يتحمس العديد من حملة الأقلام عندما يطالبون بسرعة تطبيق نظام التأمين الصحي على المواطنين، لأنهم يعتقدون أن التأمين سوف يوفر للمجتمع رعاية صحية عالية المستوى كالرعاية الموجودة في الدول الأكثر حضارة وتقدما وعراقة في تطبيق نظام التأمين الصحي ضمن حزمة من أنظمة التأمين التي ينعم بها مواطنوها والمقيمون فيها على حد سواء! وقد تناسى المطالبون بسرعة تطبيق التأمين الصحي المتلهفون عليه أن «فاقد الشيء لا يعطيه»، لأن نظرة عامة إلى الواقع الصحي لا تبشر بخير، وإن وجدت عدة مستشفيات ذات مستوى مقبول فإن دخولها يحتاج إلى موافقة لأنها غير تجارية، حتى لو حاول المواطن أو المقيم دخولها ودفع ثمن العلاج فيها، فلا بد للأول من موافقة، أما الثاني فلا موافقة ولا علاج مدفوع الثمن، ومع ذلك تجد أسرتها مكتظة لأن عددها محدود جداً وتضيق حتى بمن أسعفه الحظ وحظي بموافقة للعلاج فيها، أما المستشفيات الخاصة الكبرى فإن بعض التخصصات غير موجودة بها مثل «زراعة النخاع» التي يحتاجها بعض مرضى السرطان وضعيفو المناعة وإلا واجهوا خطر الموت أو البقاء تحت رحمة المضادات الحيوية مدى الحياة. وبالنسبة للمستشفيات الحكومية والمستشفيات الخاصة وما هو ملحق بهما من مستوصفات فإن وقائعها لا تخفى على أحد، ومع ذلك تجدها تعاني من زحام في العيادات الخارجية وأقسام الطوارئ وفي الأقسام الداخلية والتنويم مطبقة بذلك المثل العربي القائل - حشف وسوء كيلة-، وهذا الواقع الصحي ليس وليد اليوم وإنما هو واقع تراكمي ممتد لسنوات طويلة إلى الخلف، وإن استمرت المعالجات للمشكلات الصحية على النسق نفسه فإن المتوقع استمرار التراجع التراكمي حتى لا يكون له حل، فلا هو ميت فيرثى، ولا حي فيرجى!. ولذلك فإن من الواجب أن يسبق تطبيق نظام التأمين الصحي إقامة مراكز صحية متقدمة في كل مدينة ومحافظة مع الارتقاء بما هو موجود منها والاستعانة في تطويرها بكبريات المؤسسات العالمية المتخصصة في هذ المجال. فالمستشفيات ليست مباني فخمة ورخاما وأضواء وديكورات، بل خبرات طبية وطبية مساعدة وتمريض عالي المستوى وإمكانيات وأجهزة وإدارة طبية واعية، وإلا فلا!. [email protected]