تضطلع المملكة بدور ريادي في مكافحة الإرهاب إقليمياً ودولياً، استناداً إلى تجربتها الناجحة في التعامل مع هذه الظاهرة داخليا، ولم تقتصر سياستها على الجانب الأمني في مواجهة هذه الظاهرة، بل اتسمت بالشمولية في التعامل مع الفكر الضال المؤدي إلى الإرهاب، وقطع كل سبل التمويل عنه. فقد قامت بتطوير إستراتيجية الأمن الفكري التي اعتمدت على ثلاثة عناصر هي: الوقاية، والتأهيل، والرعاية. وأنشأت مركز الأمير محمد بن نايف للمناصحة والرعاية، الذي يعني بإعادة استيعاب من أدينوا بجرائم تتصل بالإرهاب وتأهيلهم، وإصلاح الفئات المعرضة لخطر الأفكار المنحرفة. وإيمانا من المملكة بأن تعزيز وتفعيل التعاون بين الدول الأعضاء في الأممالمتحدة من جهة والمنظمات الدولية والوكالات الإقليمية من جهة أخرى لمواجهة ظاهرة الإرهاب سيسهم في التصدي للإرهابيين ومخططاتهم التي لا يمكن تبريرها أو ربطها بعرق أو دين أو ثقافة، وفي سبيل الإسهام في دفع التعاون الدولي في هذا المجال، عقدت مؤتمرا دوليا لمكافحة الإرهاب في فبراير 2005 حضره خبراء ومختصون من أكثر من 60 دولة ومنظمة دولية وإقليمية. وتقدمت المملكة إلى الأمين العام للأمم المتحدة وحكومات الدول المشاركة في المؤتمر الدولي لمكافحة الإرهاب في مدينة الرياض بمقترح استصدار قرار من الجمعية العامة بتبني «إعلان الرياض» الصادر عن المؤتمر والتوصيات الصادرة عنه خصوصاً مقترح إنشاء مركز دولي لمكافحة الإرهاب، وأن يتم تشكيل فريق عمل من مختصين من لجنة مكافحة الإرهاب ومن الدول المشاركة في المؤتمر لدراسة التوصيات ومقترح إنشاء المركز ووضع الخطوات التطبيقية لها وتقديمها إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الحادية والستين. وفي شهر سبتمبر 2006 تبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة بالإجماع قراراً يدين الإرهاب بكافة أشكاله وصوره ويحدد إستراتيجية شاملة لمكافحة هذه الآفة تقوم على احترام حقوق الإنسان ودولة القانون. وتم تدشين مركز الأممالمتحدة لمكافحة الإرهاب في شهر سبتمبر من عام 2011، ورحبت المملكة بذلك وأعلنت مساهمتها بمبلغ 10 ملايين دولار لتغطية ميزانيته لثلاث سنوات، وأكدت مساندتها لجميع الجهود المبذولة لمكافحة الإرهاب. التحالف الإسلامي العسكري وحرصاً من المملكة على مواجهة المهددات الإقليمية، تبنت إقامة تحالف إسلامي عسكري لمحاربة ما يسمى الإرهاب، أُعلن عنه في الخامس عشر من ديسمبر 2015، وتشكل من 34 دولة، وأنيط بهذا التحالف - الذي ارتفع عدد أعضائه لاحقا إلى 39 دولة - قيادة العمليات وتنسيقها، انطلاقا من مقره في الرياض التي تستضيف مركز العمليات المشتركة. وأكد ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز في حينه أن التحالف لا يستهدف ما يسمى تنظيم الدولة الإسلامية «داعش» فقط، بل سيحارب الظاهرة في مناطق مختلفة من العالم الإسلامي، مضيفاً «التحالف سيحارب أي منظمة إرهابية»، مشددا على أنه سيقوم بالتنسيق مع جميع المنظمات الدولية ومع الدول المهمة في العالم. وجاء التحالف الإسلامي انطلاقا من أحكام اتفاقية منظمة التعاون الإسلامي لمكافحة الإرهاب بجميع أشكاله ومظاهره، والقضاء على أهدافه ومسبباته، وأداءً لواجب حماية الأمة من شرور كل الجماعات والتنظيمات الإرهابية المسلحة، مهما كان مذهبها وتسميتها، والتي تعيث في الأرض قتلا وفسادا، وتهدف إلى ترويع الآمنين. ويعمل التحالف الذي تقوده السعودية على تطوير البرامج والآليات اللازمة لدعم محاربة الإرهاب، ووضع الترتيبات المناسبة للتنسيق مع الدول والجهات الدولية في سبيل خدمة المجهود الدولي لمكافحة الإرهاب وحفظ السلم والأمن الدوليين. كذلك تشارك المملكة في العمليات العسكرية ضد «داعش» والتي يقوم بها تحالف دولي تقوده الولاياتالمتحدة، وبدأت أولى ضرباتها في سبتمبر 2014.