كشف الدكتور صالح سعد الأنصاري، استشاري طب الأسرة والمجتمع: أن فوائد المشي على أنسجة، وأعضاء وأجهزة الجسم، تتداخل بصفة شاملة، وتؤدي إلى مجموعة من الآثار الإيجابية على الصحة العامة للإنسان، مشيراً إلى أن المشي يقي - بإذن الله تعالى - من العديد من الأمراض، مثل: أمراض القلب. وأوضح في محاضرة ألقاها في منتدى: "العُمري الثقافي" في الرياض، تحت عنوان: "صحتك في المشي" أن المشي يقلل مخاطر الإصابة بأمراض السكري, كما يقلل مخاطر الإصابة بأمراض السمنة، مقارنة بنمط المعيشة الخامل, كما يقلل مخاطر الإصابة بالأمراض النفسية والوحدة.
وأضاف أن المشي الجاد المنتظم يقلل أيضاً من احتمالات الإصابة بالسمنة، وارتفاع ضغط الدم، كما أنة يؤخر ظهور أعراض الشيخوخة، ومشكلاتها الصحية، ويخفض الوزن المثالي للجسم, ويقلل الشهية للأكل، خاصة لدى البدناء، وينظم عملية الهضم، والتبول, كما يخفض المشي الجاد المنتظم نسبة الكوليسترول الضار, ويرفع نسبة الكوليسترول المفيد في الجسم؛ الأمر الذي يقود - بإذن الله - إلى الوقاية من تصلب الشرايين، وحدوث جلطات القلب والدماغ بإذن الله.
وتابع الأنصاري: أن الانتظام في المشي يعطي الجسم شكلاً متناسقاً؛ بسبب اشتداد عضلات جدار البطن، وعضلات الظهر, ويظهر الشخص أصغر من عمره الحقيقي, كما أظهرت التجارب أن المشي يرفع الطاقة والشعور بالسعادة، لافتاً إلى أن الشعور بالسعادة، وتحسن المزاج يأتيان في المشي المنظم من عدة مصادر، منها: زيادة إفراز هرمونات الإندورفينات، التي يسميها العلماء: "هرمونات الشعور بالسعادة"، كما ينتج عن تحسن الدورة الدموية، وتروية الدماغ بمعدلات أكبر، كما أظهرت الدراسات أن ضعف النشاط البدني وزيادة الوزن – مجتمعين - يحددان ما يقارب من خمس إلى ثلث أمراض السرطان، وبالذات سرطان المريء، وأثبتت العلاقة الإيجابية بين النشاط البدني، والرياضة المنتظمة، وبين الوقاية من أمراض السرطان مثل: سرطان الجهاز الهضمي، وسرطان البنكرياس، وسرطان الثدي لدى النساء.
وأظهرت الدراسات أن النشاط البدني يؤدي على المدى القريب إلى تخفيض ضغط الدم, ويستمر هذا الأثر لعدة ساعات بعد انتهاء التمرين الرياضي, وتبدأ هذه الفائدة في الظهور بعد أسبوعين فقط من المشي المنتظم، لافتاً إلى أن الرياضة قد تغني المصابين بارتفاع ضغط الدم الخفيف عن الدواء، وبالذات مع المحافظة على الوزن الطبيعي.
وقال طبيب الأسرة والمجتمع، الدكتور صالح سعد الأنصاري: إن من فوائد المشي تأخير ضمور العضلات، وضعف العظام وهشاشتها, وتحسين مرونة المفاصل, وانتظام التنفس.
وأجاب الدكتور الأنصاري على سؤال افتراضي: كيف نمشي؟ فقال إن من الأنسب أن يكون المشي جاداً، مع رفع الرأس، والنظر إلى الأمام، وإبقاء الكتفين إلى الخلف دون شد، وجعل عضلات البطن مشدودة قدر الإمكان إلى الداخل، وعند الحاجة إلى المشي بسرعة لا تجعل خطواتك واسعة، بل قم بزيادة سرعة الخطوات وعددها, مبيناً أن من شأن هذه الوضعية أن تقلل من التوتر, وتزيد من تحصيل الفوائد الصحية من المشي.
وبشأن مسافة المشي ومدته، أفاد الدكتور صالح الأنصاري: أن المدة، والمسافة، وعدد الأيام المطلوبة في المشي أسبوعاً لرفع اللياقة، والحفاظ على الصحة كلها تعتمد على عدة عوامل منها: العمر، والوزن، والحالة الصحية العامة, وطبيعة النمط المعيشي للإنسان، مشيراً إلى أن المصادر العلمية تختلف في تحديد القدر المطلوب من المشي للمحافظة على الصحة واللياقة البدنية.
وقال: إنه ذا كان الهدف من المشي رفع اللياقة البدنية العامة, وتحصيل فوائد المشي على أنسجة وأجهزة الجسم والصحة العامة، فإن المدة الموصى بها تتراوح بين 30 و60 دقيقة, على أن تمارس من 5 7 مرات في الأسبوع، أما إن كان الهدف هو رفع اللياقة البدنية إلى حدود تنافسية, أو تحقيق مزيد من اللياقة القلبية التنفسية أو تخفيض الوزن، فيمكن إضافة رياضة أخرى، يتم فيها التركيز على رفع اللياقة العامة، مثل: الركض لمسافات طويلة، كما يمكن إضافة رياضة أخرى تركز على الجزء الأعلى من الجسم، باستخدام الأثقال أو أجهزة الجمنيزيوم.
وعن مكان المشي، أفاد أن من المهم أن يكون مكان المشي آمناً, وخالياً من التقاطعات والزوايا الحادة، وهو ما يتوفر بجوار الأسوار الطويلة، ومن المهم أن يكون السور أو المضمار بعيداً عن طرق السيارات بالقدر الآمن, فكثير من حوادث الطرق قد تجنح فيها السيارات إلى الأرصفة المجاورة، كما أن من المهم أيضاً أن يكون المشي بعكس اتجاه حركة السيارات، لكي يتم التنبه للسيارات القادمة من الأمام، ومن فوائد السير بعكس حركة السيارات، تجنب أولئك الذين يعرضون خدماتهم بالركوب, ولا يدركون أن المشي هو هروب من استخدام السيارات، كما قد يساعد تكرار المشي في نفس الوقت والمكان يومياً في زرع عادة المشي والانتظام عليها.
ورداً على سؤال عن الفرق بين المشي والجري؟ أوضح الدكتور صالح الأنصاري في محاضرته بمنتدى العُمري الثقافي: أن المشي من (30 60 دقيقة, بمعدل 5 7 مرات أسبوعياً) يكفي لتحصيل الفوائد الصحية العامة، أما الجري وإن كان فيه اكتساب أعلى للياقة، إلا أنه وعند الحديث عن عادة مستمرة طوال العمر, فيعتقد أن الجري المستمر ذو أثر سلبي على الركبتين, وقد يعجل بشيخوخة مفاصل الركبة والالتهابات المزمنة، وذلك ناتج عن تكرار الاحتكاك المتواصل بين الأغشية المغطية لمفصل الركبتين، بخاصة إن كان الجري يتم على أرض أسمنتية صُلبة, أو باستخدام حذاء ذي أرضية صُلبة.
وفيما يتصل بحذاء المشي أبان أن المشي لا يحتاج إلى تجهيزات خاصة, إلا أن اختيار الحذاء من أهم أسرار النجاح في المشي المنتظم, وجعله ممتعاً ومفيداً، مبيناً أن حذاء المشي يختلف عن الأحذية الرياضية الخاصة بالرياضات الأخرى، ككرة القدم, أو التنس الأرضي، وذلك لأن الآلية الميكانيكية لحركة القدم المتكررة خلال المشي تختلف عنها في الرياضات الأخرى، ناصحاً أن يكون حذاء المشي ذا كعب عريض ونعل مرن في الوسط، وأن يكون حاضناً للكعب دون أن يكون ضيقاً عليه, وأن يسمح بقدر كاف من حرية الحركة لأصابع الرجل في الجهة الأمامية, ومن المفضل أن تسمح مادته بتهوية القدمين.
وفيما يتصل بالوقت المفضل للمشي، أوضح الأنصاري أن الأوقات التي يكون المشي فيها أفضل من غيرها, هي أن يترك الاختيار للممارس نفسه، مبيناً أن المشي بعد صلاة الفجر، يكسب الجسم نشاطاً خاصاً؛ لأن الجسم يستفيد من غاز الأوزون الذي يزيد النشاط, والتعرض لأشعة الشمس فوق البنفسجية المفيدة في بناء العظام، كما أن المشي هذا الوقت مثالي للتأمل، ويأتي بعد ساعات الراحة والنوم، فيكون التفكير فيه صافياً ومركزاً، كما أن بداية اليوم بالمشي يوفر قدراً من النشاط, وفرصة جيدة لاستغلال الوقت من ساعات النهار الأولى، ويساعد المشي بعد وجبة خفيفة في الساعات الأولى من الليل على الهضم, كما يساعد على جلب النوم، ويحسن طبيعته.
وقال: إن المختصين يعتقدون أن ممارسة نشاط بدني كالمشي بعد الأكل، ليس فيها ضرر على الشخص السليم, بل إن ممارسة المشي بعد الأكل يساعد على حرق سعرات حرارية أكثر, حيث يتم صرف طاقة حرارية أكثر تقدر ب 15% عما لو بقي الشخص بعد الأكل بدون مشي.
وقدم الدكتور الأنصاري نصائح مهمة للبدء واكتساب العادة مشيراً إلى أن من المهم لكل شخص ينوي البدء في ممارسة رياضة المشي القيام ببعض الإجراءات للبدء في المشي، واكتساب هذه العادة، فمن الضروري جداً استشارة الطبيب، وبالذات إن لم يكن الإنسان قد مارس الرياضة منذ سنوات بعيدة, أو إذا كان عمره يزيد على الأربعين, فقد يحتاج الأمر إلى إجراء بعض الفحوص الطبية؛ للتأكد من أن المشي لن يسبب مشكلة كامنة لم ينتبه لها، كما ينصح بالبدء التدريجي, والتخطيط الجيد، والملائم لكل شخص وخصوصيته.
وانتهى المحاضر إلى تقرير أنه بعد البدء من المستحسن أن يكافئ المرء نفسه عند الوصول إلى كل مرحلة والانتظام فيها، وذلك بإيجاد الحوافز مثل: شراء لبس جديد، أو هدية تكافئ بها نفسك, وبضمان أفضل ظروف المشي, وذلك باختيار اللبس المرن المريح جيد التهوية، والمناسب لدرجة حرارة الجو, ولبس الحذاء المريح للقدمين والمرن، جيد التهوية، مع لبس الجوارب القطنية, وتجنب أشعة الشمس. وختم بالقول: "لا تنسَ أن تمشي مهما تكن مشغولاً حتى لا تنقطع"، لافتاً إلى أن مائة وخمسين عالماً ومتخصصاً، من مختلف دول العالم اجتمعوا في وقت سابق؛ لوضع تقرير عالمي عن النشاط البدني، وانتهوا في تقريرهم إلى القول إن: "المشي والنشاط البدني هما جواز السفر إلى الصحة".