أشارت صحيفة كرستيان ساينس مونيتور الأمريكية إلى الصعوبات التي تواجه المسلمين في العديد من دول القارة الأوروبية والتضييق الذي تمارسه هذه الدول ومحاولاتها المتكررة لمنع انتشار المسلمين فيها، وعرضت خمسة مواقف سياسية وقانونية اتخذتها دول أوروبية في الآونة الأخيرة ضد الإسلام، وسط الجدل المتنامي بشأن التعددية الثقافية. أول المواقف التي ذكرتها الصحيفة يتعلق بالقانون الفرنسي الخاص بمنع ارتداء النقاب، وتقول: في فرنسا صدق البرلمان في نوفمبر من العام الماضي على مشروع قانون يحظر ارتداء النساء للبرقع أو النقاب، وفي نفس اليوم الذي دخل فيه القانون حيز التنفيذ (الحادي عشر من الشهر الجاري)، حرَّرت السلطات الفرنسية مخالفة ضد امرأة مسلمة تغطي وجهها. ويتذرع المؤيدون لهذا القانون بأن تغطية المرأة لوجهها يمثل جانبًا من انتهاك حقوق المرأة واضطهادها ومصادرة حريتها، كما أنه يتنافى مع قيم الجمهورية الفرنسية العلمانية التي تفرض المساواة التامة في الحقوق والواجبات بين الرجل والمرأة دون تمييز على أساس الجنس والنوع، كما أن النقاب بات مصدر قلق أمني لأنه يسمح للناس بإخفاء أسلحة أو الهوية الشخصية، وتقويض للانسجام الاجتماعي. أما المعارضون للقانون فيقولون إنه يتعارض مع حرية الإنسان الشخصية ويعزز عدم التسامح ويوصم المسلمين بالعار، ويضع فرنسا في خانة المناوئين للحريات الدينية، رغم أن القانون لا يذكر بالتحديد الأنواع المختلفة لأغطية الوجه. وتؤكد الصحيفة أن ذلك القانون كان بمثابة استهداف للمسلمين لأن عدد النساء اللاتي يرتدين النقاب في كل أنحاء فرنسا لا يتجاوز ألفي امرأة وسط جالية مسلمة تتجاوز خمسة ملايين مواطن. وتقول الصحيفة: يبدو أن موجة العداء الأوروبي للنقاب الإسلامي لم تكن محصورة على فرنسا فحسب بل كانت هناك دول أوروبية أخرى تتحين الفرصة لإعلان حربها على النقاب ومنها بلجيكا التي أصبحت أول دولة أوروبية تحظر ارتداء النقاب في شهر أبريل من العام الماضي. واللافت للنظر حسب الصحيفة أن بلجيكا لم يكن بها في ذلك الوقت أكثر من 30 امرأة منقبة ضمن جالية مسلمة يصل قوامها إلى نحو نصف مليون عندما تم تمرير القانون في مجلس النواب البلجيكي. ولكن هذا القانون لم يدخل حيز التطبيق حتى الآن لعدم تشكيل حكومة، وقد سجلت في فبراير الماضي رقمًا قياسيًا، من حيث أطول فترة تستغرقها البلاد لتشكيل حكومة بعد الانتخابات. وتمضي الصحيفة في ذكر المواقف الأوروبية المعادية للمسلمين وتقول: في ديسمبر عام 2010، أدلى غريت وليدر زعيم حزب الحرية اليميني المتطرف في هولندة لوكالة رويترز إن قانون حظر النقاب وغيره من أنواع تغطية الوجه قد يتم تقديمه للبرلمان قريبًا. وكان الحزب قد عقد صفقة مع أحزاب اليمين الوسط المهيمنة في البرلمان عندما حصل على عدد من المقاعد الدائمة في الانتخابات البرلمانية عام 2010م، مفادها أن الحزب على استعداد للانضمام لحكومة ائتلاف مقابل دعم اليمين الوسط لحظر تغطية الوجه للمرأة. وتنتقل الصحيفة إلى سويسرا، التي شهدت عام 2009م جدلًا كثيفًا أثاره قانون حظر المآذن الذي صوت عليه السويسريون في استفتاء عام، وتصف ذلك الاستفتاء بأنه عكس الخوف المتنامي في أرجاء القارة الأوروبية من انتشار الإسلام ومنافسته للديانة المسيحية، مستدلة بأن سويسرا التي صوتت غالبية شعبها لصالح حظر بناء المآذن لم يكن بها في ذلك الوقت غير أربع مآذن. أما في بريطانيا -والحديث للصحيفة- فقد أشارت تقارير إعلامية نشرت في يناير من العام الماضي إلى إحباط خطط لبناء أكبر مسجد في البلاد (تصل سعته إلى 12 ألف مصل) رغمًا عن اكتمال جميع التصاريح القانونية اللازمة، ويتعلل المعارضون بأن المسجد قريب من موقع أولمبياد لندن 2012م، الأمر الذي يرفع من مخاوف البعض من وقوع أعمال عنف وإرهاب. وتختم الصحيفة بالقول: إذا أرادت دول القارة الأوروبية التخلص من هاجس الإسلاموفوبيا فإن عليها أن تعمل على دمج المسلمين في مجتمعاتهم، وضمان حصولهم على كل ما تتطلبه المواطنة الصالحة، وأن يتم تطبيق القانون بين أبناء الوطن الواحد دون النظر إلى العرق أو الدين أو الجنس.