توقعت مؤسسة النقد العربي السعودي (ساما) تراجع زخم ارتفاع الإيجارات السكنية نتيجة للتوسع في إنشاء المباني السكنية من قبل القطاعين الحكومي والخاص. ويتفق كبار العقاريين مع مؤسسة "ساما" في انخفاض الإيجارات خلال الربع الاول من 2009، لافتين إلى أن انخفاض الإيجارات لن يؤثر في أسعار العقارات نفسها، مؤكدين أنها لن تتراجع بسبب رخص الحديد أو مواد البناء. وكان تقرير حديث أصدرته "ساما" قد أشار إلى ارتفاع عدد تراخيص المباني السكنية والتجارية للقطاعين بنسبة 213.6% في الربع الأول من 2009، كما توقع التقرير انخفاض تكلفة البناء نتيجة لانخفاض مدخلاته كالحديد والأسمنت اللذين سجلت أسعارهما تراجعا ملحوظاً خلال الفترة الماضية. بينما أكد بعض الخبراء في السوق العقاري أن العملية هي مجرد ردة فعل نفسية لا أكثر، تحفظ فيها المتعاملون في السوق العقارية، وتراجعوا مرة أخرى إلى العقلانية في اتخاذ القرار بالشراء، إضافة إلى أن الأزمة المالية العالمية كانت بسبب الائتمان العقاري، مما دفع أصحاب القرار في تمويل المشاريع العقارية إلى التراجع وإعادة النظر في قراراتهم للاستثمار في المجال العقاري، مشيرين إلى أن هناك عددا من مشاريع التطوير العمراني موجودة حالياً على الورق ومدرجة كمخططات لدى المستثمرين، إلا أن تجميدها يرجع إلى تراجع البنوك في التمويل العقاري، والتخوف من عدم وجود مشترين مستقبلاً، إضافة إلى أن نظام مشروع التمويل العقاري والرهن العقاري على الرغم من صدورهما من مجلس الشورى إلا أن مجلس الوزراء لم يصدر قراراً رسميا لتفعيلها بعد، وهو الأمر الذي سيجعل جميع المستثمرين في سوق العقار يعيشون حالة ترقب لنتائج الأزمة المالية وانعكاساتها على أسواق المملكة، وهم أيضا في مرحلة إعادة ترتيب قراراتهم الإستراتيجية. وشددوا على أن السوق السعودية لم تتأثر بشكل يدفعها إلى التراجع، موضحين أن على الدولة أن توجه صناديقها الاستثمارية خاصة صندوق التنمية العقاري وأن تضاعف من رأسمالها، وأن ترفع من قيمة القروض الممنوحة، وأن تعمل على التوسع في تمويل مشاريع عقارية كبيرة من قبل صندوق الاستثمارات الحكومية، ودفع البنوك إلى منح مزيد من التسهيلات للمطورين العمرانيين ولصغار المستثمرين وللمشترين، وهي بذلك ستكون بدورها حلقة متكاملة ستدفع السوق العقارية للحركة مجدداً والنمو. ويمكن القول إن السوق العقارية السعودية مجمدة في الوقت الحالي وتعيش حالة ثبات، ولم تشهد أي حالة ارتفاع أو انخفاض في الأسعار، وذلك لعدم وجود حركة شرائية مرتفعة، على الرغم من أن سوق العقار يملك المليارات من الريالات التي باتت مجمدة، والتي إن لم تشهد أي حالة تحرك ستواجه الخسارة لا محالة، وإن لم تتحول إلى مشاريع تطوير عمراني ستواجه السوق السعودية أزمة سكانية كبيرة خلال العشر سنوات المقبلة، كما أن الجمود يؤثر في كثير من الصناعات المرتبطة بالعقارات كالمواد الإنشائية وغيرها، وذلك لانخفاض الطلب عليها، الأمر الذي سيخفض من أسعارها. في حين يرى مستثمرون أن العقارات في منطقة الخليج دخلت مرحلة كساد، وأن الأسعار المتداولة في الوقت الجاري انخفضت بنسبة تتراوح بين 30 و40%. وتؤكد المؤشرات أن أسعار العقارات في السعودية، تسجل انخفاضات نسبية، خاصة الأراضي خارج النطاق العمراني، التي شهدت خلال الفترة الماضية عمليات مضاربة، أوصلت أسعارها إلى مستويات غير منطقية. وقال مستثمرون إن المتغيرات الاقتصادية، خصوصاً أزمة المال العالمية، ساهمت في زيادة الطلب على العرض، وبالتالي، أصبح المشترون يتحكمون في السوق، فلجأ البعض إلى خفض أسعارهم خوفاً من تكبد خسائر نتيجة لدخول السوق مرحلة ركود. ويتوقع أن تعود السوق إلى الاستقرار خلال الربع الثاني من السنة المقبلة، بعد أن تتضح الصورة في شكل أكبر بالنسبة إلى استمرار الأزمة العالمية. ويتفق كثير من العقاريين أن ما يحدث حالياً في السوق منطقي، وان معظم أسواق العقار العالمية سجل انخفاضاً، وتشبعت أسعار العقار في المملكة بسبب المضاربات وبلغت مستويات قياسية، لذا توقعوا أن تشهد الفترة المقبلة انخفاضات في هوامش الربحية للمستثمرين. كما توقعوا أن تشمل التخفيضات المناطق كلها لكنها تتضح في صورة أكبر في المناطق خارج مناطق العمران، وأن تتجاوز نسبة الانخفاض 20% في بعض منها. ويبدو أن فترة الازدهار التي جنى خلالها عقاريون في السعودية عوائد مالية جيدة، نتيجة لارتفاع أسعار العقارات بصورة كبيرة أوشكت على الانتهاء، إذ اقترب السوق من تسجيل انخفاضات بين 15 و20%، ولم تشهد صفقات عقارية كثيرة، بعد أن ساهمت أزمة المال العالمية في إحجام المستثمرين عن التحرك ومراقبة السوق بحذر. وهذا متوقع، خصوصاً أن القطاع العقاري، الذي سجل خلال السنتين الماضيتين ارتفاعات غير منطقية نتيجة مضاربات، فتضاعفت الأسعار في بعض المناطق 400%، ولم يعد مستغرباً عودة قيمة الأراضي إلى معدلاتها الطبيعية، فيما أكد اقتصاديون أن سوق العقار السعودي في مأمن من أي أزمات مالية سواء كانت عالمية أو إقليمية، مرجعين ذلك إلى عدة أسباب من بينها سياسة المملكة الاقتصادية المبنية على أسس متينة وارتفاع نسبة الفجوة بين حاجة الطلب والعرض على المساكن المقدرة بنحو ثلاثة ملايين وحدة سكنية خلال العشر سنوات المقبلة، إضافة إلى زيادة معدلات الإنفاق الحكومي على المشاريع الحكومية ومشاريع البنى التحتية ومشاريع نزع الملكيات، التي رفعت نسبة السيولة لدى المواطن السعودي. وأحالوا حالة الركود الجزئي التي تعيشها السوق العقارية السعودية في الوقت الراهن إلى الحالة النفسية التي يعانيها المستثمرون جراء ترقبهم للأزمة العالمية التي يتوقعون من خلالها زيادة في معدلات الانخفاض بالنسبة للمواد الإنشائية للمباني خاصة تلك المستوردة منها كالمواد النحاسية المستخدمة في التمديدات الكهربائية أو الحديد بمختلف أنواعه، أو انصراف المستثمرين أنفسهم عن السوق العقارية مؤقتاً كما هو الحال في مكةالمكرمة والمدينة المنورة والتوجه نحو تقديم الخدمات للحجاج سواء كان ذلك من خلال توفير المساكن أو استيراد وتصدير احتياجات ولوازم الحجاج. وأكدوا أن الأنظمة الاقتصادية لدى المملكة قادرة على حماية الأسواق من أي أزمات، وطالبوا الجهات المختصة أن تبرهن على ذلك من خلال المسارعة في تطبيق نظام الرهن العقاري الذي بدوره سيعمل على دفع الممولين للزيادة في تمويلهم للمشاريع، وسيحافظ بدوره على حقوق الممولين والمستثمرين، مشيرين إلى أن النظام محصن ضد الأزمات في حال تم تفعيل نظام المراقبة الخاص به. وألمح الخبراء إلى أن الارتفاعات التي شهدتها أسعار العقارات في السعودية خلال الأعوام الثلاثة الماضية لم يكن لها أي مبرر، وكانت نتيجة المضاربات التي حدثت بين المستثمرين على الأراضي، موضحاً أن الأزمة إذا استمرت لعام كامل قد تدفع مستثمري العقار لتغيير استراتيجياتهم، وقد تتسبب أيضا في خفض أسعار العقارات 25%. وأوضحوا أن أسواق المملكة العقارية لن تتأثر بالأزمة الاقتصادية العالمية وخاصة تلك التي حدثت في أسواق العقار الأمريكية، وذلك لعدم ارتباطها ببعض، كما أن أنظمة السعودية الاقتصادية متينة ولن تتأثر بأي أزمات، مشيرين إلى أن الأزمة العالمية لن تؤثر في الأسواق العقارية من خلال خفض أسعار، وأما إذا حدث الانخفاض فإن الأمر يعود إلى حجم العرض المقابل للطلب. وأفادوا أن توجه الدولة نحو الأنفاق يؤكد أن السيولة مرتفعة لديها وأن الوضع الاقتصادي قوي ومتين، مشيرين إلى أن ارتفاع الأسعار وانخفاضها يحكمها العرض والطلب، وأن التجارب أثبتت أن السوق العقارية الأكثر تحصينا والأفضل في مجال الاستثمار. ويعزف العديد من المستثمرين في القطاع العقاري بالسعودية عن إبرام الصفقات في انتظار مزيد من الانخفاضات المتوقعة على الأسعار، وكذلك في انتظار استقرار السوق الذي يشهد حالة من الحذر الشديد والترقب. وقال العديد من المستثمرين والقائمين على الشركات العقارية في المملكة: إنهم أوقفوا صفقاتهم التي كانت مفترضة خلال الفترة الماضية، بانتظار مزيد من الانخفاضات في الأسعار، والتي توقعت حدوثها العديد من المؤسسات الإحصائية العقارية المتخصصة محليا وإقليميا. ويترقب المتعاملون في السوق من أفراد وشركات عودة الأسواق العالمية إلى وضعها الطبيعي. كما أن عدم اتضاح الرؤية لمستقبل الاقتصاد العالمي والسعودي بشكل خاص أجبر الشركات العقارية والمستثمرين على التريث حتى اتضاح ما ستسفر عنه تحركات الأسعار، سواء على صعيد الأراضي أو العقارات القائمة. وفي جانب آخر، رجح بعض المستثمرين أن يؤدي انخفاض أسعار مواد البناء إلى تراجع أسعار تكلفة العقارات السعودية على المتملك بنسبة 20% خلال العام الجاري، وسيساعد على إنشاء مشاريع عقارية بتكلفة أقل، مؤكدين أن قطاع العقار السعودي لن يتضرر كثيرًا، نتيجة الأسعار المعمول بها في الوقت الراهن التي لم تصل إلى حالة التضخم بعد سواء في أسعار العقارات أو الأراضي مقارنةً بدول الخليج. وتواجه صناعة العقار المتنامية تحديًا كبيرًا إذا ما فاق حجم الطلب ما يعرض من وحدات وأراضٍ سكنية معدة لاستخدام ذوي الدخل المحدود، وقد بدأت المشكلة العام الماضي من خلال ارتفاع أسعار الوحدات السكنية بيعًا وإيجارًا بنسبة فاقت 30% بسبب النمو السكاني الكبير الذي تشهده البلاد، مع ما يرافق ذلك من صعوبات تواجه تمويل وإنشاء الوحدات السكنية، لا سيما في المدن الرئيسية. وأظهرت بيانات إحصائية استمرار ابتعاد السيولة عن القطاع العقاري وسط مخاوف من حالة ركود قد تقود أسعار الأراضي والعقارات السكنية والتجارية إلى الانخفاض في ظل أزمة الائتمان العالمية، وتشير الإحصائيات إلى أن نسبة التراجع في التداولات عن متوسط مبيعات العام الحالي بلغت قرابة 65%، حيث يرى عقاريون أن الأسواق بكل قطاعاتها ترزح حاليا تحت وطأة الحالة النفسية للأزمة المالية العالمية. ويؤكد الخبراء أن قطاع الأراضي المطورة السكنية والتجارية والإيجارات قد يكون أقل تأثرا؛ إلا أنه سيشهد استقرارا سعريا على المدى المتوسط بين سنة و3 سنوات مصحوبة بالحالة الاقتصادية السائدة، مع توقع ضعف في تداول (المضاربة) على الأراضي الخام، لافتين إلا أنها لن تشهد انهيارا كما يشاع بالنظر إلى عوامل العرض والطلب، مشيرين إلى أن معظم المحركات للسوق هي داخلية، فرؤوس الأموال معظمها ممولة ذاتيا وليست ائتمانيا كما هو الحال في بعض الدول الخليجية بالجوار. وألقت بيانات أصدرتها وزارة العدل بظلالها على توجهات المشترين والعقاريين عموما، وبينت إحصاءات أسبوعية للمؤشر العقاري الصادر عن الإدارة العامة للحاسب الآلي بالوزارة لكتابتي العدل الأولى بالرياض والدمام للفترة من يوم السبت إلى الأربعاء من الأسبوع الماضي انخفاضا ملحوظا في قيمة الصفقات في استمرار لحلقة الانخفاض على مستوى التداولات في الأشهر الأخيرة الماضية. وكشفت دراسة أعدتها وموّلتها مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية عن ازدياد الإقبال على الوحدات السكنية خلال عشرين سنة المقبلة، حيث توقعت أن يصل عددها إلى 2.9 مليون وحدة سكنية أي قرابة 3 ملايين وحدة سكنية, إضافة إلى أن هناك أكثر من 1.1مليون وحدة سكنية ستكون خلال الفترة ذاتها بحاجة لإعادة البناء. كما أفادت دراسة للهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض تؤكد أن مدينة الرياض وحدها تحتاج خلال السنوات العشر المقبلة إلى 30 ألف وحدة سكنية سنوياً, إلا أن المتوافر لا يتعدى 15 ألف وحدة سكنية حالياً مما أوجد فجوة في العدد المنفذ للوحدات السكنية في العاصمة, وتحتاج مختلف مناطق المملكة إلى 150 ألف وحدة سكنية سنوياً، وذلك وفقاً الإحصاءات والدراسات. وتتوقع خطة التنمية القومية الثامنة أن الطلب على العقارات السكنية سيقف في المستقبل عند مليون وحدة خلال الفترة ما بين عامي 2005 و2009، أي بمتوسط زيادة بلغ 200 ألف وحدة سنوياً. الأمر الذي يتطلب مساحة تقدر ب 280 مليون متر مربع و500 مليار ريال من الاستثمارات لبناء مليون وحدة سكنية كما تشير توقعات سوقية أخرى إلى حاجة ماسة وفورية لما يزيد على نصف مليون وحدة سكنية لإعادة التوازن إلى السوق. وتحتاج السوق العقارية إلى 5.4 مليون وحدة سكنية جديدة بحلول عام 2020م بحسب إحصاءات لوزارة التجارة والصناعة، فيما يتوقع البنك الأهلي السعودي بناء نحو 2.3 مليون وحدة سكنية حتى عام 2020 بمعدل 145 ألف وحدة سكنية سنوياً، وبحجم استثمارات يصل إلى تريليون ريال سعودي.