تيريزا ماي، رئيسة الحكومة البريطانية الجديدة، شبهها بعض الناس بأنجيلا ميركل رئيسة ألمانيا، وشبهها بعضهم الآخر بمارجريت تاتشر رئيسة الوزراء السابقة، اختلفوا حولها في صفات كثيرة إلا صفة القوة والصلابة، لم يختلف عليها أحد منهم. قبل أن تستلم دفة الحكم، خاضت معركة انتخابية ساخنة أمام منافستها اندريا ليدسوم، لكنها فازت عليها بزلقة من لسان المنافسة، وذلك عندما وصفت ليدسوم نفسها بأنها الأفضل في خلافة كاميرون رئيس الحكومة المستقيل، لكونها أما، فهذا يجعلها حريصة على مستقبل بريطانيا أكثر من غيرها، معرضة بتيريزا ماي التي لم تنجب أطفالا، لكن تعريضها بماي ارتد عليها، بعد أن اشتعلت نار الانتقاد لكلامها فاضطرت إلى الانسحاب من الترشح وترك الساحة خالية أمام منافستها. كانت ليدسوم تريد أن تصعد على كرسي الحكم، فطار بها لسانها بعيدا عنه. لينطبق عليها القول المعروف (لسانك حصانك). تيريزا ماي رئيسة وزراء بريطانيا الجديدة، تواجهها مهمة صعبة ومعقدة كثيرا، فهي جاءت إلى الحكم أثناء مرور بريطانيا بمرحلة حرجة للغاية في أعقاب خروجها من الاتحاد الأوروبي، بريطانيا الآن تواجه احتمال تعرضها لأزمة اقتصادية بسبب ذلك الخروج، فضلا عن وجود نسبة كبيرة من البريطانيين غير راضين عن خروجها من الاتحاد فأحدث ذلك انقسامات كبيرة داخل البلد، إضافة إلى تهديدات اسكتلندا بالخروج من الاتحاد البريطاني إن لم تبق بريطانيا داخل السوق الأوروبي. وليس خطر الانقسامات وخطر الانهيار الاقتصادي، هو ما يواجه ماي فحسب، وإنما عليها أيضا أن تحقق نجاحا في الحد من هجرة العمالة إلى بريطانيا من داخل دول الاتحاد. هذا الوضع الحساس والحرج يمثل اختبارا عسيرا لقدرات ماي السياسية، فلكي تقود بريطانيا بسلام خارج هذا النفق المظلم، لابد أن تكون على قدر عال من الذكاء والقوة والدهاء السياسي، سواء في اختيارها أعضاء الحكومة أو في اتخاذ القرارات، فهل يمكنها إثبات ذلك؟