يترقب المستثمرون في دول الخليج العربي ما سيسفر عنه استفتاء 23 حزيران (يونيو) المقبل، وسيحدد البريطانيون من خلاله بقاء بلادهم ضمن الاتحاد الأوروبي أو خروجها منه، لاتخاذ قرار في ما يتعلق باستثماراتهم في المملكة المتحدة، (130 بليون جنيه استرليني)، أو تلك التي يخططون للقيام بها. وأكد مستثمرون ومسؤولون من المنطقة ل «الحياة»، أن سيناريو خروج بريطانيا، في حال تحقق، سيؤثر سلباً في قرارات المستثمرين العرب عموماً ومنطقة الخليج خصوصاً. وقال الخبير الاقتصادي ناصر السعيدي إن لخروج بريطانيا من الاتحاد «تبعات سلبية على اقتصاد بريطانيا نفسها، إذ أن 45 في المئة من صادراتها موجهة إلى أوروبا، وأن خروجها سيضطرها إلى إعادة التفاوض على أكثر من 60 اتفاقاً تجارياً مع دول العالم بما فيها دول الاتحاد ودول الخليج، بالإضافة إلى الانعكاس السلبي على الجنيه الاسترليني». وأشار إلى أن «بريطانيا استفادت من تدفق الاستثمارات واليد العاملة الماهرة لأنها جزء من الاتحاد الأوروبي، وأن مرحلة عدم الوضوح التي ستشهدها المملكة المتحدة في حال خروجها من الاتحاد، ستبعد المستثمرين عنها، بينهم المستثمرون من منطقة الخليج». ولفت السعيدي إلى ان بريطانيا لم تعد البلد المهيمن استثمارياً بالنسبة إلى الصناديق السيادية الخليجية، كما كانت الحال قبل 15 سنة، على اعتبار ان بوصلة الصناديق السيادية الخليجية باتت تتجه أكثر إلى آسيا، وعلى رغم زيادة الاستثمارات الخليجية في القطاع العقاري، من المتوقع أن تتراجع توظيفات الصناديق السيادية بقوة في حال خروج بريطانيا من الاتحاد، لأن من المرجح ان تتدنى أسعار الأسهم والسندات، جراء سحب المستثمرين أموالهم، كذلك أسعار العقارات». وتوقع أن يتراجع معدل تدفق الاستثمارات الخليجية إلى بريطانيا بنسبة تراوح بين 20 و30 في المئة، في حال قررت بريطانيا الخروج، وأن «يعيد المستثمرون النظر في استثماراتهم الموجودة في الأسهم والسندات». ورجح نائب رئيس مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة دبي هشام شيراوي، أن تتأثر الاستثمارات الخليجية المرتبطة بالاتحاد الأوروبي فقط، أما «الاستثمارات داخل بريطانيا نفسها فلن تتأثر، لأنها مرتبطة بتفاهمات وعقود سابقة. وبعدما فرضت الحكومة الأميركية قيوداً صارمة، بعد أحداث 11 أيلول (سبتمبر) 2001 على حركة الأموال الأجنبية، خصوصاً العربية، وتجميد كثير من حسابات الأجانب في المصارف الأميركية، وتشديد الإجراءات على حرية السفر ودخول الأفراد إلى الولاياتالمتحدة، حول الخليجيون بوصلة استثماراتهم إلى دول أوروبا، خصوصاً بريطانيا، لما اتصفت به من مناخ أفضل وآمن وعائدات أكبر، ولأنها أكثر ترحيباً باستثماراتهم. وقدرت المصادر إجمالي الاستثمارات الخليجية في بريطانيا بأكثر من 130 بليون دولار، مقابل 100 بليون دولار في 2012. وتركزت تلك الاستثمارات، خصوصاً السعودية منها، في مجال النشاط العقاري وأسواق المال والمصارف. ودفعت الاضطرابات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط وتراجع أسعار النفط المستثمرين العرب الأفراد إلى التوجه نحو الخارج بحثاً عن مصادر دخل آمنة وعائدات مالية عالية، فكان القطاع العقاري البريطاني الوجهة الأساس لهم، إذ سجل العام الماضي أرقاماً قياسية بحجم الاستثمارات من المنطقة، على رغم الضرائب العالية التي تفرضها بريطانيا على العقارات، وهي أعلى من الضرائب في أي دولة غربية أخرى، وتشمل رسوم البلديات المحلية ورسوم التمغة وضرائب الإرث والقيمة المتزايدة لرأس المال. وجاء المستثمرون الكويتيون والإماراتيون والقطريون في الطليعة بشرائهم عقارات بريطانية بقيمة 5.9 بليون جنيه استرليني على الأقل خلال الأشهر ال 11 الأولى من العام الماضي، مقارنة ب4.8 بليون جنيه استرليني في عام 2014، وفق شركة «سافيلز» الدولية للاستشارات العقارية في بريطانيا. وعلى رغم أن حجم الاستثمارات الشرق أوسطية لا يزال دون الاستثمارات الأميركية والآسيوية، إلا أنها ساهمت في شكل لافت في طفرة التدفقات الخارجية والتي ساهمت في زيادة قيمة السيولة في بريطانيا. وبخلاف توقعات السعيدي وشيراوي، توقع رجل الأعمال سعيد العابدي، أن لا تتأثر الاستثمارات الخليجية في كلتا الحالين، لأن «لندن ستبقى عاصمة اقتصادية وسياسية واستثمارية مؤثرة بالنسبة إلى العالم العربي، بغض النظر عن النتائج». وعن تأثير التغير الضريبي للمملكة المتحدة ذلك على المستثمرين العرب، أكد العابدي، أن معظم الاستثمارات الخليجية، تأسس خارج المنظومة البريطانية، في المناطق الحرة التابعة لبريطانيا».