكتورعبد الكريم بن عبد الرحمن الزيد كلمة المكتبة أوضح فيها أن الترجمةُ فعل إنساني، ثقافي، حضاريٍّ تضطلعُ بدورٍ بارزٍ ومهمٍّ للبشريةِ كافة؛ حيثُ تُعمِّقُ ثقافاتِهم؛ وتُثري معارفَهم وعلومَهم؛ وتُكسبُهم خبراتٍ ومعرفة واطّلاعاً، بوصفها جسراً يربطُ بينَ الثقافاتِ المختلفةِ في أرجاءِ العالم؛ والوسيلة التي نتمكَّنُ بوساطتِهَا من الاطلاعِ ومعرفةِ أحدثِ ما توصَّلَت إليه الدولُ المتقدّمة في مختلفِ مجالاتِ المعرفةِ والعلومِ والفنون والآداب.
وقال: "إذا كانت حركة الترجمةِ العربيةِ ما تزالُ في بداياتِهَا خاصة في الدول العربية، وبلغت حداً ما من التميُّز في أقطارٍ أُخرى؛ فإنّها على أَيَّةِ حال، كانت بحاجةٍ مَاسّةٍ إلى مؤسَّسةٍ تُجمِّعُ خيوطها؛ وتُقوِّمُ مسيرتَها؛ وتُحفِّزُ مبدعِيها؛ وتُوثِّقُ منجزاتِها في العصور الماضية؛ فكانت جائزةُ خادمِ الحرمينِ الشريفينِ عبد اللهِ بن عبد العزيزِ العالميةِ للترجمةِ، بتحفيزِها، وتأكيدِها رؤيته -حفظهُ الله- لأهميةِ التنوُّعِ الثقافي، وانفتاحِها على الثقافاتِ واللغاتِ كافة؛ وليس أدلّ على ذلك من تنوُّع الأعمالِ التي تنافستْ على الجائزةِ في دوراتِها الستة، وكذلك الفائزة بها من كل اللغاتِ دونَ استثناء، بعدما حازتْ مصداقيةَ المبدعين وثقتهم في نهجها، حيث استقبلتْ خلالَ الدوراتِ السابقةِ والحاليةِ مشاركات من واحدٍ وخمسين دولةً، بلغ عددُها أَكثرَ من ثمانِ مائةٍ وتسعٍ وستينَ مشاركةً في مختلف الفروع، كُتبَت بستٍّ وثلاثينَ لغةً.
وأضاف الزيد: "إذا نظرنا إلى أسماءِ الفائزين خلال الدورات الستّة؛ ندركُ على الفورِ ضخامةَ هذا العطاء وأثرَهُ الكبير في تحقيقِ التواصل المعرفي والفكري والتعاون العلمي، وعلى هذا الأساس يتم اختيارُ الأعمال والشخصياتِ الفائزة، والتي يوجد ما يشبه الإجماع الكامل على جُهودِهَا، وإسهاماتِهَا في تزويدِ المكتبات الأجنبيةِ بإضاءاتٍ من النتاج الفكري والمعرفي العربي، أو إثراء المكتبةِ العربيةِ بروائعِ الفكرِ والأدبِ والعلومِ الحديثةِ من نتاجِ أبناءِ الثقافات الأُخرى بمختلَفِ اللغات".
وأكد الدكتور عبد الرحمن الزيد أن مكتبةُ الملكِ عبد العزيز العامة تعلن عَنْ فتحِ بابِ الترشُّح لجائزةِ خادمِ الحرمينِ الشريفينِ عبد اللهِ بن عبد العزيزِ العالمية للترجمة في دورتِها السابعة، خلالَ الفترةِ من 25 جمادى الأولى 1434ه الموافق 1/ 4/ 2013ه حتى 24 شوال 1434ه الموافق 31/ 8/ 2013م، مهنِّئاً الفائزين ومتمنِّياً لهم التوفيق.
وقدَّم الشكر والتقدير لمجلس أمناء الجائزة ولجانها العلمية والعاملين في مكتبة الملك عبد العزيز العامة، على جهودِهم المتواصلةِ لخدمةِ فعالياتِ الجائزة.