ذات ليلة في جلسة عائلية ساهرة كان «عشاء حافلا» أخذت أتغنى فرحة ببهجة بناتي وأزواج بناتي وأحفادي وعن روعة الشعور بالفرح بالسعادة في لحظة لقاء الحبايب. كان الحديث تارة يتصل، يعلو، فيتطور إلى نقاش. وتارة أخرى ينقطع، يخبو، فيتحول إلى صمت يمجد روعة السكون. فتصعد أبصارنا هادئة تسرح تمتص بشغف بهاء كون خيالي في هذه الساعة الحالمة من الليل. وفجأة بادر أحد الجالسين بسؤال قطع به فترة تأمل ممتع لطبيعة ساكنة مستسلمة، فقال: ما هو الشيء الذي لا يشترى ولا يباع بمال الدنيا. بهداوة قلنا: تشترى السعادة. من الممكن أن تشتري السعادة لفقير بحفنة من الريالات. بعض قبائل أفريقيا يهبون حياة المحكومين عليهم بالإعدام لمن يشتريها ببقرة أو ثور. نشتري الصحة بالتغذية السليمة وبالعلاج الدقيق الذي يحتاج إلى المال فقد تشترى الصحة. الموت؟، قاتل محترف مأجور بمبلغ من المال قد يقتل إذن فالموت يشترى. الحب؟، بالرعاية، بالعطاء بالهدايا الثمينة هل يشترى الحب؟ فثرنا جميعا وأخذت إجاباتنا تنطلق واحدة تلو الأخرى الحب الحقيقي المتنزه عن التدني، المترفع عن قبول الهدايا مهما كانت لا يشترى. الحب السامي البعيد عن المكاسب الشخصية المتسامي عن المنفعة الذاتية لا يباع. الحب الصادق الذي يمقت الكذب ويكره الخداع والتضليل لا يشترى. الحب الصافي الخالي من شوائب الطمع، وذرات الأنانية، وأتربة الفردية العامر بالعناية بالرعاية لا يباع. الحب المجرد الذي لا يعرف المدهنة والدهاء ويجهل أساليب الخداع والالتواء ويحفل بالمنح والعطاء لا يشترى. الحب المخلص الخالص، الحب المتوهج المتألق ذاك الذي تسطع به النفس، فتشع بريقا وتبث إحساسا خالصا لا يتلون ولا يتيه لا يباع. الحب اللاصق حنايا الروح الكامن في عمق الفؤاد النابع من القلب الداخل إلى القلب شيء لا يشترى. يقول المخلص: من حبك لعادة كرهك لقطعها. فهذا ليس حبا. الحب لا يباع ولا يشترى، الحب لا يرهن ولا يسجن. الحب لا يموت ولا يمرض، الحب أثمن من الذهب للأمين الوفي، الحب أرخص من الورق للجاهل الخائن عديم الحب والوفاء. الحب لغة صعبة لا يعرف مفرداتها سوى من سهر الليالي. هذا الحب لا يشترى ولا يباع. فهل هذا الحب الذي لا يباع ولا يشترى خيالي لا وجود له عند البشرية أم هو حقيقي خلقه الله في قلب بني آدم؟ والرسول صلى الله عليه وسلم يقول في الحديث الذي يرويه عنه النعمان بن بشير رضي الله عنهما: إن الحلال بين وإن الحرام بين وبينهما مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام، كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه، ألا وإن لكل ملك حمى ألا وإن حمى الله محارمه، ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب (أي الحب). يقول الحق تبارك وتعالى: ولكن الله ألَّف بينهم إنه عزيز حكيم. الآية. فالحب حقيقة لا يباع ولا يشترى. للتواصل: فاكس: 0126721108