أبدى عددٌ من أهالي قرية العُسيلة "20 كلم شرق جازان" عن سبب إهمال الشؤون الصحية بالمنطقة للشكاوى التي قدموها على مدى عشرين عاماً، من تحويل الصرف الصحي على أراضيهم، ما يشكّل خطراً يهددهم بالأمراض وتلوث المياه الجوفية وتسبب في قطع أرزاق بعض المزارعين الذين يعتمدون على الزراعة في لقمة عيشهم وخسائر مادية بمبالغ تقصم ظهورهم. وقال أهالي العسيلة إنهم يعانون على مدى هذه الأعوام الطويلة، الروائح الكريهة والبعوض وتلوث مياه الآبار التي يعتمدون عليها في الزراعة، لافتين إلى أنها هي مصدر رزقهم الوحيد ويخشون انتشار الأمراض في القرية بشكلٍ أكبر من سابقه، دون مبالاة من الشؤون الصحية التي تملك جزءاً من الأرض. "سبق" التقت عدداً من الأهالي، ومسؤول الإعلام بالشؤون الصحية لمعرفة أبعاد المشكلة:
تلوث المياه الجوفية وقال عبده الخرمي "منذ أكثر من عشر سنوات اقترضت من الزراعة لإنشاء مزرعة وبدأت في الزراعة بعد حفر البئر التي اعتمدت عليها لفترة طويلة وأنا مدرك بأن شيئاً غريباً في هذا البئر فكان ماؤها يخرج بارداً، واستمررت لفترة طويلة معتمداً عليه في الري، ولم يخطر في بالي أن السبب هو تلوث المياه الجوفية بمياه الصرف الصحي التي تصب خلف مزرعتي بمسافة تقرب 150 متراً ".
وأضاف: "لكن البعض من الناس وخصوصاً المزارعين وبائعي الخضرة كانوا يعلمون بهذا الشيء فتفاجأت بالزبائن عندما أذهب لبيع نتاج المزرعة في حلقة الخضرة بنفور الزبائن من بضاعتي حتى بين يعض المزارعين من بائعي الخضرة لأن سقاية مزرعتي من الصرف الصحي للمزرعة وراجعتهم وراهنتهم ولكنهم بيّنوا لي أن سبب برودة الماء هي اختلاطها بمياه الصرف الصحي.
وتابع "الخرمي" أنه منذ ذلك الزمن وأنا أعاني تلك الخسائر الفادحة التي تكبدتها ولم يبق منها سوى حوض البئر الملوث الذي دفنه الغبار، وظللت أسدد القرض البالغ 300000ريال لما يقارب السنوات الثماني وشكونا أنا وأهالي القرية وبعض المزارعين المتضررين مثلي، وذهبنا لمدير سابق في الشؤون الصحية وما زالت شكاوانا في الأدراج إلى يومنا هذا بل وحتى وزير سابق للصحة عندما جاء لزيارة جازان قابلته وسلمته شكواي باسمي والمزارعين من حولي وظلت حبيسة الأدراج.
ولفت إلى أن مديراً سابقاً للشؤون الصحية اشترى الأرض، التي هي الآن ملك للدولة، من المواطنين بمبالغ زهيدة، ثم باعها للصحة حتى تكون مجمعاً للصرف الصحي وسبباً للأذى، فبعد تكبدي خسائر كبيرة في سداد القرض الزراعي الذي لم استفد منه نهائياً، وحتى في البيع كلما جاء مشترٍ يجد الأرض بالقرب من المجاري التابعة لمستشفى الملك فهد، فيرفض شراءها، وقمت بإنشاء مزرعة أخرى بعيدة عن مكب الصرف الصحي، لكن لا أزرع إلا القصب لأني أخشى أن تكون المياه ملوثة.
وقال إن مواسير الصرف أسمنتية وتتكسر دائماً وتُترك لفترات طويلة ويرتفع منسوب المياه حتى نخشى أن يدخل مزارعنا القريبة من موقع الكسر، وحتى انها انكسرت في أرضي وإلى الآن هي تضخ الجراثيم والمياه القذرة فيها ولم تفكر الشؤون الصحية في إصلاحها.
بعوض ونفايات وقال محسن الخرمي إن البعوض أجهدهم، وسبب لهم الأمراض المهلكة، والتي يفترض بوزارة الصحة أن تكون هي التي تعالج هذا الضرر، بدلاً عن أن تتسبب فيه لقرية يقدر تعداد سكانها بأكثر من ألفي نسمة.
وأضاف أنه ما بين فترة وأخرى نرى بعض سيارات القمامة تلقي نفايات طبية من حقن وأدوية ومستلزمات طبية، ثم نجدها تختفي بعد ذلك، وهذا ما يجعلنا نخشى العدوى أكثر، وذلك لأن بعض الأفارقة ومجهولي الهوية يجمعونها وقد يتعالجون بها أو يستخدمونها لأغراض أخرى وهم يخالطوننا في الشوارع والمزارع.
وتابع أنه ذات مرة كانت هناك ماسورة مكسورة بالقرب من الطريق المؤدي للمزارع ومكثنا نحو شهرين ونحن نطالب بإصلاحها وبعد أن أصلحت وضعوا القسم الذي تم تغييره بجوار الطريق دون تفكير منهم في العواقب وما فيها من أمراض معدية وخطيرة.
تغيير المواسير وأضاف عبدالمجيد الخرمي أن تغيير المواسير من أسمنتية إلى حديدية هو أضعف الإيمان على الأقل، كحل عاجل إلى حين نقل وردم مستنقعات الصرف الصحي، وذلك لأن انكسارها مستمر، وهي تمر تحت مزارع وإن انكسرت سيتلف الزرع كله وهذا ما لا يتحمله مزارع يعتمد في لقمة عيشه على هذه الخضراوات.
وأضاف أن مكب مياه الصرف الصحي نتج عنه مروج خضراء قد يأكل منها الغنم ويتلوث لحمه، وحتى بعد أن وضعوا الشبك الذي عزل الأرض عن مجاوريها فهناك سهولة لدخول وتجمع مجهولي الهوية ويسهل أيضاً دخول الغنم لأنه مخلوع.
وناشد أهالي قرية العسيلة المسؤولين في وزارة الصحة النظر في أمرهم وسرعة البت فيها، والنظر إلى أوراقهم التي هي حبيسة الأدراج وتحقيق ما هو مطلوب فيها حتى يتسنى لهم العيش الكريم ويهدئ خوفهم الدائم على صحة أطفالهم، وطالبوها بتوزيع كمامات تقيهم شر الرائحة الكريهة ورش الموقع وسرعة البت في الموضوع قائلين لا نريد أن ننتظر عشرين سنة أخرى. لا شبكة صرف صحي
وتواصلت "سبق" مع الناطق الإعلامي بصحة جازان، الذي قال إنه يتم معالجة ما يقرب من 2000 متر مكعب من مخلفات الصرف الصحي يومياً، ويتم الاستفادة من نصف الكمية تقريباً لأغراض الزراعة ويتم صرف الكمية المتبقية إلى المرمى المخصص لها حيث إنه لا توجد شبكة صرف صحي في الوقت الراهن، وسيتم ربط محطة الصرف بشبكة الصرف الصحي عند الانتهاء من مشروع الشبكة من جانب الجهات المعنية بذلك.
وأضاف أنه بالنسبة لإمدادات الصرف الصحي، فقد تم اعتماد مبلغ 170 مليون ريال لإحلال البنية التحتية لمستشفى الملك فهد، ويشمل ذلك إمدادات الصرف الصحي، وقد قامت وزارة الصحة بتكليف فريق عمل بريطاني بزيارة المستشفى ووضع دراسة كاملة تمهيداً لطرح منافسة إحلال البنية التحتية في مناقصة عامة.
وتابع أن إدارة الصحة العامة تقوم بمهامها في رش المرمى، وعمل إجراءات التقصي الوبائي والحشري مع العلم بأنه لم يتم تسجيل أي حالة ملاريا محلية أو التهاب كبد وبائي في المنطقة المحيطة بالمرمى خلال العام الماضي.