هذه عادة المنكبّين على الكتب، والتوثيق، والبحث في عمق التاريخ، لا تسمع أصواتهم كثيراً. هكذا يرحل بصمت المؤرخ والمترجم الحيوي الدكتور عبدالله العسكر. إنسان لامع بذكائه وصبور في بحثه، وجلدٌ في تنقيح رأيه وتبويب كتاباته ومؤلفاته. وربما من مشكلاتنا الثقافية أن لا نتذكر مستوى الإبداع لأيٍ كان إلا بعد وفاته. حتى أن محمود درويش حينما رأى ملحقاً ثقافياً في صحيفةٍ عنه تساءل بسخرية: «ظننتُ أنني مت»! يرحل الهادئون بيننا وهم مثل الغرباء كأن لم يمروا أو يدرجوا على هذه الأرض، بسبب صمتهم وسمتهم وحسن عبارتهم ونبل شخصياتهم، ربما هو الرثاء المتأخر لمؤرخٍ أراد لتاريخ بلاده أن يكون موضوعياً علمياً بعيداً عن الهجاء الأعمى، والدفاع الإنشائي، وهكذا فعل. درس في جامعاتٍ عريقة، وتتلمذ على أساتذة كبار مثل «جاك بيرك»، وألّف كتباً منها: «الحالة الاقتصادية عند عرب الجنوب في العصر القديم، تحقيب التاريخ الإسلامي، تاريخ اليمامة في صدر الإسلام، البعد الثقافي في حياة الملك سلمان بن عبدالعزيز»، ومن ترجماته: «التاريخ الشفهي حديث عن الماضي لروبرت بييركس، والدعوة الوهابية والمملكة العربية السعودية، لديفيد كمنز» وسواها. هذا فضلاً عن أعماله الأكاديمية الأخرى، وعضويته بمجلس الشورى، فقد كان مهموماً بوطنه وبالقضايا الأساسية التي تشغل أذهان المجتمع، رحمه الله رحمةً واسعة. www.turkid.net