استاء بعض الناس من خبر التقطوه عبر وسائل الإعلام؛ مفاده أن وزارة الصحة تدرس وقف المعالجة المجانية لمصابي الحوادث المرورية ومطالبة المتسببين بالحادثة بدفع تكاليف العلاج الذي يحتاج إليه ضحاياهم. لكن وزارة الصحة بادرت إلى طمأنة أولئك المستائين بتأكيدها لهم أنهم أساءوا فهم ما قالت وأن المكلف بدفع تكاليف علاج المصابين في الحوادث فيما أشارت إليه كان المعني به شركات التأمين وليس المتسبب في الحادثة، وأن هذا ما تنص عليه بالفعل بوليصة التأمين الشامل على السيارة، إلا أنه لم يكن مفعلا وأن الوزارة بصدد تفعيله الآن. من وجهة نظري تمنيت لو أن الوزارة لم تنف ما ظنه الناس ومضت في تطبيقه فألزمت المتسبب في الحادث بدفع تكاليف علاج المصابين؛ لأن هذا الإلزام سيكون إحدى الوسائل الفعالة في ضبط الفوضى المرورية، التي لم يستطع المرور حتى الآن ضبطها. فوضى قيادة السيارات بلغت قدرا كبيرا، يزداد يوما بعد يوم خطورة وكثرة مع تزايد الزحام ونمو أعداد السيارات، ومن المتوقع أن إلزام المتهورين من السائقين بدفع تكلفة علاج المصابين ستكون رادعا قويا لهم، وستدفع بالآباء إلى فرض رقابة وقيود أكثر على أبنائهم المراهقين الذين يقودون سياراتهم برعونة، فيكون في ذلك خير لهم ولغيرهم. ما أتوقعه، أن كثيرين لن يعجبهم رأيي هذا، فهم يرون فيه غرما يحملهم دفع نفقات علاج ضحاياهم، ويغيب عنهم أن من يحمل نفقات العلاج هو المتسبب في الحادثة، وهذا يعني أن من يلتزم بأنظمة المرور عند التقاطع والتجاوز، ومن يتقيد بالسرعة المحددة وعدم قطع الإشارة، فإنه غالبا لن يكون هو المتسبب في الحادثة فيما لو وقعت، لا قدر الله، ومن ثم فإنه لن يلزم بدفع تكاليف العلاج لأحد، فالمخطئ وحده هو الذي يدفع. لكن اعتراض كثير من الناس على هذا، يعطي إيحاء بأنهم يخفون في أعماقهم إحساسا باطنا بأنهم لن يتقيدوا بأنظمة المرور في كل الأوقات، وهو ما يجعلهم عرضة لأن يكونوا سببا في وقوع حادثة، لذلك يعترضون على دفع تكلفة علاج الضحايا، تماما كما يحدث مع ساهر، فرغم أن ساهر لايغرم إلا السيارات المتجاوزة للسرعة المحددة، إلا أن كثيرين يتذمرون منه؛ لأنهم لا يريدون التقيد بما حدد من سرعة، ولو تقيدوا لما غرموا. إن مشكلة فوضى المرور وسهولة تجاوز الأنظمة والاستهتار بها، لايمكن أن يقضى عليها ما لم يكن هناك حزم في فرض الغرامات العالية، فهي متى كثرت أوجعت، وآنذاك يتعلم المستهترون كيف يكونوا منضبطين. [email protected]