ما إن يدلف المسافر القادم من الخارج إلى مطار "أتاتورك" الدولي بمدينة إسطنبول التركية، إلا ويغشاه شعور مريح بشرقية هذا المكان، وملامحه الإسلامية المتمثلة بسحنة الوجوه، وحجاب النساء، وصفوف المصلين في مسجده الصغير، وفي مفردات: "الحمد لله"، و"إن شاء الله"، و"سبحان الله"، التي تتردد على الألسنة. وما إن يتجاوز حدود المطار إلى مدينة إسطنبول التاريخية، وشوارعها المزدحمة بالحافلات، وسيارات الأجرة، وبالبشر من كل مكان، حتى تبرز ملامح الإسلام الخالدة في المباني، والآثار، والمآذن العالية، وأصوات المؤذنين، والمساجد المنتشرة في كل ربوة من روابي إسطنبول الجميلة. وتتميز إسطنبول بمساجدها وجوامعها العديدة بمختلف الأحجام، والإشكال، التي بناها الخلفاء العثمانيون، وأولوها اهتماماً كبيراً.. ومن أهم مساجد إسطنبول جامع السلطان أحمد، أو ما يسمى بالمسجد الأزرق؛ نسبة إلى زرقة قببه ومآذنه ال6 التي تعد تحفة رائعة، وهو بالفعل جامع كبير بأسواره، وصحنه، وقاعة الصلاة الواسعة وأنواره، التي تشعرك بالهيبة والفخر في آنٍ. ووفقاً للمصادر التاريخية فقد بني ما بين عامي 1018 1020ه الموافق 1609 1616م، ومما يؤكد ذلك بعض النقوش التي على أحد أبوابه، ويعد جامع السلطان أحمد من أهم وأضخم المساجد في تركيا والعالم الإسلامي. وعلى مقربة منه ينتصب مسجد آيا صوفيا، المترامي الأطراف بزخارفه الإسلامية الجميلة، وقببه الزجاجية العالية، وأعمدته الرخامية، حيث تشير المراجع التاريخية إلى أنه بني قبل 1500 سنة تقريباً ككاتدرائية، وبعد حوالي 400 عام تحول إلى مسجد، ومنذ 80 عاماً أصبح متحفاً، يقصده الزوار من مختلف أنحاء العالم، حيث يعبر عن تمازج العمارة الرومانية، والزخرفة الإسلامية، والخط العربي الجميل؛ مما يدل على عظم الحضارة الإسلامية وتنوع مكوناتها.