انطلقت أمس فعاليات اليوم الثاني من ملتقى الإعلاميين الأكاديميين بمدينة سالفورد الإعلامية في مانشستر بالمملكة المتحدة، وذلك تحت شعار "الإعلام في العصر الرقمي"، وألقى نجوم الإعلام الاجتماعي في السعودية كلمات أكدت على عدم وجود صراع بين الإعلام الورقي والإلكتروني، وأن الصحف الإلكترونية تختفي لافتقادها للمهنية، وأنه لم يعد هناك فرق شاسع بين العمل الذي تنتجه عن طريق اليوتيوب وعن طريق التلفاز؛ لارتفاع نسب المشاهدة. وكانت البداية مع محاضرة قيمة لمدير الإعلام الجديد بصحيفة "الرياض"، هاني الغفيلي، أكد فيها على عدم وجود صراع بين الإعلام الورقي والإلكتروني، مبيناً أن المؤسسات الصحفية لن تختفي بل ستتحور، وقال: "الإعلام الإلكتروني ليس هو السبب الوحيد في إفلاس الصحف الورقية، بل ارتفاع أسعار الورق والاحتكار؛ مما أدى إلى وجود خسائر". وأوضح أنه "يوجد حالياً في السعودية 1300 صحيفة إلكترونية رسمية سيستمر منها العشرات فقط، عدد لا يتجاوز 50 صحيفة، وأصبح كل شخص يريد عمل صحيفة إلكترونية، ولكن لا تستمر؛ لغياب المعايير المهنية". وأضاف أنه "لاستمرار وجود أي صحيفة ونجاحها لابد وأن يتم التركيز في اختيار اهتمام معين للصحيفة، واختيار اسم مهم ليتطابق مع فكرة وعنوان الموقع؛ فأغلب المواقع بدأت بعدم احترافية وأخطاء في اختيار المسمى، بالإضافة إلى كون العمل الإعلامي خبرة وممارسة، ولا مجال للاجتهادات، وعامل الخبرة والاحترافية مهم، وغيابه هو أحد أكبر الأخطاء التي يقع فيها الكثير". وأكد على ضرورة تفعيل الحضور عبر الشبكات الاجتماعية، والاهتمام بالأمور الأربعة: المنتديات، والفيس بوك، وتويتر، والبنترست، "فلا مجال للانتظار، أنت في سباق اللحظة". وأبان أن "الصورة تشكل 70 % من الخبر، لابد من دعم الخبر بالصور المعبرة والصادقة، أحياناً تكون المواضيع قوية ولكن لعدم وجود صور تخدمها تكون مشاهدتها ضعيفة. كما يجب أن تكون هناك بساطة في الطرح والعرض، فهي أساس النجاح، لابد من وجود فن إيصال الخبر بأسهل طريقة، الموقع ليس صحيفة ورقية، ولابد من دعمها بالفيديو والصور والوسائل التفاعلية". وطالب بضرورة الاهتمام بالقارئ؛ لأنه أصبح كرئيس تحرير وهو الذي يقوم بتقييمك، والمحرر والمراسل اليوم أصبحا الحلقة الأخيرة الذي يتلقى الأخبار من المواقع والشبكات الاجتماعية، بينما القارئ هو الأساس، ولابد من التعامل معه كشخص يوافق على المادة من عدمه". وعرج الغفيلي إلى الحديث عن أهمية المحتوى وصياغة العناوين، والتقيد بأخلاقيات الإعلام، وطرح تفعيل الموقع عبر الشبكات الاجتماعية، واستمرار خلق موارد مالية، واختتم محاضرته باستعراض تجربة صحيفة "الرياض" ومن ثم تلقى أسئلة الحضور. وبدوره تحدث علي الكلثمي، مخرج وممثل ومنتج عدة برامج على اليوتيوب مثل "لا يكثر"، و"خمبلة"، عن اهتمامه في الطفولة بمتابعة برامج التلفاز والأفلام، وشغفه بالكوميديا، مشيراً إلى أنه تخرج في قسم الحاسب الآلي، وجرب العمل في عدة وظائف قبل أن يجد الشيء الذي يريده، وجرب التدريس لمدة ستة أشهر، ولم يستطع التأقلم، كما لم تتوافق المناهج مع ما يريد تقديمه؛ مبيناً أنه شغوف بالكوميديا منذ الصغر. وأضاف: "جاءتني وظيفة في ال (إم بي سي)، كانت في تخصصي تقنية المعلومات، ولكن لم تكن متوافقة مع اهتمامي، فأمضيت أربع سنوات في ال (إم بي سي)، ولها مميزات وسلبيات". وقدم الكلثمي للحضور صوراً حصرية للحلقة القادمة من برنامجه، والتي تتناول الثقافة الغربية مقارنة مع الثقافة السعودية، واختتم فقرته بالحديث عن مستوى برنامج "لا يكثر"، ووعد الجمهور ببذل المزيد من الجهد ليظل البرنامج يوافق التطلعات، مؤكدًا أن فكرة إنتاج فيلم قد تكون واردة في المستقبل، لافتاً إلى أنه سيتم قريباً تنزيل تطبيق خاص للبرنامج لمواكبة المتابعة العالية التي يشهدها عبر الجوال. أما فراس بقنه، مقدم برنامجيْ "يومك معي" و"ملعوب علينا"، فقد تحدث عن طفولته التي عاشها في كندا، وتأثيرها عليه، قبل أن يتناول المشاريع الإعلامية التي قدمها للمجتمع بمبادرات صغيرة، مبيناً أنها توسعت لتحقيق تأثير كبير، ومنها مجموعة "غيرني"، وانتشار الفكرة في عدة مدن، وتوقف القسم الشبابي منها، واستمرار مجموعة الفتيات وتوسعها بشكل كبير، وكذلك برنامج "ملعوب علينا"، والذي حصل على 100 ألف مشاهدة. وقال إن "البرامج غير الكوميدية تجد إقبالاً وتأثيراً كبيرين، والتأثير ليس على الجمهور فقط، بل على الجهات المسؤولة التي بدأت في إحداث تغير بناء على حلقات قمنا بتصويرها. في حين أحدثت الحلقة الأخيرة من برنامج (ملعوب علينا) ضجة كبيرة، ولمدة شهر كامل وظلت أمي حبيسة السرير، فتوقفت عن عمل أي شيء لمدة عام، ثم اتفقت معها على أن أعود في برنامج يحمل توجهاً مختلفاً". وأضاف: "قدمت في رمضان برنامج (يومك معي) عشنا تجربة الأعمى والمعاق والمتسول في الحلقات، وكان التأثير كبيراً جداً، وبعد عرض الحلقات في رمضان طلب مجموعة من الشباب عمل معايدة للعمال، ومن ثم بدأ الشباب يتوجهون لالتقاط صور لهم مع عمال النظافة، والهدف هو نشر الوعي بأنهم جزء من هذا المجتمع". وتابع: "أما الحملة الأخيرة فقد كانت لمقاومة العنصرية، ومن ثقتي بأن جيل الشباب ليس لديهم التصورات الفكرية المتوارثة، طرحت (حملة 330)، وتوقعت أن التفاعل معها لا يتجاوز العشرات، فتجاوز التفاعل الآلاف، وبدأ الناس في تسويق الحملة بشكل واسع". وواصل كلامه قائلاً: "بدأت بعض الشركات في تسويق الفكرة بطباعة (تيشيرتات) تحمل شعار حملة أنا 330، وأؤكد أنه ليس هناك مقاومة للتغير في السعودية، بالعكس هناك رغبة كبيرة في التغيير، أنا متأكد سيخرج من الحضور اليوم شخص بفكرة جديدة للمجتمع ويحدث تأثيراً كبيراً". وفي كلمته بين علاء المكتوم، وهو مخرج (إرهاب الشوارع)، أن معايير اختياره للأعمال هي: أن يكون لها دور إيجابي في المجتمع، وتقديمها بشكل احترافي، مؤكداً على ضرورة نشر ثقافة تبسيط المعلومة، لافتاً إلى أن الرسم وسيلة يمكن استخدامها لذلك. وأشار إلى أن "البرامج الكوميدية لها قابلية جذب أكبر، ولكن التفاعل الذي بدأ يصل للبرامج التوعوية يدل على مدى تأثيرها". واستعرض مبادرة "تسجيد" ومسابقة أقيمت مخصصة للرسم أخرجت إبداعات متميزة وجميلة للشباب، ثم اختتم فقرته بنصح الشباب قائلاً: "إذا كانت لديك موهبة خذها لآفاق أوسع دون التفكير في النواحي التجارية أو التسويقية، ستأتي لك الفرصة تلقائياً". في حين خصص مالك نجر، منتج ورسام ومخرج "مسامير" على اليوتيوب، حديثه عن تجربة "مسامير" التي وصفها ب"الجميلة مع وجود تحديات وصعوبات في الحصول على تقدير للفن الذي يقدمه". وقال نجر: "حاولنا أن ننتج شيئاً جيداً، ولكن للأسف أنهكنا من التوجه التجاري البحت، وخلال تقديمي لعمل كوميدي على التلفاز لاحظت أن أغلب ردود الأفعال تأتينا من الإنترنت من خلال مشاهدة البرنامج على اليوتيوب، اكتشفت أن الجمهور يأتينا من الإنترنت وليس من التلفاز، فتقدمت بفكرة لقناة (إم بي سي) لإنتاج عمل يقدم على اليوتيوب بدلاً من الإعلام التقليدي، فتم رفض الفكرة". وأضاف: "في ذلك الوقت لم يكن هناك نماذج لبرامج على اليوتيوب لتقنع المؤسسات الإعلامية لتخوض التجربة، وقد تواصلت بعدها مع صحيفة "سبق"؛ لأنها الأكثر مشاهدة، كان عدد المتابعين يزيد كل أسبوع 25% من 100 ألف إلى 700 ألف". وتابع: "لم يعد هناك فرق شاسع بين العمل الذي تنتجه عن طريق اليوتيوب وعن طريق التلفاز؛ لارتفاع نسب المشاهدة". واختتمت الفقرة بالكثير من الأسئلة والمناقشات أكد خلالها نجر على أن "المادة الكوميدية هي من أكثر المواد التي تستفز الإنسان ليفكر في المواقف والسلوكيات المختلفة لصناعة تغيير". واختتم الملتقى بكلمة رئيس نادي الإعلاميين السعوديين في بريطانيا، عبدالله المغلوث، والذي قال فيها: "دورنا كطلاب مبتعثين ليس فقط الدراسة للحصول على شهادة، بل ترك بصمة وسمعة طيبة، فيأتي بعد عودتنا من يتذكر أن هناك بصمة سعودية تركت هنا". وأشار إلى أن مساعد عميد كلية الآداب والبحث العلمي البروفيسور "بن لايت" طلب الحصول على المواد التي تم تسجيلها في الملتقى لعرضها في الجامعة ومشاركتها مع الجامعات البريطانية الأخرى.