في أقصى الجنوب، وتحديداً في النقطة الأخيرة من مرتفعات عسير، يقف أبطال نذروا أنفسهم لحماية الوطن وأقسموا على ذلك، ليكونوا سداً منيعاً وحصناً لأمن البلاد، ففي ال10 من رمضان، التقت «عكاظ» مرابطين في قرية الحاجر التي تبعد نحو ثلاثة كيلومترات عن الحدود السعودية المحاذية لليمن. رصدت «عكاظ» رجال وأفراد فرق المجاهدين الميدانية المجهزة بكافة أجهزة الاتصالات السلكية والأسلحة لتكون عونا على أداء مهماتهم دفاعا عن الوطن من أي متسلل ومهرب ومعتد، ويعملون على مدار الساعة في مراقبة الحدود بأعين ترقب الحد وأفئدة ترنو إلى عوائلهم، بيد أن العزيمة المتحلين بها تجعل من عملهم في الميدان «فخرا» لأبنائهم وأسرهم. وقبيل أذان المغرب وفي القرية الحدودية، لا يهدأ الجنود في تمشيط الحدود ومراقبتها من على قمم الجبال والطرق الوعرة، وتحت درجات حرارة مرتفعة. عند أذان المغرب، تعلو مشاهد البسمة والفرح وجوه الجنود، ويتناولون الإفطار على شكل جماعات صغيرة في قمم الجبال، إذ كان البعض منهم يتناول حبات التمر والبعض يرتشف الماء وآخر يقظ وموجه سلاحه إلى الحدود متابعة ومراقبة، فعيونهم لا تغفل، ويبدو أنهم على جاهزية تامة لأي طارئ. رافق «عكاظ» في الجولة الناطق الإعلامي بفرع الإدارة العامة للمجاهدين بمنطقة عسير سعيد بن جرمان آل مريح، ورئيس قطاع ظهران الجنوب للمجاهدين المكلف زامل بن سياف الشهراني، وبدأ الانطلاق من مدينة أبها مرورا بعدة محافظات«أحد رفيدة، سراة عبيدة، ظهران الجنوب»، ومن ثم الاتجاه شرقاً بمسافة 30 كيلو إلى مركز الحاجر والقرى الحدودية التابعة لها، التي تقع على الشريط الحدودي مع اليمن. يتابع بعض الجنود مراقبتهم عبر فتحات ومسامات ضيقة، فيما يؤكدون تسلحهم بقوة شعار المملكة المتمثل في علمها الوطني «لا إله إلا الله»، وبما وفرته الجهات المعنية من إمكانات وتجهيزات عسكرية وأسلحة وذخيرة وإمكانات تقنية حديثة تمكنهم من متابعة أي متسلل أو مهرب والقبض عليه قبل أن يشعر بهم، في حين كانت العزيمة والقوة لدى هؤلاء الرجال من أفراد المجاهدين في هذه المناطق مرتفعة والتأهب يظهر جليا في نظراتهم وتمركزهم. ومن على أحد المرتفعات يؤكد حبيب القحطاني، أحد أفراد قوات المجاهدين، شعوره بالفخر كونه على ثغر من ثغور الوطن يؤدي واجبه، وأوكل إلى حبيب رفع أذان المغرب في نقاط وجودهم نظراً لصوته الجهوري. فيما انشغل علي محمد علي برش الماء على رأسه ليطفئ لهيب الشمس، يقول شايع عائض القحطاني إن فرحته لا توصف وهو يتناول الإفطار مع زملائه على ثغر من ثغور الوطن، مضيفا: «ندعو الله بصدق أن يديم على هذه البلاد الأمن والأمان». وعند نقطة ليست بالبعيدة، يحمل عبدالمحسن عيد العماني بندقيته ويوجه منظاره نحو الحدود في الوقت الذي يتناول زملاؤه وجبة الإفطار وعينه لا تكاد ترمش ثانية، وهو يتابع عبر سلسلة من الجبال الوعرة والأدوية، ويقول: «لن نسمح بدخول أحد وسندافع عن كل شبر». اللافت أن الجنود وتحت وطأة الصيام ودرجات الحرارة يؤكدون فخرهم واعتزازهم وهم يحمون الوطن، وأن الخيارات المبذولة أمامهم تعد مكاسب كبيرة «النصر أو الشهادة»، فالروح القتالية والحماس الوطني ديدن الجميع في قرية الحاجر، فالكل يعتز بما يفعله تجاه وطنه.