اعتبرت صحيفة "كريستيان ساينس مونيتور" الأمريكية أن الحجاب هو أكثر الملابس إثارة للجدل في تاريخ البشرية، حيث وصل الجدل إلى المحاكم والبرلمانات في أوروبا وأمريكا، وهو موضع جدل حتى بين علماء الدين المسلمين، وكل ذلك بالإضافة إلى الأسباب الاجتماعية والثقافية التي ساهمت في لفت النظر وانتشار الحجاب حتى نشأت بيوت أزياء ومجلات خاصة به. وقد خصصت صحيفة "كريستيان ساينس مونيتور" الأمريكية ملفاًً عن الحجاب قالت فيه: يشير الحجاب الإسلامي بمعناه الشامل إلى أنواع متباينة من غطاء الرأس، منها ما يستر شعر المرأة ورقبتها، ويمكن أن يكون أسود أو ملوناً، كما هو الحال في مصر، وهو ما يطلق عليه "الحجاب" وهو ما يتفق عليه غالبية العلماء المسلمين، وهناك أيضاًً النقاب الذي يضيف قطعة من القماش تغطي الوجه عدا العينين كما في السعودية، وهناك البرقع الأفغاني الذي يغطي المرأة من الرأس إلى القدم، وعلى العينين قطعة نسيج مربعة تشبه الشبكة للرؤية. وتضيف الصحيفة: نادراًً ما حظيت قطعة من الملابس بالجدل في التاريخ البشرية كما حدث مع الحجاب أو النقاب، البعض يعتبرها جزءاً من العبادة ورمزاًً للحرية، والبعض اعتبرها معوقاًً للتطور ورمزاًً للقمع، وبالنسبة لغير المسلمين تعد أبرز الرموز الإسلامية التي تعرضت لسوء الفهم، وأصبحت موضع جدل قضائي في تكساس بالولاياتالمتحدة وجدل برلماني في باريس. وعن الأسباب التي دفعت بالحجاب الإسلامي إلى أن تصبح له هذه الشهرة العالمية، قالت الصحيفة: ربما لعب 11 سبتمبر الدور الأبرز في زيادة الوعي بظاهرة الحجاب، حيث أصيب الغرب بالوعي والفضول الشديد للتعرف على الإسلام، وجاء الغزو الأمريكي لبلدين إسلاميين؛ أفغانستان والعراق ليوجها الأنظار إلى الجالية المسلمة في الولاياتالمتحدة وأوربا. وأصبح الحجاب موضوعاًً للتوتر عند حدوث المشكلات، كما حدث مع إحدى قاطنات ولاية إلينوى، أمل أبو سميحة عقب حادث إطلاق النار في قاعدة "فورت هود" حيث تعرضت لمشكلة في إحدى البقالات بسبب الحجاب الذي ترتدية. وتؤكد مؤلفة كتاب "الحجاب عند الكاتبات: في التاريخ والثقافة والسياسات" جينفر هيث "إن الحجاب أصبح الرمز الذي يرى من خلاله الغرب القهر والاستبداد للمسلمة، وهي أمور لا علاقة لها بالأسباب الحقيقة لارتدائهن الحجاب". تقول الصحيفة: إن التركيز على الحجاب جلب الكثير من الضيق للمسلمين، لأن دينهم أكبر بكثير من أن يختزل في رداء الرأس لنسائهم، إن المسلمات وبينهن من يعشن في الولاياتالمتحدة يرتدين الحجاب مختارات، حيث يعتبرنه التزاماًً دينياًً، ويرفضن اعتباره دليل الخضوع أو القهر، تقول المصرية المقيمة في الولاياتالمتحدة ريم أسامة "إنني أحب ارتداء الحجاب، فهو يجعلني أشعر بأنني أقرب إلى الله، الذي أمرنا بارتدائه حماية للمرأة وكرامتها، نحن لا نرغب في أن نبدو جميلات الوجوه، وعلى الآخرين التعامل مع عقولنا وشخصياتنا". أيضاًً وإلى جانب الأسباب الدينية ترتدي المسلمات في الولاياتالمتحدة الحجاب لإعلان اعتزازهن بالإسلام، خاصة في الأوقات التي يتعرض فيها الإسلام للهجوم، تقول ريم أسامة "إنني فخورة بكوني مسلمة، وعلى من يتعامل معي أن يحترمني". وتضيف الصحيفة: إن هذا الشعور متعاظم في العالم الإسلامي، حيث يشعر الناس بالثقافة الغربية تهدد هويتهم الإسلامية، وبالنسبة للمرأة المسلمة يصبح الحجاب مقابلاًً "للهوية". كما ترتدي بعض النساء- خاصة في الدول النامية- الحجاب ليتفادين التحرش أو النظرات الفاحصة من قبل بعض الرجال خاصة في الأماكن المزدحمة ووسائل المواصلات. أيضاًً ترتدي بعض النساء الحجاب بضغوط من الأسرة، سواء الأب أو الأخ أو الزوج، الذين يرغبون أن تبدو القريبات نموذجاً ل"الفتاة أو المرأة الصالحة"، وهذا النوع من الرجال يعد انعكاساً للأعراف الاجتماعية السائدة التي ترى المرأة المحجبة هي المرأة الصالحة. ويطالب بعض الرجال أيضاً المرأة بارتداء الحجاب بسبب "الغيرة" يقول مدير مكتب الإستشارات الاقتصادية السعودي محمد جبريل وزوج المصرية ريم أسامة "إن الرجال لا يرغبون في أن ينظر الغرباء إلى زوجاتهم، ويضيف "يحترم الرجال المرأة المحجبة، باعتبار الحجاب رمز اعتزاز المرأة بكرامتها". وعن إلزام المرأة بالحجاب تقول الصحيفة: إن العديد من رجال الدين اختلفوا حول تأويل آيات الحجاب، فالبعض يأولها بالنقاب بمعنى تغطية الوجه والبعض يأولها بالحجاب بمعنى تغطية الرأس والرقبة دون الوجه، كما أصبح يثير الكثير من التساؤل عن حرية الإرادة، ووضع المرأة في المجتمع. وقد دخل الحجاب إلى عالم الموضة والأزياء، حيث تصدر العديد من المجلات المخصصة للحجاب وما يتواءم معه من ملابس، إلى جانب تقديم العديد من أشكال الحجاب بتصميمات حديثة وجميلة، تقول ريم أسامة "يمكن أن نغطي رؤوسنا ونكون جميلات أيضاًً".