عوضت أسعار النفط أمس جزءا من خسائرها بسبب عمليات شراء بأسعار ملائمة في سوق ما زالت قلقة من العواقب الاقتصادية للقرار البريطاني بالخروج من الاتحاد الأوروبي، إذ ارتفعت أسعار النفط فوق 48 دولارا للبرميل مع اتجاه المستثمرين للاستفادة من تراجع استمر يومين في أسعار الخام. فيما خفضت وكالتا التصنيف الائتماني «ستاندارد آند بورز» و«فيتش» أمس الأول درجة الدين البريطاني بعد خيار الناخبين البريطانيين الخروج من الاتحاد الأوروبي. في حين ينذر إضراب وشيك في عدد من حقول النفط والغاز النرويجية بتقلص الإنتاج في أكبر بلد منتج للخام في غرب أوروبا؛ ما أعطى دعما للأسعار أيضا أمس. وجرى تداول خام القياس العالمي مزيج برنت في العقود الآجلة بزيادة 2.3 % أو 1.08 دولار إلى 48.24 دولار للبرميل. وزاد خام غرب تكساس الوسيط في العقود الآجلة 2.3 % أيضا أو ما يعادل 1.06 دولار إلى 47.39 دولار للبرميل. وتعافى الجنيه الإسترليني ومؤشر فايننشال تايمز 100 البريطاني أيضا كثيرا على آمال تحرك منسق من قبل البنك المركزي ردا على الخسائر التي منيت بها الأسواق المالية. إلى ذلك، حذر الرئيس الأمريكي باراك أوباما في مقابلة أذيعت أمس من «هيستيريا» مالية عالمية بعد تصويت بريطانيا على الخروج من الاتحاد الأوروبي. وأضاف أن خُطا الوحدة الأوروبية الشاملة ربما تكون توقفت في الوقت الحالي لكن من المستبعد حدوث تغييرات كارثية. وقال أوباما في مقابلة الراديو العام الوطني: «حدثت بعض الهيستيريا بعد اقتراع بريطانيا بالخروج من الاتحاد الأوروبي كما لو أن حلف شمال الأطلسي اختفى بشكل ما والتحالف عبر الأطلسي انفصمت عراه وكل دولة تهرع لزاوية خاصة بها، لكن هذا ليس ما يحدث». وتابع: «إن النتيجة تعبر عن رد فعل الناخبين تجاه نمو الاتحاد الأوروبي بشكل أسرع من اللازم، دون وجود الإجماع اللازم». وتأتي تصريحات أوباما مع تعافي أسواق المال العالمية قليلا أمس بعد صدمة اقتراع (الخميس) الماضي، التي قادت لمحو ثلاثة تريليونات دولار من قيمة الأسهم العالمية ولاتزال التداولات تتسم بالتقلب حتى مع تعهد واضعي السياسات بحماية اقتصاداتهم. وكان أوباما قال في وقت سابق إنه يحترم قرار الناخبين البريطانيين رغم معارضته هذا التحرك. من جانبه قال المحلل لدى كوميرتس بنك كارستن فريتش: «النفط يتعافى بفعل بعض تصيد الصفقات بعدما ثبت أن الهبوط دون 47 دولارا للبرميل غير قابل للاستمرار والأنباء عن إضراب محتمل في قطاع النفط والغاز النرويجي». من جهة أخرى، أعلنت «وكالة ستاندارند اند بورز» في بيان أن درجة الدين البريطاني خفضت من «ايه ايه ايه» وهي الأفضل، إلى «ايه ايه» أي درجتين. وأشارت الوكالة إلى «عدم اليقين» الذي نجم عن الاستفتاء. وأوضحت أنها تتوقع أجواء سياسية لا تسمح بالتكهن بتطوراتها وأقل استقرارا وأقر فاعلية في الأشهر القادمة. وبينت «ستاندارد اند بورز» أن قرارها يستند أيضا إلى مخاطر تدهور إمكانيات الدخول إلى السوق المالية للمملكة المتحدة، وكذلك المشكلات الدستورية، التي ستطرح بينما تفكر اسكتلندا بتنظيم استفتاء جديد على استقلالها. وعلى السياق نفسه، خفضت وكالة «فيتش» أيضا درجة بريطانيا متوقعة تباطؤا كبيرا في نمو البلاد. وخفضت الوكالة درجة بريطانيا من «ايه ايه+» إلى «ايه ايه» مع آفاق سلبية؛ ما يعني أنها يمكن أن تخفض من جديد في الأشهر القادمة. وذكرت الوكالة أنها تعتبر أن عدم اليقين الذي يلي نتيجة الاستفتاء سيؤدي إلى تباطؤ كبير للنمو في الآمد القصير. كما أشارت إلى إمكانية إجراء الاستفتاء على استقلال اسكتلندا. وقال المحلل المالي في مجموعة «آي جي ماركيتس» في سنغافورة لوكالة فرانس برس: «إن غياب التوجهات لدى الحكومة البريطانية ما زال يؤثر على المستثمرين وهو وضع قد يستمر طوال الأسبوع». وكانت وكالة موديز خفضت توقعاتها للدين البريطاني إلى «سلبي» منذ الجمعة الماضية. وأشارت إلى احتمال خفض جديد أيضا.