الداخل مفقود ، والخارج مولود ، هكذا يرى كثير من المراجعين الوضع في المستشفيات حاليا في ظل ما يسمعونه عن كثرة الاخطاء الطبية التي تحول الحديث عنها الى مصدر رعب للكثير من المرضى في ظل اجراء اكثر من نصف مليون عملية سنويا كما تؤكد احصاءات وزارة الصحة. والحقيقة ان هذا الهاجس لم يعد يطارد المقبلين على عمليات جراحية كبري بل الجميع حتى من يرغبون العلاج في الطوارىء حيث يتطلب الامر تدخلا عاجلا وقرارا حاسما قد يؤدى الى نتائج كارثية . وفي مقابل ذلك تؤكد وزارة الصحة ان معدل الاخطاء الطبية في المملكة طبيعى وانها تحدث في جميع انحاء العالم ولايمكن منعها كليا. على الجانب الاخر يرى اكاديميون ومواطنون ان ثمة عدة عوامل أدت الى زيادة الاخطاء الطبية من ابرزها الاهمال المستمر لبعض الاطباء والفنيين والتوسع في التأمين الطبي ويطالبون بزيادة الدية لتواكب الوضع الاقتصادي الراهن وسعر الناقة فضلا عن ضرورة تسريع اجراءات اللجان الطبية الشرعية. وفيما يتطلع كثيرون الى ان تسفر الندوة التي تعقد اليوم عن الاخطاء الطبية عن خطة للوزارة لتقليص الاخطاء يرى آخرون ان الامر مشروط باعادة هيكلة الاجراءات وتخفيف الاعباء عن الاطباء الذين تلزمهم غالبية مستشفيات القطاع الخاص ب” تارجت مالي “ شهريا . تجربة مريرة قال المواطن دسمان حسين السبيعي:إن طفلته أصيبت بورم في ساقها الأيمن وراجع بها مستوصف أهلي في محافظة رنية وبعد الكشف عليها أكد الطبيب الاشتباه بكسر في ساقها ووضع الجبيرة عليها وبعد 3 أيام لاحظت تغيّر لون الجلد حول الجبيرة مع زيادة الآلام التي تشتكي منها وعند محاولة فك الجبيرة لاحظت التصاقها بالجلد مما زاد من تخوفي وجعلني انقلها لأحد المستشفيات المتقدمة في مدينة جدة وعند فكها انقشع جلد الساق واتضح أن طفلتي أصيبت بغرغرينا وأنها كانت لا تعاني من شبه كسر في ساقها وإنما من ورم نتيجة لعبها ولهوها. واضاف: لو لم انتبه للتغيرات التي طرأت على طفلتي ونقلها في حينها لفقدت ساقها وقد كلفني ذلك الكثير في المراجعة ماديا وجسديا وأكد ان أبنته تعرضت إلى إصابة في ذراعها عند ولادتها أفقدتها القدرة على استخدامها بعد إصابتها بخلع أثناء ولادتها في مستشفى رنية العام قبل أكثر من 10 أعوام عندما سحبت إحدى الممرضات يد الطفلة عند خروجها من رحم والدتها للخارج مما أدى إلى إصابتها بتمزق في ذراعها واضطربت لمراجعة العديد من المستشفيات الحكومية والاهلية حتى طرأ بعض التحسن البسيط على ذراعها . المستشفى يرفض تحريك الاسعاف فيما يقول المواطن ناصر نصار المقاطي والذي تعرض لخطأ طبي نتج عنه وفاة طفلته في عملية ولادة: إن مدير المستشفى الخاص رفض تحرك الإسعاف لنقل الطفلة الى مستشفى متخصص الا بعد دفع الرسوم مضيفا ان اللجنة الطبية عقدت جلسة تغيّب فيها المدعى عليه عن الحضور وحددت جلسة خلال الأسبوع الجاري ولا أعلم إذا كان المستشفى سيحضر ام لا خصوصا وانه منذ إقامة الدعوى يواصل مخاطبتي هاتفيا بغية إسقاط حقي الخاص مقابل إعطائي جميع المبالغ التي صرفتها ورفضت الأمر وانتظر البت في القضية من الوجه الشرعي . من جهته يقول علي بن عالي الذي ينتظر ما سينتج عن اللجنة الشرعية بعد حدوث خطأ طبي ادى لوفاة امرأة : تقدمنا للجنة وكذلك مديرية الشؤون الصحية وسجلت أقوالي لدى طبيب وافد من نفس جنسية الطبيب المتورط في القضية ،وأنتهى الأمر ولا نعلم عنها شيئا حتى الآن . واكد استمراره في دعواه ضد المستشفى مضيفا انه كان لتأخر الطبيب المختص عن الحضور دور مهم في تدهور الحالة مع يقيننا بالقضاء والقدر . اما المواطن خضران الحارثي فيؤكد ان المصاريف والسفر أعاقاه عن مواصلة دعوى تقدم بها الى اللجنة الطبية الشرعية في الرياض . ويقول رسام البدري: أصبت بتضخم في الساق بعد أداء العمرة وتوجهت بعد إن زاد علي الألم إلى احد المستشفيات الحكومية بالطائف وتم تشخيص الحالة مبدئيا بأنها جلطة في الساق اليمنى ولكن الفحوصات وعمل الأشعة المغناطيسية أثبت عدم الإصابة بالجلطة وان الإصابة عبارة عن تجمع دموي في الرجل اليمنى وتم اعطائي العلاج اللازم على ان اتابع بالعيادات الخارجية . وتوجهت بعدها الى احد المستشفيات الخاصة بجدة والذي شخص الحالة على انها التهاب شديد وتجمع صديدي بالساق اليمنى وتم إدخالي المستشفى و أجرى لي الأطباء أربع عمليات جراحية في الساق والفخذ لتنظيف الخراج ولكن المفاجأة كانت كبيرة عندما خرجت بعد المعاناة والألم من المستشفى على عربة فقد سببوا لي إعاقة مستديمة نتيجة لقطع اعصاب ساقي وانا الان لا أستطيع المشي بدون عربة و عكازات. كما اصبحت حبيس الكرسي المتحرك بنسبة عجز 50% . قطع الحالب وقال المواطن مسفر البقمي: كادت زوجتي ان تدفع حياتها ثمنا لخطأ طبي بعد اجراء عملية قيصرية في مستشفى حكومي نتيجة قطع الحالب وارتكاب الطبيب لخطأ مهني اثناء اجراء العملية . وترجع تفاصيل الحادثة عندما قمت بنقل زوجتي الى احد المستشفيات وهي تعاني من إلام الولادة وبعد الكشف اشعرني اخصائي النساء والولادة بانها تحتاج لعملية قيصرية وحرصا على سلامتها وسلامة الجنين قمت بتوقيع الموافقة . وبعد انتهاء العملية وخروج زوجتي الى المنزل وفي اليوم الثالث من اجراء العملية تدهورت حالتها الصحية وحدث تورم كبير في الجانب الايسر مما جعلني اقوم بنقلها الى المستشفى ومراجعة الاخصائي الذي أجرى العملية و صرف لها بعض المضادات الحيوية والمسكنات ولم تفلح هذه الادوية في تخفيف معاناتها فقمت بنقلها الى مستشفى خاص وبعد الكشف الطبي كانت المفاجأة عندما اخبرني الطبيب المعالج بان زوجتي تعاني من تضخم في الكلية اليسرى بسبب قطع الحالب وتم تحويلها الى مستشفى الملك عبد العزيز التخصصي وقام الاطباء بعمل ثقب خارجي وتوصيل انبوب بلاستيكي للحالب مما تسبب بعد قدر الله سبحانه في انقاذ حياتها وقد اثبتت التقارير الطبية بان السبب خطأ طبي مهني من الطبيب الذي أجرى العملية حيث قام بخياطة الحالب وشبكة مع الرحم والسطح العلوي للبطن . واضاف: تقدمت بعد ذلك بشكوى ضد الطبيب وبعد انتهاء التحقيق اصدرت لجنة المخالفات الطبية بمنطقة مكةالمكرمة قرارا بتغريم اخصائي النساء والولادة الذي اجرى العملية 50 ألف ريال لوقوعه في الخطأ الطبي . وارجع المواطن عبدالرحمن الكناني تزايد الاخطاء الطبية لهروب الاطباء السعوديين على وجه الخصوص الى الاعمال الادارية مؤكدا ان حرمانهم من بدل التفرغ الذى يصل الى 70% من اصل الراتب سيعيدهم الى العيادات والاعمال الفنية المناطة بهم. واوضح ان غالبية اطباء الاسرة المكلفين بالعمل في المراكز الصحية في غالبية المناطق يعملون اعمالا ادارية بالرغم من حاجة المراكز الصحية لهم للعمل في عيادات طب الاسرة والمجتمع. فيما أشار المواطن على الغامدي الى ان المشكلة تكمن في عدم وجود اطباء استشاريين يعملون في اقسام الطوارئ خارج اوقات الدوام الرسمي حيث يتم الاكتفاء باعطاء اطباء الطوارئ تعليمات العلاج بالهاتف دون حضورهم. 100 ألف ريال حد أقصى لغرامات المخالفات الصحية أصدر وزير الصحة الدكتور عبدالله بن عبدالعزيز الربيعة قرارا بتحديد سقف الغرامات العامة على مخالفي نظام مزاولة المهن الصحية للحد من العشوائية في القرارات وذلك بخلاف الحق الخاص. وتتراوح الغرامة خلاف الحق الشخصي ما بين 30 الف ريال الى 50 الف ريال لاسيما اذا نتج عن المخالفة ضرر شديد ماديا او معنويا او عاهة مستديمة وقد تصل الغرامة الى 100 الف ريال وفي حالة قيام الممارس بعمل يتجاوز اختصاصه وامكانياته في غير حالة الضرورة فان الغرامة تبدأ من 10 الاف الى 30 الف ريال وقد تقرر اللجنة زيادتها عن هذا المبلغ، وفي حالة اتخاذ اساليب الدعاية ذات الطابع التجاري غير المبنية على اسس علمية فان المخالفة عقوبتها في الحالات العادية مابين 10 الى 20 الف ريال وفي حالة الظرف المشدد ترفع الغرامة حتى 100 الف ريال، واوضحت اللائحة التى اعتمدها الوزير انه في حالة تسجيل الممارس الصحي على اللوحات او البطاقات او الوصفات الطبية او الاعلانية القابا علمية او تخصصات لم يحصل عليها تتراوح الغرامة مابين 20 الف ريال الى 30 الف ريال وتتدرج العقوبة اذا تكرر الخطأ واذا كان التخصص غير معترف به اما اذا مارس الممارس الصحي اكثر من مهنة صحية حتى لو كان حاصلا على مؤهلاتها فان العقوبة تبدأ من 5000 ريال الى 10 الاف ريال وتضمن القرار ايضا العقوبات الاخرى على المخالفات التي يرتكبها الممارسون للمهن الصحية في مجالات اخرى، فيما تحال المخالفات التي فيها اضرار على الاخرين الى الهيئات الصحية الشرعية لاصدار الاحكام اللازمة في الحق الخاص كما تضمن القرار الجديد ان ترشح مديريات الشؤون الصحية بالمناطق والمحافظات لجان المخالفات من ذوي الكفاءة والخبرة وعرضها على الادارة القانونية بالوزارة مشفوعة بالسيرة الذاتية لكل مرشح من اجل اصدار القرار اللازم ومن ثم عرض القرارات على صاحب الصلاحية. 425643 عملية جراحية تجرى سنويا قدّر مصدر مطلع في وزارة الصحة ل (المدينة) عدد العمليات التي اجريت خلال العام 2008 ب 425643 عملية جراحية في كافة مستشفيات وزارة الصحة بالمملكة منها 26 % جراحة عامة و24% عمليات نساء وولادة والبقية عمليات اخرى كبرى وصغرى . وسجل القطاع الخاص عبر المستشفيات الاهلية 266542 عملية جراحية منها 30% عمليات نساء وولادة و27% جراحة عامة واضاف ان قضايا الاخطاء الطبية المعروضة على الهيئات الشرعية في المملكة خلال نفس الفترة بلغت 1326 قضية اصدرت الهيئات فيها حوالى 650 قرارا منها 259 قرارا لحالات وفيات وتمت الادانة في 129 خطأ طبيا. وأكد المصدر ان وزارة الصحة اتخذت خطوات مهمة للحد من الاخطاء الطبية من خلال انتقاء افضل الكفاءات البشرية وتعاقد هيئة التخصصات الصحية مع شركات عالمية من اجل امتحان الممارسين الصحيين في بلدانهم قبل وصولهم للمملكة وتشكيل لجان لفحص ملفات المرضى ومايقدم لهم. كما تضمنت الاجراءات إيقاف الترقيات والعلاوات عن جميع الممارسين الصحيين مالم يكن لديهم ترخيص مزاولة المهنة من هيئة التخصصات الصحية كما تم التركيز على الجودة في كافة الاعمال الطبية والفنية وعدم قبول الفنيين الذين لا يحملون شهادة البكالوريوس في نفس التخصص بعد عامين من اجل الارتقاء بأدائهم. كما تم التنسيق مع الجهات التدريبية لفتح باب التجسير للحصول على البكالوريوس والزام كافة الاطباء في جميع المستشفيات والمراكز الطبية بتزويد وزارة الصحة بالبريد الالكتروني لكل طبيب من أجل تزويدهم بالجديد في مجال التخصص أولاً بأول من خلال لجان متخصصة في هذا المجال. فرضية المشكلة : على الرغم من الإجراءات التى اعلنت عنها وزارة الصحة الا ان الحديث المتواتر عن زيادة الاخطاء الطبية واهمال الطبيب يثير مخاوف المراجعين بشدة . التوصيات: اعادة النظر في الدية المحددة بمائة الف ريال تسريع اصدار الاحكام في الاخطاء الطبية مراجعة اجراءات العمليات الجراحية والتخدير قبل العمليات .