أعاد الناقد والمثقف السعودي محمد العباس، فتح باب الحوار والجدل الجماهيري الرياضي حول الهدف الشهير الذي سجّله لاعب نادي النصر ماجد عبدالله في مرمى الهلال، في نهائي كأس الملك، قبل ما يزيد على عشرين عاماً، وأعاد العباس من خلال مقاله الذي حمل عنوان (الكلام الأسطوري حول إرتقاءة ماجد) تأكيد أن اللاعب أسطورة أصيلة، لا منتجة حسب الطلب يتم اختراعها بشكل سيئ لضرورات إعلامية أو تضليلية. وكتب العباس مقالاً مطولاً في ملحق "ثقافة اليوم" بجريدة الرياض تطرق فيه للهدف الشهير، حيث كانت مناسبة المقال التجاهل الذي أخذه العباس على مؤلف كتاب "كرة القدم في الشمس والظل" (إدواردو غاليانو)، من تجاهل لكرة القدم السعودية وتقليله من شأن إستاد الملك فهد، الذي لا يملك حسب - رأي غاليانو- ذاكرة، وليس لديه ما يقوله، ولا يراه سوى مجرد ساحة هبائية خالية من الأمجاد، مثل كل الملاعب البكماء المثقلة بالمدرجات الخاوية، إذ لا يتلمس على صفحات عشبه أي أثر لأقدام متحمّسة، ولا يقر بأنه قد ارتوى في يومٍ من الأيام بدموع الأفراح والخيبات. وعلّق العباس على حديث (غاليانو) السابق بقوله: "بالتأكيد أن (غاليانو) لم يشهد اللقطة التاريخية الخالدة التي انبثق فيها الرمح النصراوي الملتهب ماجد عبدالله إلى الأعالي من بين مدافعي نادي الهلال حسين البيشي وصالح النعيمة، ليسدّد كرته بالرأس في مرمى خالد الدايل، مسجلاً هدف المباراة الوحيد في الديربي الشهير لنهائي كأس الملك عام 1407ه في الدقيقة الثانية من المباراة، إثر كرة ساقطة من المهندس يوسف خميس، كما خلَّد تلك القفزة الهائلة، أحمد آدم موسى، مصوِّر صحيفة المدينة آنذاك ، التي أفردت بدورها الصفحة الأولى من ملحق (الملاعب) لماجد وهو يحلّق على علوٍ شاهق لا يحدّه سقف، مع عنوان استفزازي لا يخلو من الإعجاب والإثارة: (سكان الملز يشتكون ماجد بعد أن كشف منازلهم بارتقائه). وأشار العباس إلى أن ماجد عبدالله كان قبل ذلك الهدف رمزاً مختلفاً عليه وفيه، ولكن لوجود ذخيرة من المعاني المتراكمة صار بمقدور ماجد بعد تلك القفزة أن يعلن عن وجوده الأسطوري، وتأكيد مقومات نظامه الدلالي، الذي يكفل له حق إعلاء نفسه كنظام حقيقي، وأسطورة أصيلة، وليست منتجة حسب الطلب. حديث العباس لقي استحسان الكثير من المتابعين لشؤون وشجون الوسط الثقافي السعودي، لا لأنه أشاد بارتقاءة ماجد، أو تحدّث عنه، بل لأنه خرج على أدبيات النخب الثقافية المحلية السائدة، التي تتقوقع على نفسها، وحاول جسر هوة تفصل بين هذه النخب واهتمامات الشارع. العباس أغفل الإشارة إلى "سبق" كمصدر للمعلومات التي جاءت في ثنايا مقاله، والتي استقاها من حوار أجرته " سبق" مع المصور أحمد آدم موسى، وكان الأول على الإطلاق لأقدم المصورين الرياضيين، رغم أنه قضى في الملاعب السعودية أكثر من ثلاثين عاماً.