إن نظام ساهر ليس نظام جباية وليس مطلوبا قانونيا من أي سائق أن يدفع أبدا إذا ما تقيد بشروط سلامة الطريق وعدم تجاوز سقف السرعة. إن فشل برامج التوعية المرورية في تعليم السائقين كيف يحمون أنفسهم من أخطار حوادث السيارات ويحمون غيرهم من خلال تغيير ثقافاتهم وسلوكياتهم الخاطئة في مخالفة الأنظمة وعدم تطبيقها أفقدهم أبسط مبادئ الانضباط والسلوك عند قيادتهم لمركباتهم، مما دفع المرور إلى تطبيق نظام الردع والعقاب (ساهر) كما هو يعمل به عالميا، ليصبح نظاما مسلما به لإنقاذ حياة المواطنين والمقيمين على السواء وتحقيق منافع اقتصادية على المستويين الخاص والعام. فنقول لهؤلاء المتهورين والمتسببين في خلق الحوادث، أن عصرسلوكيات مخالفات المرورقد انتهى ودخلنا عصر الانضباط، وهذا بفضل التطور التقني والتطبيقات الهندسية والإلكترونية الدقيقة التي تعمل بدقة فائقة لن يفلت منها السائق المخالف قبل أن تصدر له مخالفة وفي بعض الأحيان قيمتها مزعجة لهم. في الأمس كنا نتكلم عن المرور في كاليفورنيا عندما كنا ندرس هناك وتمنينا أن يكون عندنا مرور مشابه له، اليوم والحمد لله تم ترجمة هذه الأمنية على أرض الواقع، انه انجاز تاريخي وحضاري، بل إنه أعظم مشروع تم تنفيذه لإنقاذ حياة البشر، بل مازلنا نرغب في توسيع هذا النظام وتطبيقه بكل صرامة، فما زال هناك مخالفون كثر نشاهدهم في شوارعنا يجازفون ويتعدون على حريات السائقين الآخرين ومستخدمي الطرق من المشاة. ماذا عن وقوف السيارات في أماكن ممنوع الوقوف فيها؟ ماذا عن مخالفة للوحات عدم الدخول في الشوارع داخل الأحياء؟ ماذا عن التجاوز بدون إعطاء الإشارة وبشكل مفاجئ؟ ماذا عن عدم الوقوف عند التقاطع؟ ماذا عن السرعة قرب المدارس وفي المناطق السكنية؟ انه فعلا استهتار بالأنظمة والقوانين التي تحمي حياة البشر. إننا نحتاج إلى أنظمة شاملة يتم توظيف المزيد من السعوديين لتطبيقها ويتم تمويلها ذاتيا من تلك المخالفات. إن المنافع الاقتصادية ليست في كمية هذه الإيرادات، وإنما في انخفاض عدد الحوادث والوفيات، انخفاض استهلاك الوقود، تقليل الانبعاثات الكربونية. أما التكاليف الاقتصادية فتشتمل على الموت في الطريق، تكاليف الشرطة والمستشفيات، فقدان الدخل وتكاليف أخرى. ورغم صعوبة وضع قيمة على حياة الإنسان إلا أن هناك تكلفة اقتصادية محددة قابلة للقياس والتي تبررها الحد من الوفيات من خلال السرعة. حيث أكدت إحصائيات هيئة الهلال الأحمر السعودي أن “ ساهر “ خفض الإصابات الناجمة عن حوادث السير بنسبة 15.8%، وخفض عدد الوفيات بنسبة 31.4% خلال مرحلته الأولى الممتدة من 5 / 5/ 1431ه إلى 5 / 5/ 1432ه مقارنة في العام الذي يسبق تطبيق النظام، حيث انخفضت حوادث التصادم والدهس والانقلاب من 13.202 ألف حادث في العام الذي سبق تطبيق النظام إلى 11.875 ألف حادث بعد تطبيق النظام أي بنسبة بلغت 11.2%. إنني اقترح على المرور المزيد من الصرامة والتشدد وإلقاء بقبضة من حديد على هؤلاء الذين يتعرضون لسيارات ساهر ومحاكمتهم مباشرة على الهواء ليكونوا عبرة لغيرهم. ثانيا تقسيم الأحياء في كل مدينة إلى مناطق مرورية يتم إنشاء مركز مروري في كل منطقة يخدمها على مدار 24 ساعة من خلال توظيف المزيد من السعوديين ومراقبة جميع المخالفات المرورية داخل تلك المناطق، وذلك برصد وتصوير المخالفين، ويكون التمويل ذاتيا من قيمة تلك المخالفات. إن تقرير منظمة الصحة العالمية يوضح أن معدل وفيات حوادث المرور اليومي في السعودية بلغ 17 شخصا حاليا، معظمهم من فئة الشباب ما بين عمر 16 و36 عاما، إذ أن أعداد الوفيات بلغ 3500 حالة وعدد المصابين 28 ألف مصاب من 153 ألف حادث سنويا. علي المرور تحمل مسؤوليته بتقليص هذا المعدل إلى 50% يوميا وفي أقرب وقت ممكن فنحن نخسر شبابنا. *عضو جمعية اقتصاديات الطاقة الدولية وعضو الجمعية المالية الأمريكية