أكد عضو مجلس الشورى عضو لجنة الاقتصاد والطاقة في المجلس الدكتور فهد العنزي مقدم مقترح نظام نقل وتوطين التقنية والذي يناقشه المجلس بعد غد (الثلاثاء)، أن النظام المقترح يعتبر مشروعا وطنيا، خصوصا أن التقنية تعد إحدى أهم ثمرات المعرفة الإنسانية ومقياس التطور الأممي، وتسهم في إعادة تشكيل المناهج الاقتصادية السائدة وأدخلت ضمن قاموسها ما يعرف باقتصاد المعرفة. وأضاف أن هذا المفهوم ظهر باعتباره يمثل منهجا اقتصاديا قائما بشكل كلي على المعرفة التي يمكن استثمارها اقتصاديا لتحقيق النمو والازدهار العلمي والاقتصادي، إذ تبلغ مساهمة الاقتصاد المعرفي الذي يقوم على إنتاج المعرفة وتوليدها وتصديرها نحو 57% من الاقتصاد العالمي. وأشار العنزي إلى أن هذه الثروة القائمة على إنتاج وتوليد ونشر المعرفة قادت إلى أن يشهد العالم حاليا تحولا كبيرا نحو هذه الصناعة، وسعي كثير من الدول لتحويل اقتصادياتها إلى اقتصاد المعرفة، وهو ما اقتضى تشجيع مختلف القطاعات التابعة لها للاستثمار في المعرفة وتنميتها من خلال المؤسسات البحثية المحلية، والسعي إلى تأسيس الواحات والحاضنات العلمية التي تسعى إلى خلق المعرفة واستثمارها ورفع القيمة النوعية لها، والسعي كذلك إلى جلب الخبرة الدولية واستثمارها وتطويرها، والعمل على خلق تعاون ثنائي وتكتلات صناعية ذات تقنية عالية، الأمر الذي جعل تلك الدول تتنافس على استيراد التقنية وتسعى إلى تذليل كافة الصعوبات المتعلقة بعمليات الاستيراد والتوطين من خلال ضبط عملية نقل التقنية. مبررات المقترح وذكر العنزي ستة مبررات لتبنيه مقترح إيجاد نظام لنقل وتوطين التقنية، هي: - إن حقيقة أن المعرفة التكنولوجية متركزة في عدد قليل من الدول، تُحتم علينا التعاون مع مراكز ومؤسسات أبحاث وشركات تتبع هذه الدول. وكلمة «تعاون» تستلزم المنفعة المتبادلة للطرفين (ناقل المعرفة والمنقولة إليه المعرفة). - إن المعمول به عالميا هو نقل التقنية عن طريق عقود الشركات، أو ما يعرف ب«عقود نقل التكنولوجيا». ولكن السؤال الذي يثور هو معرفة ما إذا كانت الآليات القانونية المعتادة لهذه العقود تسمح بالفعل بنقل التقنية إلى الطرف الوطني. فالتجربة العملية أثبتت أن ذلك لا يحدث بالضرورة، وأن هناك عقودا تحمل عنوان وتسمية «عقود نقل تكنولوجيا» ولكنها لا تسمح بأي نقل حقيقي للتكنولوجيا. - إن نقل التقنية قد لا يكون محلا لاهتمام الطرف الوطني، الذي يركز عادة على عائدات النشاط من أرباح فقط، وتظل تبعيته للطرف الأجنبي قائمة بشكل دائم، إذ يأتي خبراء الطرف الأجنبي إلى المملكة لتصنيع المنتج الذي تدخل المعرفة في مكوناته، ثم يتم توزيع وتسويق المنتج في المملكة بدلا من استيراده مصنعا. في حين أن نقل التقنية يقتضي أن يتمكن الطرف السعودي من تصنيع المنتج بنفسه وعن طريق عماله وفنييه خلال مدة معينة، وهو ما يقتضي أن يتم اطلاعه على المعرفة الفنية وتدريب عماله عليها عن طريق الطرف الأجنبي، بحيث يصبح الطرف السعودي قادرا على تصنيع المنتج بنفسه خلال فترة محددة. إلا أنه يحدث في كثير من الأحيان أن لا يهتم الطرف الوطني كثيرا بهذا الجانب، ولا يمانع، بل ويعمل أحيانا على بقاء علاقة التبعية بالطرف الأجنبي (ناقل التقنية). وأحيانا يكون ذلك بدافع الثقة في الطرف الأجنبي، أو أن ذلك يكون ضمانا لجودة المنتج. - إنه مع استمرار ربحية المشروع للطرفين، يتم تهميش مسألة نقل التقنية، حتى تفقد أي معنى، ولا يكون هناك أي نقل تكنولوجيا حقيقي، وهنا تضار المصلحة الوطنية أو على الأقل لا تتحقق، وهو ما يؤدي بنا إلى ضرورة البحث عن أدوات تشريعية تعالج هذه الثغرات وتحقق مصلحة الاقتصاد الوطني بكفالة نقل حقيقي للتقنية. - إن عددا كبيرا من الدول النامية قامت بإصدار تشريعات (قوانين) نقل تكنولوجيا، كما هو الحال في دول أمريكا الجنوبية، وعدد كبير من الدول الآسيوية الصاعدة، ومنها الصين، التي لا يعد عقد نقل التكنولوجيا فيها نافذا إلا بعد اعتماده من جهة مركزية تراقب مدى جدية وواقعية نقل التقنية إلى الطرف الصيني. وبعض الدول الأخرى لجأت إلى وسيلة أخرى لسد هذه الثغرات، إذ وضعت تشريعات وطنية لنقل التقنية ووضعت فيها آليات تسد هذه الثغرات، ثم جعلت تطبيق هذه التشريعات الوطنية على عقود نقل التكنولوجيا التي تنفذ على أراضيها إلزاميا. - سواء تبنينا هذه الوسيلة أو تلك، لكفالة نقل حقيقي وتوطين حقيقي للتقنية في المملكة، فلا مناص من استحداث تشريع جديد خاص بنقل التقنية، لسد الفراغ القائم حاليا والذي يسمح لأطراف عقد نقل التكنولوجيا بالاتفاق على ما يشاؤون من شروط ويطبقون على عقودهم ما يشاؤون من قوانين أجنبية، وهو ما تسمح به العقود الدولية.