جميع المؤشرات والتحاليل الاقتصادية تؤكد أن هناك أزمة اقتصادية كبيرة ستواجهها دول الاتحاد الأوروبي إذا قررت بريطانيا الانسحاب من عضوية الاتحاد. وحسب توقعات وزارة الخزانة البريطانية أن بريطانيا ستواجه ركوداً اقتصادياً يمتد إلى عام، ويرى بعض الخبراء الاقتصاديين أنه قد يستمر إلى ثلاث سنوات، ويتوقع أن يتراجع الناتج المحلي الإجمالي إلى نسبة تتراوح بين 3.6 % و6 %، وقد يؤدي هذا التراجع إلى خسارة نحو (820) ألف وظيفة مع انخفاض في مستوى الأجور وأسعار السكن. وهذه هي الإجابة على سؤال الكثير من رجال الأعمال عن ما هو الأثر الاقتصادي على المستثمرين الخليجيين في بريطانيا لو اتخذت بريطانيا قرار الانسحاب من الاتحاد الأوروبي، ومن تحليلي لمستقبل الاستثمارات الخليجية بعد القرار أرى أن جميع الاستثمارات العقارية سوف تتأثر وأتوقع أن يكون أكبر المتأثرين الصناديق السيادية الخليجية المستثمرة في بريطانيا وعلى وجه الخصوص في العقار وفي العملات، علماً بأن المستثمرين الخليجيين استثمروا بمليارات الدولارات في عقارات ببريطانيا، وقد بدأ انهيار أسعار العقارات المملوكة للخليجيين في المناطق المستثمرين فيها بنسبة 4 % إلى 7.5 %، ويتوقع انهيار أكثر. وحسب الإحصاءات أن رجال الأعمال العرب والخليجيين بصفة خاصة يملكون 30 % من العقارات الرئيسية في لندن، وتمثل نسبة 24% من إجمالي الأموال العربية المستثمرة خارج أوطانها، التي تقدر بنحو مليارات الدولارات. وتعتبر بريطانيا من أهم الأهداف الاستثمارية للأموال العربية. وتتوقع جميع الأوساط المالية والاقتصادية أن هناك انخفاضا كبيرا وسريعا للعملة البريطانية نتيجة قرار الانسحاب من الاتحاد الأوروبي. وهذا دفع الكثير من المحللين الاقتصاديين إلى مطالبة الحكومة البريطانية بضرورة الأخذ بالاعتبار مصالح المستثمرين بصفة عامة وليس العرب أو الخليجيين فقط، لأن الاستثمارات القادمة لبريطانيا لم تقرر دخول بريطانيا إلا نتيجة مجموعة من الحوافز ومن ضمنها العضوية في الاتحاد الأوروبي، وأن قرار الانسحاب من الاتحاد الأوروبي له تبعات سلبية كبيرة ستؤثر سلباً على الاقتصاد البريطاني والمستثمرين فيه، وهي كارثة على المستثمرين الصغار والكبار، وقد تكون لها آثار سلبية مستقبلية. وهذا ما يدفعنا دائماً إلى مطالبة الدول الحاضنة للاستثمارات الأجنبية بالتشاور مع المستثمرين الأجانب تجاه أي قرارات قد تؤثر على مستقبل وقيمة الاستثمارات. وقد تكون هذه الصدمات التي تواجه الاستثمارات العربية والخليجية خارج أوطانها دافعا لأصحابها ولدولها لإعادة النظر في الاستثمار الخارجي وتوجيه استثماراتهم لداخل الدول لتساهم في التنمية الشاملة في مواطنها. إما الاستثمارات الفردية فإن أصحابها مسؤولون عن قراراتهم ولا يمكن التدخل فيها إلا بالنصح والإرشاد. أما قرارات الصناديق السيادية الحكومية فهي قرارات تمثل مصالح الدول وبالتالي ينبغي أن تكون حذرة جداً ومتحفظة، وعلى وجه الخصوص أن القرارات الاستثمارية الاقتصادية لا تقتصر على الجدوى الاقتصادية فقط والعوائد الاستثمارية وإنما تأخذ في الاعتبار الأبعاد السياسية المستقبلية. وأخيراً فإن هناك من المستثمرين صائدي الفرص في الأزمات من يبحث عن انخفاض الجنيه الإنجليزي لاستثماره مستقبلاً لشرائه واستثماره والاستفادة من انخفاضه، أو يبحثون عن الفرص الاستثمارية العقارية المتاحة المنخفضة الأسعار في ظل ظروف الأزمات.