هنيئاً لمن صام النهار وقام الليل في شهر رمضان وذلك لما فيه من مكارم ربانية يمنحها رب العزة والجلال سبحانه وتعالى لكل مؤمن. ففي العشر الأوائل يحظى المؤمنون بالمرحمة، كما أن العشر الثانية هي العشر الوسط وفيها المغفرة. والعشر الأخيرة عتق من النار نسأل الله أن يعتق رقابنا ورقاب آبائنا وأحبابنا منها. وفيه ليلة القدر التي هي في العشر الأواخر من شهر رمضان. فقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما روته الصديقة بنت الصديق أم المؤمنين السيدة عائشة قالت: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم: أرأيت إن علمت أي ليلة هي ماذا أقول؟ قال صلى الله عليه وسلم قولي: اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عني. أما لماذا سُميت ليلة القدر ؟ فذلك لأن الله يقدر فيها الأرزاق وأمور العباد وتأخذ الملائكة صحائف الأقدار عاماً كاملاً من ليلة القدر إلى ليلة قدر أخرى، فلا يبقى جليل ولا حقير إلا كتب الله أمره عاماً كاملاً، قال تعالى: {إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين فيها يفرق كل أمر حكيم} الدخان: آية 3-4. وفيما روى عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يريد أن يخبرنا بليلة القدر فتلاحا رجلان فقال: «إني خرجت وأنا أريد أن أخبركم بليلة القدر فتلاحا فلان وفلان لعل ذلك أن يكون خيرا، التمسوها في التاسعة والسابعة والخامسة». يروى أنه في أحد أيام شهر رمضان كان عبدالله بن عباس رضي الله عنه معتكفاً في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم فرأى شخصاً مهموماً يكاد الكرب يخنقه فسأله ابن العباس: لماذا أنت حزين ومهموم ؟ فقال الرجل: يا ابن عم رسول الله إن عليَّ دين لفلان وليس لدي ما أسدد به وقد اقترب أجله. فقال ابن عباس رضي الله عنه: أتريد أن أكلم صاحب الدين ؟ قال الرجل: إن شئت افعل. فما كان من ابن العباس إلا أن خرج من المسجد وسارع بالذهاب إلى الشخص الدائن فسأله المدين: أتترك اعتكافك وتذهب لقضاء حاجتي ؟ فقال له ابن العباس: بأنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من مشى مع أخيه في قضاء حاجته أفضل من أن يعتكف في مسجده صلى الله عليه وسلم شهرين أو قال سبعين يوما». السطر الأخير: قال تعالى: {إنا أنزلناه في ليلة القدر، وما أدراك ما ليلة القدر، ليلة القدر خير من ألف شهر}