جاء جهاز الجوال ليسهل تواصل الناس بعضهم مع بعض لأنه موجود في جيب الثوب أو السيارة أو الحقيبة اليدوية مع صاحبه في المكان الذي يكون هو فيه، فإذا احتاجه صديق أو زميل أو أي إنسان اتصل به وتواصل معه في أمر من الأمور الحياتية، ولكن بعض حملة الجوالات وهم كثر للأسف الشديد أخذوا على أنفسهم عهدا ألا يردوا إلا على الأرقام التي يعرفونها أو يعرفون أصحابها، فإن كان الرقم المتصل غير معروف لديهم اعتبروا أن المتصل غير معروف هو الآخر ولذلك فإنه لا يستحق أن يردوا عليه حتى لو كرر الاتصال لعدة مرات هذا إن لم يغلقوا جوالهم في وجهه ووجه «من خلفوه» منعا للإزعاج!، وقد تعاملت مع هذا النوع من البشر وفهمت منهم أن «حضراتهم» لا يردون على أي رقم ما لم يكونوا يعرفونه أو يعرفون صاحبه لأنهم يتوقعون أن أي اتصال ذي رقم مجهول بالنسبة لهم هو اتصال عن طريق الخطأ بهم وأن وقتهم «الثمين» لا يسمح لهم بالرد على الاتصال وإفهام المتصل بأن الرقم خطأ ولذلك فإنهم يتجاهلون الاتصال مهما تكرر حتى ييأس المتصل أو يجعل الله له سبيلا.. وأرى أن هذا التصرف الصادر من بعض حاملي الجوالات هو تصرف غير موفق لعدة أسباب منها أنه يدل على خلق صاحب الرقم وأنه خلق فيه صلف وغرور هذا إن كان شخصا مهما يعتذر بتجاهل الرد على الاتصالات لكثرتها فكيف لو أنه من عامة الناس ومع ذلك يطبق على نفسه ما يطبقه المشاهير والمشغولون من رجال المال والإدارة والأعمال، ومنه أن يكون المتصل صاحب الرقم غير المعروف بالنسبة له أحد أبنائه أو زوجه أو إخوانه أو أقاربه أو زملائه أو معارفه وانتهى شحن جواله وكان في «مأزق» من مآزق الدنيا فاحتاج إلى الاتصال بقريبه أو صديقه فاستعان في اتصاله بجوال أحد الأخيار الموجودين في الموقع الذي حصل له فيه المأزق من مستشفى وحجز مرور أو شرطة أو إدارة رسمية طلبت من الزائر لها بعض الأوراق التي يكمل بها معاملته النظامية فلما حط يده على جواله وجد الشحن قد انتهى ولا يمكنه الاتصال به إلا بعد إعادة الشحن وليس في الوقت سعة، والتعاون قائم بين الناس في هذا المجال فإذا طلب استخدام جوال أحد الموجودين وظهر رقمه على شاشة هاتف «العلة» تجاهله لأنه بالنسبة له رقم غير معروف فيفوت على نفسه فرصة خدمة أعز الناس إليه من زوج وولد وقريب وصديق لأن الأخ أبا جلمبو لا يرد إلا على الأرقام التي يعرفها ويعرف أصحابها، وقد يفوت بتجاهله للاتصال فائدة ومنفعة تخصه وترفع من قدره كأن يكون المتصل على الرقم المجهول رئيسه في العمل ويريد منه إنجاز مهمة مسائية عاجلة فإذا لم يرد على اتصاله بحث عن غيره وحظي الأخير بالمكانة والمكافأة والثناء وبقي أبو جلمبو متحسرا على أنه لم يرد على تلك المكالمة ولات ساعة مندم.