الخلاف في تحديد ليلة القدر عجيب، فقد جاء في كتاب «المصنف» للشيخ البخاري أبي بكر بن أبي شيبة عن أنس عن عبادة بن الصامت قال : خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يريد أن يخبرهم بليلة القدر، فتلاحى (أي تخاصم) رجلان، فقال : إني خرجت وأنا أريد أن أخبركم بليلة القدر، فتلاحى فلان وفلان، ولعل ذلك أن يكون خيرا، التمسوها في التاسعة والسابعة والخامسة. وأورد ابن أبي شيبة قال : حدثنا وكيع قال : حدثنا سفيان عن أبي اسحاق، عن سعيد بن جبير، عن ابن عمر قال : ليلة القدر في كل شهر رمضان. وعن ابن عباس عن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في ليلة القدر : اطلبوها في العشر الأواخر. وورد عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : تحروا ليلة القدر في العشر الأواخر من شهر رمضان. وعن أبي بن كعب يقول : ليلة القدر ليلة سبع وعشرين. لكن عبدالله بن مسعود كما جاء في كتاب «المصنف» لابن أبي شيبة وحققه فضيلة الشيخ محمد عوامه رقم الحديث 8772 قال عبدالله : التمسوا ليلة القدر ليلة سبع عشرة فانها صبيحة بدر، يوم الفرقان، يوم التقى الجمعان. وهناك من قال : انها ليلة ثلاث وعشرين من شهر رمضان. ومن العلماء من قال : انها تتنقل من سنة إلى سنة في ليالي الشهر، وهذا الاختلاف يؤدي في النهاية إلى أن يجتهد المسلم في شهر رمضان كله، وهو يوافق المبدأ العام الذي قرره رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما قال : أحب العمل إلى الله أدومه.. ومن العلماء من أخذ بأنها ليلة السابع عشر من رمضان لقوله تعالى : {إنا أنزلناه في ليلة القدر} وكان بدء الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم في تلك الليلة.. ليلة السابع عشر. وقد قال أهل العلم : إننا معشر أمة النبي محمد صلى الله عليه وسلم أقصر أعمارا من بقية الأمم فكانت ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر تعويضا لنا عن نقص الأعمار ونقص العمل بالتالي.. فمن فاز بليلة القدر فقد كسب ثوابا خيرا من ثواب عمل ألف شهر. لكن هذا لا يعني التعلق بذلك على حساب واجبات الصلاة والحج والعمرة والزكاة وصلة الأرحام، إننا مسافرون في هذه الدنيا وعلينا الاجتهاد في كل أوامر الله والامتناع عن نواهيه كي نصل إلى المحطة النهائية فائزين مقبولين لا خاسرين مردودين، حفظنا الله وإياكم. السطر الأخير : قال الله تعالى: {سلام هي حتى مطلع الفجر}.