دخلت السعودية نسرين مالك في الحرب الدائرة حول "القوامة", التي بدأتها وجيهة الحويدر في مقال لها ب" واشنطن بوست" وصفت فيه نظام القوامة بأنه استعباد للمرأة وقالت إن المرأة السعودية تعيش وضعاً مهيناً، وإنه "يصعب على الأمريكيين تصوره", ووصفت العباءة السوداء التي ترتديها جميع النساء في المملكة ب"القبيحة", ودعت السعوديات إلى التظاهر. وقد ردت عليها الإعلامية السعودية صبرية جوهر في مقال لها بصحيفة "هفنتون بوست" واتهمتها ب"الحماقة", وأن "الحويدر" في مطالبتها إلغاء القوامة تخوض معركة "خاسرة" و"فاشلة". وقد ردت الكاتبة نسرين مالك على اتهام صبرية جوهر لوجيهة الحويدر ب"العمالة لقوى خارجية" إنه من قبيل "الاتهامات المعلبة والجاهزة التي تتهم بها كل مدافعة عن حقوق المرأة", ورفضت "مالك بشدة حملة " ولي أمري أدرى بأمري"، وهاجمت هذه الحملة, التي دشنتها سعوديات على شبكة الإنترنت, وقالت "مالك": إن تسليم قياد المرأة قانونياًً للرجل مؤشر على أن مصير نصف سكان المملكة في يد مجتمع تقليدي يضطهد المرأة ولا يثق بها، وترفض دعوة "ولى أمري أدرى بأمري" معتبرة أنه تنازل من المرأة عن سلطة تجعلها تدير أمورها. وترى مالك أن المرأة السعودية لن تتحمل طويلاًً قيود القوامة، كما جاء عنوان مقالها في صحيفة الجارديان البريطانية "المرأة السعودية تحارب للاستقلال". وقالت نسرين مالك في مقالها: إن صبرية جوهر اتهمت وجيهة الحويدر بالعمالة لقوى تحررية خارجية حين قالت "إن ضغوطاً تمارس من خارج السعودية لإلغاء القوانين المتعلقة بالقوامة، وإن هناك بعض السعوديات قدمن أنفسهن على أنهن ناشطات يقدن هذا الاتهام". وعلقت نسرين مالك على اتهام "صبرية" ل"الحويدر" بالعمالة "أن هذا الاتهام بالعمالة لقوى تحررية خارجية يأتي في إطار قائمة من التهم الجاهزة والمعدة، لتوجيهها للناشطات المعارضات المناديات بالمزيد من الحرية في المملكة، والغرض من هذه التهم الإساءة لهن، حيث يتم توجيه التهم إليهن دون الاقتراب من أفكارهن أو التعرف على جهودهن. وظهرت رداًً على حملة وجيهة الحويدر دعوة محافظة في المملكة تحت شعار، "ولي أمري أدرى بأمري" واعتبرت "مالك" الحملة وما تدعو إليه الناشطات "كالحويدر" لا يتماشى مع الشريعة الإسلامية ولا عادات وتقاليد المملكة. وعن قضية القوامة تقول مالك في مقالها: إن تسليم قيادة المرأة قانونياًً للرجل هو مؤشر على أن مصير نصف سكان المملكة في يد مجتمع تقليدي يضطهد المرأة ولا يثق بها، إن ولي الأمر هو الضمانة العملية بأن المرأة السعودية حية وموجودة، وتختلف قوة ولي الأمر وأهميته في حياة المرأة حسب العائلة ونمط العلاقات السائد فيها، فبعض العائلات يتسامح مع فتيات العائلة، فيسمح لها بالسفر، وفي المقابل تستغل عائلات أخرى الولاية فتتعسف مع الفتيات ويسيطرون على حياتهن. وتقارن مالك بين ما جرى لها وما جرى لصديقتها بسبب القوامة: لقد زاد الموقف صعوبة بعد وفاة والدي، ليتركنا أنا وأخواتي الفتيات نسعى إلى أقرب أقاربنا من الرجال ليوقع على وثيقة سفرنا، وقد فشلت الكثيرات من صديقاتي السعوديات في إكمال دراستهن بسبب رفض أسرهن منحهن هذا التصريح للسفر، أما القليلات المحظوظات منهن فيسافر إخوانهن الذكور معهن طوال مدة الدراسة. وتابعت :" إن الإطار القانوني الذي تتحرك فيه المرأة ظاهرياً تحكمه عادات وتقاليد وقيم الأسرة، التي تصطنع لنفسها هذا النظام، ففي مجتمع يسيطر عليه علماء الدين ويفصل بين الجنسين، هناك فرصة ضعيفة للمرأة للتواجد في الدائر الرسمية، ويجب ألا نفاجأ بأن الرجال هم من يديرون شؤون المرأة نيابة عنها، أما المرأة التي تحاول القيام بأبسط الأمور بدون محرم فتتعرض للغمز واللمز وغير مرغوب في وجودها". وتضيف مالك: لكن هذا الهامش القانوني يؤكد في حالات أخرى أن أولياء الأمور المستبدين يطبقون على المرأة بقبضة من حديد، لا تترك فرصة للمرأة للهرب منها أو السفر أو تحدي القوامة. وتصنف نسرين مالك نساء المملكة تجاه القوامة بقولها: "إن إلغاء نظام القوامة على المرأة (وهو غير محتمل) لن تضطلع به جماعات النساء اللائي يهرولن مرتبكات في شوارع ومطارات الرياض، ولا النساء اللائي يستعطفن السلطات ألا يلغينه، لأنه لا يمثل تهديداً لهن". وترفض "مالك" وصف من يؤيدن القوامة بأنهن مصابات بأعراض ستكهولم فتقول: أنا لا أعتقد في مصطلحات مثل "أعراض ستكهولم" التي تعني أن الضحية تقع في حب معذبها فتصبح شديدة الولاء له، ولا أعتقد في هذا الإخلاص تجاه القيم الدينية، في الحقيقة إن النساء اللائي يتحالفن من أجل دعم القوامة، يتنازلن عن السلطة التي تجعلهن يدرن أمورهن، حيث يرين أن مصلحتهن في البقاء على حالهن، والحفاظ على مواقعهن كربات الصون والعفاف. وتؤيد "مالك" ما ذهبت إليه "جوهر" من رفض المظاهرات وتقول: إن المظاهرات العلنية لمعارضة نظام ولي الأمر أو التظاهرات الخارجية ربما تنفر الرأي العام، إنما إطلاق حملة مضادة فيعني تخلي المرأة عن حقها. وتضيف: لا أحد يمنع المرأة من احترام سلطة ولي أمرها أو من بيده القوامة، لكن الإصرار على هذا المعنى الشامل للقوامة على حياة المرأة، يكشف عن لا مبالاة بهؤلاء النساء اللائي وقعن تحت يد رجال لا يعرفون ما هو أفضل لهؤلاء النساء. وتعتقد "مالك" أن النساء اللائي ظلمن سينتفضن من أجل حقوقهن، وتقول: حتى في ظل الاستبداد تملك المرأة القوة، التي تستمدها من موقعها الذي تحارب من أجله.