يبذل الجندي أول «يوسف عبدالرؤوف» جهودا كبيرة وسط كبار الضباط في مركز القيادة والسيطرة إذ تقع على عاتقه مهمة مراقبة شاشة توصف ب«الهدهد» تنقل له كل ما يدور في مشعر منى. داخل الغرفة لم يستطع عبدالرؤوف أن ينظر إلينا بدقة بعدما فضل أن يخصص كل وقته يمعن النظر في الشاشة التي عبرها يتبادل المعلومات بالرموز الأمنية مع زملائه لتوفير أفضل الخدمات للحجاج، خصوصا أن التقنية الحديثة وفرت أمام الجنود والضباط المرابطين في وحدة التحكم كل شاردة وواردة سواء في المشاعر المقدسة أو منشأة الجمرات، وتمتد إلى المسجد الحرام. وتعد وحدة التحكم أو ما يعرف «الكنسولات الأمنية» النافذة الأمنية للتعرف على الأحوال في المشاعر المقدسة ويعمل فيها كوادر مؤهلة ومدربة. ويعترف عبدالرؤوف أن عمله دقيق للغاية ويحتاج إلى صبر وتدقيق وقال ل«عكاظ»: أنسى كل همومي ولا أعرف سوى هذه الشاشة لأنها بالنسبة لي كل شيء والتدقيق فيها يعني الكثير بالنسبة لوطن بأكمله فالعين يجب أن تكون شاخصة على مدار الثماني ساعات التي أداوم فيها في فترة المناوبة. لكن الجندي يرى أن العمل في الغرفة لا يفرق بين ضابط وجندي، مضيفا: «صحيح أنني الأصغر رتبة لكنه شرف لي العمل مع رؤسائي الذين يقفون بجانبي وتعلمت منهم الكثير ومازالت أتعلم منهم وهنا تعاون بناء من أجل وطن لا يفرق بين صغير وكبير ورتبة وغيرها فالوطن يحميه من في داخل الغرفة أو من خارجها». ولفت إلى أن العمل في الغرفة لا يعرف أي خطأ نهائيا فهو قد يؤدي إلى كارثة لأن المعلومات الأمنية متراكمة وهي السبيل للحفاظ على أمن الوطن وسلامة ضيوف الرحمن، لذا لا مجال لحمل جوال أو متابعة ما هو خارج هذه الشاشة. سألناه عن سر براعته في القول فضحك وأكد أنه خريج دبلوم اتصالات من معهد التدريب العسكري لكنه نال الكثير من الدورات التي أهلته للعمل في هذا الموقع، ويكفيه شرف أن يقف على أحد ثغور البلاد وإن كان وراء شاشة لا يتجاوز بعدها 21 بوصة. ويحتوي مركز القيادة والسيطرة لأمن الحج بمقر الأمن العام بمنى على 120 شاشة و 5486 كاميرا متطورة ألمانية الصنع تعرف ب «بوش» عالية الدقة تعمل على متابعة أي حدث بالصورة والفيديو وتبليغ الجهات المختصة فورا عند حدوث أي مكروه، مشيرا إلى أن الكاميرات تقسم إلى حالات مهمة جدا كالحرم والمشاعر يتم ربطها مع الجهات المختصة للمراقبة الأمنية. وتوزع الكاميرات على المشاعر المقدسة والحرم وقطار المشاعر ومكة المكرمة وتعد عينا إلكترونية نشطة لمتابعة الحركة الدؤوبة للحجاج في كل مواقعهم وشوارع تنقلاتهم. وأفاد المقدم ممدوح السيف رئيس المناوبة بأن عدد جميع الضباط والأفراد العاملين بالمركز 36 فردا وضابطا موزعين على ثلاث ورديات يرأس كل وردية ضابط يواصلون العمل على مدار الساعة لمتابعة الوضع الأمني والمروري للحجاج والعمل على توجيه العاملين في الميدان بكل جديد تتم ملاحظته، لافتا إلى أن مهمة المركز تتمثل في الاطلاع التام بالبث العلوي والأماكن المهمة والاطلاع على مجريات الحجاج حفاظا على سلامتهم وإيقاف أي تجاوزات أو عرقلة في معوقات السير. وبين أن المركز يسهم في توجيه الأفراد الميدانيين من خلال كاميرات المراقبة وإعلامهم عن السلبيات التي قد تحصل من قبل بعض الأشخاص، فضلا عن أمور أخرى كمراقبة الأشخاص الذين يعتدون بالنشل أو غيره ضد الحجاج، بهدف تحويلهم فورا إلى مسرح العمليات لاتخاذ القرار.