ناشد المواطن ماضي السبيعي، أحد مواطني محافظة رنية بإنهاء معاناة ابنه "الوليد" (3.5 سنوات)، الذي بدأ حياته بأخطاء طبية فادحة نتجت عن مستشفى رنية العام وبعض العاملين فيه، محمّلاً وزارة الصحة مسؤولية مماطلته والتهرّب من تنفيذ قرارات التعويض لابنه، واستمرار معاناته مُنذ قرابة الأربع سنوات، مع مطالبته بتحمّل الوزارة لتكاليف علاجه بأي مستشفى مُتقدّم خارج البلاد. "سبق" اطّلعت على الأوراق والمستندات التي تشرح حالة ابنه، ابتداءً بِبُشرى قُرب موعد ولادة زوجته، وانتهاءً بإهمالٍ طبي خلّف عاهاتٍ وإصاباتٍ أنتجت طفلاً مُصاباً بشلل مخي رباعي، وإعاقة ذهنية وفقدان للرؤية والسمع، وكذلك تشوّهات بالعمود الفقري، وإصابته أيضاً بالدماغ.
وقال السبيعي: "أُدخِلت زوجتي لمستشفى رنية العام وهي في حال اقتراب ولادة في تاريخ 18-7-1430ه، وتمت الولادة طبيعية ولله الحمد"، مضيفاً "المصيبة عندما طلب الطبيب إخراجها من المستشفى في اليوم التالي، وهي ما زالت تعاني آلاماً شديدة بسبب الولادة والنزيف وكذلك وجود بواسير، بإهمالٍ ولا مُبالاة من الطبيب والمُمرّضة، لأعود بها مُجدّداً للمستشفى بعد زيادة معاناتها، وترّدي صحتها لتظل مُنوّمة لمدة خمسة أيام".
وعمّا حدث لابنه الوليد من معاناة قال: إنه حصل له إهمال وأخطاء طبية فادحة بعدما وُلِد مختنقاً وأصبح لون جسمه أزرق، وحدث له نقلٌ في الأكسجين وموتٌ لخلايا الدماغ مع اعتلال في الإبصار وأشياء أخرى مُوضّحة في التقارير، ويعرفها ذوو الاختصاص، وعلى أثرها حُوّل لمستشفى الملك عبدالله بمحافظة بيشة مُنذ قرابة الأربع سنوات حيث يعيش حالياً: "كالميّت الحي".
وأشار إلى أن: "حالته الصحية لم تتحسن إطلاقاً، ووجوده في بيشة كوجوده برنية، وأضاف أن ابنه: "أُعطي جُرعة دواءٍ يُسمّى (Sonicaid)، وهو خطأ فادحٌ أقّر به أحد استشاري الاختصاص بجلسة الهيئة الشرعية في الطائف، بالإضافة لإقرار الاستشاري إدانة الطبيب والممرّضة؛ لعدم قيامهم بالكشف الإكلينيكي عند دخول المريضة، وكذلك عدم تخطيط الجنين عندما كان في أخطر مراحل الولادة".
وأوضح أن الاستشاري أدان الطبيب لعدم حضوره فور استدعائه لمعاينة حالة الولادة، بدلاً من توجيه التعليمات من مقّر سكنه للمُمرّضة بعد انتهاء الدوام الرسمي، مُحمّلاً عدم واقعية كون نهاية الدوام تجعل الأطباء يذهبون جميعاً دون وجود مناوبين لحالات المرضى.
وأكّد السبيعي أن الاستشاري أقّر بتحمل المستشفى خطأ أكبر، بعدما أهمل غياب طبيب للنساء والولادة، وآخر للأطفال في فترة المناوبة.
وتابع: "المُعاناة الآن تكمن أولاً في مُطالبتي بعلاج ابني على نفقة وزارة الصحة في أي مستشفى مُتقدّم ومتخصّص خارج البلاد، وذلك لتحمّل العاملين تحت مظلتها أخطاء لا تُغفر أفقدتني بسمة ابني وجعلته كالميّت الحي".
وأتبع قائلاً: "ثم ثانياً في تنفيذ قرار المحكمة العامة بالطائف والمُوجّه للهيئة الصحية الشرعية بالطائف، والذي صادق استشاريها على إدانة مستشفى رنية العام بواقع نسبة 70%، وإدانة الطبيب بواقع 20%، وإدانة القابضة (الممرضة) بواقع 10%، ما يُوحي بأن المستشفى وطاقمه يتحمّلون النسبة الكاملة فيما لحِق بابني من إهمال وأضرار".
واستنكر السبيعي ما قامت به الهيئة الصحية بالطائف عندما تجاهلت ما أدلت به المحكمة العامة من إدانة المستشفى، وتحمّله 70% مما لحق بالطفل، بعدما أغفلت ذلك، ولم تُشر إليه في قرارها، ولم تُحدّد قيمته أو الجهة المسؤولة عنه، وكذلك غيّبت ما تعرّضت له زوجته من إهمال، والتهاون الواضح والمتكرّر مع ابنه ومع زوجته، وما لحِق بها من معاناة نفسية وجسدية بدءاً من إخراجها وهي بحاجة للرعاية الصحية وانتهاء بتدهور حالتها فور عِلمها بما تعرّض له جنينها من إهمال وأخطاء.
وأتبع استنكاره باللائمة على الهيئة عندما تجاهلت الأضرار النفسية والمعنوية في تكبّده عناء السفر في تنقّلاته مع وسائل النقل، وبحثه عن أماكن للسكن لمتابعة قضية ابنه لدى الشؤون الصحية بالطائف على مدار قرابة أربع سنواتٍ، وكذلك تكبّده متاعب السفر من وإلى بيشة للاطمئنان على صحة ابنه -على حد تعبيره-.
وربط ذلك بما أقرّت به الهيئة الشرعية عندما اعترفت بما يتحمّله الطبيب من إدانة بعدما حدّدت نسبة بلغت 20%، وحدّدتها بواقع 290 ألف ريال، نتيجة أرش الإصابة، وكذلك اعترافها بتحميل القابضة نسبة 10%، وحدّدتها بواقع 145 ألف ريال تُدفع للمّدعي ووليه.
وواصل السبيعي حديثه ل"سبق" بقوله: "تظلّمتُ لعِدة جهات حيث خاطبتُ وزير الصحة فيما حدث من إهمال لابني وتجاهل الهيئة الشرعية الصحية لإدانة المستشفى بالنسبة الأكبر، رغم مصادقة المحكمة على ذلك، وكذلك اعتراف الاستشاريين وتدوينهم ذلك؛ لعدم توفيره الطاقم الطبي، وإلزامهم على المناوبة خارج الدوام الرسمي، إلا أن برقيتي له لم تُحدث جديداً أو تغيّراً في القضية".
وأردف قائلاً: "استمرت معاناتي بين إقامتي في رنية وذهابي لرؤية ابني في بيشة، وبين مطالباتي بحقوق ابني وما لحِق بنا من أضرار نفسية وصحية ومالية، حيث تقدّمت بشكوى لهيئة مكافحة الفساد برقم (4271) وبتاريخ 17-5-1433ه، وأخرى لديوان المظالم برقم (2272) وبتاريخ 26-5-1433ه للاعتراض على تجاهل الهيئة الشرعية لإدانة المستشفى بالنسبة الأكبر، ولكن للأسف لم أجد جهةً منصفة تُقِرُ بالواقع بعدما رمت كل جهة باللائمة على الأخرى، لأجد نفسي تائهاً لا أعلم أين أجد حقوقي وتحت أي مظلة".
وتسائل السبيعي عن الجهة المسؤولة عما تعرّض له ابنه وما لحِق بأسرته طوال الأعوام الماضية، وعن المسؤول في خروج الطبيب ومغادرته المملكة على الرغم من أن القضية لم تُحسم بعد!
ووّجه تساؤلاً لوزير الصحة قال فيه: "ما موقفك حينما أبلغتك ببرقية عن حالة ابني وما تعرّضنا له؟ فالتأخر في التنفيذ يضع علامات الاستفهام والأعمار بيد الله!".
وقال في نهاية حديثه: "أناشد وزير الصحة بإنقاذ ابني من حياته الصعبة للغاية، التي لا زال يتجّرع مرارتها، وحُرِم بعدها البسمة وسعادة أهله، وذلك بإيجاد علاج له في أي مستشفى مُتقدّم خارج المملكة على نفقة الوزارة، وكذلك بتنفيذ قرار الهيئة الصحية الشرعية بحق الطبيب والقابضة، بالإضافة لإقرار ما أدلت إليه المحكمة العامة بتحميل مستشفى رنية خطأ أكبر قُدّر ب70%".
من جانبه قال الناطق الإعلامي للشؤون الصحية بالطائف سراج الحميدان: "صدر قرار الهيئة الصحية الشرعية بالمحافظة برقم 15 لعام 1433، وتم إبلاغ ذوي العلاقة وإعطاء الشاكي نسخة من القرار لمتابعة تنفيذه مع الجهات ذات العلاقة، حيث ينتهي دور الشؤون الصحية عند صدور القرار وتسليم الشاكي نسخة منه بعد تأييد ديوان المظالم عليه، وقد أُبلغ الشاكي بذلك".
وحول ما يتعلّق بتذّمر المواطن من عدم تنفيذ الحكم على المستشفى قال: "سيتم الرفع للإدارة القانونية بالوزارة لاستكمال الإجراءات النظامية من وزارة الصحة لصرف مبلغ المستشفى".
وفي سياق ذي صلة، قال الناطق الإعلامي للشؤون الصحية في بيشة، عبدالله الغامدي، تعقيباً على سؤال وُجّه له عن حالة الطفل الحالية: "الطفل عمره ثلاث سنوات ونصف العام، مُحوّل من مستشفى رنية العام، وهو في تنويم الأطفال بمستشفى الملك عبدالله ببيشة، يُعاني من تخلّف ذهني وحركي مُنذ ولادته وعديم الحركة، ووالداه يزورانه مرة كل ثلاثة شهور، ويرفضان استلامه".
"سبق" تحتفظ بصورة من التقارير الطبية لحالة الطفل، وكذلك بالشكاوى المُقدّمة للشؤون الصحية في الطائف، والهيئة الصحية الشرعية، وديوان المظالم، وصورة لهيئة مكافحة الفساد، كما تحتفظ بنسخة من القرار الهيئة الصحية الشرعية، وأخرى من الشكوى المُقدّمة لوزير الصحة.